هيئة مكافحة الفساد ... شرعت لمكافحة الفساد بكافة أشكاله

بقلم: علي ابوحبله

الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحده ، لا بل إن الفساد هو اشد فتكا من الإرهاب في حياة المجتمع ، لان الفساد هو تدمير لمكونات المجتمع والفساد هو من اخطر ما يواجهه المجتمع ، فلا بد من مواجهته والتصدي له ، لان الفساد إن استشرى يصبح أفه كغيرها من الآفات المضرة بسلامة المجتمع ، إن تعريف الفساد هو سوء لاستخدام السلطة أية كانت رسميه أو مدنيه وذلك من اجل تحقيق مصالح ذاتيه وهذا بحد ذاته هدر للمال العام وإيقاف عجلة التنمية ، والفساد بحقيقته وواقعه يعد فعل خاطئ ، إن سياسة التحكم والتفرد في اتخاذ القرار وانعدام الشفافية هما العاملان في انتشار الفساد ، والفساد هو فعل جرمي كما حددته مواثيق الأمم المتحدة التي وضعت إطار دوليا لمكافحة الفساد والرشوة بكل أنواعها فقد تبنت إعلان «الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والرشوة» المتخذ في الجمعية العامة في جلستها 86 بتاريخ 16 ديسمبر /كانون الأول 1996 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3514 (د -30) بتاريخ 15 ديسمبر 1975 الذي يدين كل الأنشطة الفاسدة بما فيها الرشوة. لأنه يهدد طاقات البلد ويبدد الثروات ويدمر مكونات الاقتصاد ، إن قانون هيئة مكافحة الفساد الفلسطيني جاء متوافقا مع مواثيق الأمم المتحدة ومستندا إلى ما نصت عليه قرارات الأمم المتحدة وذلك لأجل محاربة ومكافحة الفساد ، وقد عرف قانون هيئة مكافحة الفساد الفلسطيني ، الفساد يعتبر فسادا لغايات تطبيق هذا القانون ما يلي :- الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة ألعامه والجرائم المخلة بالثقة ألعامه المنصوص عليها في قوانين العقوبات السارية ،(2 ) الجرائم الناتجة عن غسل الأموال المنصوص عليها في قانون غسل الأموال ، (3 ) كل فعل يؤدي إلى المساس بالأموال ألعامه ، (4 ) إساءة استعمال السلطة خلافا للقانون ، ( 5 ) قبول الواسطة والمحسوبية التي تلغي حقا وتحق باطلا ،( 6 ) الكسب غير المشروع ، ( 7 ) جميع الأفعال المجرمة الواردة في الاتفاقات العربية والدولية لمكافحة الفساد التي صادقت عليها أو انضمت إليها السلطة الوطنية الفلسطينية ، وقد تم تعريف الواسطة والمحسوبية :- في اتخاذ الموظف قرارا أو تدخلا لصالح شخص أو جهة غير مستحقه وتفضيلها على غيرها لاعتبارات غير مهنية كانتماء الحزبي أو العائلي أو الديني أو الجهوي للحصول على منفعة ماديه أو معنوية ،قانون هيئة مكافحة الفساد الفلسطيني لم يستثني أحدا من المسائلة والمحاسبة وان الجميع تحت المسؤولية مهما كانت مراكزهم ومواقعهم ، إن المسؤولية الاخلاقيه والقانونية تقع على عاتق أفراد المجتمع لمواجهة ومحاربة الفساد والتبليغ عنه ، أما أشكال الفساد فإنها تعني ممارسة الفساد عبر المستوى الوظيفي أو المهني لمن يقوم بأعمال فساد، والدائرة التي يتم التحرك بها في ممارسة الفساد بأشكاله المتعددة التي منها الرشوة سواء أكانت نقدية أم عينية بغية تجاوز النظم والقوانين وهذا هو جوهر ظاهرة الفساد وأوسع مظاهره شيوعاً وارتكاباً.

أما المحسوبية فإنها تتبدى عبر التوزيع غير العادل للموارد وإشغال الوظائف من قبل غير المؤهلين ، والمحاباة غير الموضوعية للأقارب والأصدقاء، أما أشد أنواع المحسوبية خطراً فهي المحسوبية الدستورية حيث يتم حصر سيادة القانون بالبعد الإجرائي المقتصر على تطبيق منطوقة دون أن يمتد في معناه الأسمى إلى العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص فكلما كان المجتمع مستقراً وتوزيع الثروة عادلاً ساد القانون وترسخ دون الحاجة إلى القوة الخشنة.

 

أما الابتزاز، فتعريفه أنه انتزاع شيء ذي قيمة قسراً مقابل عدم استخدام السلطة أي عدم تعريض الآخرين أو مصالحهم للمساءلة القانونية.

