خصومات رواتب غزة وكلام في الصميم

بقلم: رائد موسى

لا أريد أن اكرر هنا ما يعلمه الجميع بان موظفي قطاع غزة الحكوميين توقفوا عن ذهابهم لأماكن عملهم بناء على قرار رئاسي ومن الطبيعي ألا يلومهم أي طرف رسمي، ولكنني هنا أريد أن استوضح طبيعة ذلك العمل الذي توقف الموظفون عن أداءه، بتساؤلي: هل عدد موظفي السلطة الفلسطينية في الضفة وغزة يتناسب مع حاجة الخدمات التي يؤدونها؟ أم ان معظم موظفي السلطة هم في الواقع عبارة عن "بطالة مقنعة"؟ وكما هو معلوم "البطالة المقنعة" هي ظاهرة طبيعية موجودة في معظم دول العالم الثالث وليست عيبا، فمصطلح بطالة مقنعة يعني بطالة نلبسها قناع العمل، بهدف خلق فرص عمل لآلاف الخريجين في بلد شحيح الموارد وفي الحالة السياسية الفلسطينية الورقة الرابحة الوحيدة لدينا هي تعزيز صمود المواطن الفلسطيني على أرضه، فلا يعيبه أن يبقى جالسا في بيته وأرضه، لا يمارس سوى البقاء والتشبث في الأرض في مواجهة التهويد الصهيوني لفلسطين، ولكن كي ينمو المجتمع بشكل صحي سليم تم خلق معظم الوظائف الحكومية، بصورتها المتضخمة تلك، وأنا هنا أتحدى أكثر من نصف من يذهبون إلى أعمالهم بأنهم يعلمون تلك الحقيقة والجميع يعلم بان معظم مؤسساتنا الحكومية لو سرحت معظم موظفيها مع احتفاظهم برواتبهم، لن تتوقف عجلة الحياة في المجتمع ولن يتوقف ولا يتراجع لا إنتاج ولا تصدير ولا اقتصاد ولا سياحة ولا اتصالات.
فلذلك النتيجة الطبيعية هنا من توقف نصف أو معظم الموظفين في غزة عن أعمالهم بأنهم وفروا على الموازنة العامة كهرباء وشاي وقهوة واتصالات وتكلفة مباني وأثاث، وخففوا وجع رأس عن القيادة، ولو جلس أيضا نصف الموظفين في الضفة الغربية سيوفرون المزيد أيضا.
أما قضية العلاوات فالجميع يعلم بأنه تم ابتداعها لتحسين الراتب وليس لمسماها الحقيقي، فلذلك اعتقد بان الموظف بحاجة لعلاوة بدل ضرر نفسي والذي أصيب به نتيجة خلل سياسي داخلي يتحمل مسؤوليته القادة السياسيين، فجميعنا يعلم بان الجلوس دون ممارسة عمل له أضرار نفسية واجتماعية وصحية، وإذا كان منطق الخصم قائم على ان الموظف لا يقوم بمسؤولياته مقابل المال الذي يتلقاه فهنا أيضا وبنفس المنطق أطالب بالخصم من علاوات جميع المسئولين الرسميين الذين لا يمارسون مسؤولياتهم بشكل كامل تجاه قطاع غزة، فهناك أزمة مياه وكهرباء وأزمة سياحة واقتصاد... وأزمة حقوق مدنية فالمواطن في غزة محروم من المشاركة السياسية والانتخاب ومحروم من حقه بالتنقل داخل وطنه وخارجه وحقه بالصلاة في مقدساته...، فلذلك لماذا معظم وزرائنا يمارسون نصف إشراف على نصف الوطن فقط، ولا يتم خصم نصف علاواتهم الإشرافية !!! إذا تحدثت بنفس المنطق المعمول به تجاه موظفي غزة.
في النهاية أريد أن انوه وأؤكد على ما حذر منه العديد من مثقفي الوطن وهو ضرورة مقاومة رغبة الاحتلال في فصل قطاع غزة بشكل كامل ونهائي عن الضفة الغربية لما يمثله قطاع غزة من وزن ديموغرافي يعزز قوة الجانب الفلسطيني في الصراع مع الاحتلال، ولذلك نتوتر ونتعامل بحساسية بالغه مع أي تمييز بين الضفة الغربية وقطاع غزة من الجانب الرسمي، والحل الطبيعي يكمن بالعودة للشعب مصدر السلطات، ومن يرفض ذلك فهو مغتصب للسلطة ومتآمر ومتساوق مع رغبات الاحتلال، ولربما أداة من أدوات الاحتلال.