 

فالاختلاس، هو الاستيلاء على ماهو ذو قيمة اقتصادية من حامل الوظيفة العامة لأن المختلس لايستطيع الاستيلاء على مايريد إذا لم يكن ذا نفوذ سلطوي يمكنه من ذلك، ولابد أن يكون في علم الجميع أن الاختلاس ظاهرة تفوق فساد الرشوة تأثيراً لأنها نهب منظم واستنزاف مستمر لما هو عام، إنه توسيع لنطاق الأعمال الخاصة على حساب المصلحة العامة لذوي النفوذ.

 

أما الاحتيال، فهو تشويه أو تزييف للمعلومات والحقائق لتحقيق منافع خاصة وله أشكال متعددة الأطراف والاتجاهات وأخطرها احتيال ذوي النفوذ لأن هذا الاحتيال يلحق الأذى بأفراد المجتمع ويخل بالثقة العامة وينهي كل مصداقية، لكن الفساد له نوعان من المستويات: الفساد على المستوى الكبير وهو الفساد السياسي، والفساد على المستوى الصغير وهو الفساد الإداري.

 

أما الفساد الكبير فهو انحراف بالسلطة بعيداً عن الحق والعدل وتحقيق حماية ذوي النفوذ الاقتصادي وهنا يتبين لنا سبب تهافت رجال المال والأعمال على المناصب ذات الحصانة لأن كل مزاياهم أنهم أغنياء فقط قادرون على شراء الأصوات الانتخابية.

 

أما الفساد الصغير فهو الفساد الإداري الذي يستشعره أبناء المجتمع بشكل حسي كل يوم لدى مراجعة أي جهة من الجهات الرسمية أو شبه الرسمية ومنها الجهات المالية والوحدات الإدارية والدوائر العقارية والمستشفيات العامة وغير ذلك الكثير، إنه فساد صغير لأنه صادر من جهات مسئولة تملي على الموظف الصغير رغبتها وتفسح المجال أمام هذا الموظف صاحب التعامل مع الناس لممارسة الفساد وصولاً إلى علنية الممارسة الوقحة للفساد، وعندها يصبح الفساد الكبير هو الراعي والحامي للفساد الصغير والمدافع عنه والحاضن له والمنمي لأساليبه إنه الفساد القائم بشقيه الكبير والصغير في معظم المجتمعات العربية، حيث يتسلل إليها فارضاً ذاته وأجهزة امتصاصه بين جوانبها.

 

والفساد هنا نجده مرتبطاً بمداعبة العواطف والشهوات وإشباع الرغبات بعيداً عن إعمال العقل الذي إذا توارى توارت معه كل المبادئ والقيم.

أما ساحة نشاط الفساد فهي في نطاقيه العام والخاص، فساحة فساد النطاق العام تكون لدى الجهات الرسمية ويكون من يمارس الفساد موظفاً أو عاملاً أو مسئولا بهذه الجهة العامة.

 

وساحة الفساد في النطاق الخاص يكون بين أفراد المجتمع والمؤسسات الخاصة حيث تتراجع قيمة العمل لتحل محلها الوصولية والانتهازية المؤدية إلى الإحباط المجتمعي العام وهنا تبرز أهمية محاصرة الفساد العام والخاص لأن محاصرته شرط أساسي لتطويق الفساد الخاص حيث إن الفساد في نهاية الأمر هو إفساد المؤسسات الاقتصادية والسلطوية والثقافية.

وهنا مكمن خطر الفساد وفعل المفسدين الذي هو آفة تضر بالمجتمع وتعمل على تدمير حياة المواطن وتأخير بناء الوطن وتقدمه لان الفساد يعمل على تدمير كل مكونات المجتمع ، والفساد هو خيانة وطنيه لأنها تمس سلامة الوطن والمجتمع ، إذا ترك الفساد يستشري فهو مرض خطير ويصبح مرض عضال يصعب استئصاله بحيث يضرب كل مناحي الحياة وهذا يتطلب من الجميع الوعي والإدراك لخطورة الفساد مما يتطلب وعي المجتمع ضمن حمله وطنيه لدرء مخاطره المحدقة بالوطن حاضرا ومستقبلا ، على كل أصحاب الضمائر الحية في المؤسسات الحكومية والنقابات والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني التعاون مع هيئة مكافحة الفساد حيث كفل قانون هيئة مكافحة الفساد الحماية للمواطن الذي يتقدم بالشكوى أو التبليغ أو الإخبار عن حالات الفساد ، إن تعاون المجتمع بكافة فئاته وشرائحه كفيل لمكافحة ظاهرة الفساد ووضع حد له وان وعي وإدراك المواطن لهذا الخطر ما يبعد خطر الفساد على الوطن وأجياله إذا ما عملنا على مكافحة الفساد بكافة أشكاله لان الفساد آفة اجتماعيه وسياسيه يجب محاربتها والتصدي لها ومكافحتها بكل الوسائل والسبل استنادا لقانون هيئة مكافحة الفساد الفلسطيني.