ترميم التحالف الأمريكي- الإسرائيلي- السعودي

بقلم: راسم عبيدات

واضح بان زيارة كيري الى اسرائيل والسعودية،كان لها علاقة بترميم التحالف الثلاثي،الذي ظهرت عليه علامات الإهتزاز بعد تخلي امريكا عن توجيهها لضربة عسكرية لسوريا على خلفية ما يعرف بكيماوي الغوطة،الذي فبركه ولعب دوراً بارزاً فيه مسؤول المخابرات السعودية بندر بن سلطان،وبعد توقيع الاتفاق- الإيراني الأمريكي المؤقت،وفي كلا الحالتين فهذا يعني تراجع في مكانة ودور اسرائيل والسعودية على المستوى الشرق اوسطي والإقليمي والدولي،ولذلك وجدنا بأنهما حاولتا نسج تحالف جديد من خلال الإصطفاف مع فرنسا،ومحاولة فرملة توقيع الإتفاق بين ايران ومجموعة الست الكبرى،وقد شنت كل من السعودية واسرائيل حملة اعلامية كبيرة على الاتفاق،وسعيتا الى افشاله،حيث يناط بالسعودية مسؤولية تفجير الساحة اللبنانية ودفعها نحو الاحتراب الطائفي والمذهبي،والقيام بعمليات اغتيال وتصفيات لقيادات ورموز من حزب الله والأطراف المقربة منه،ومن هنا كانت معارك طرابلس واغتيال حسان اللقيس، لدفع حزب الله الى الرد على ذلك،وقيام اسرائيل بشن حرب شاملة عليه مستغلة انشغال الحزب في الحرب الى جانب سوريا في معاركها ضد المجموعات الارهابية والتكفيرية من جبهة نصرة وداعش والقاعدة وغيرها،ولعل الضغوط التي مارستها اسرائيل والسعودية على امريكا خلصت الى مجموعة من النتائج يقف في مقدمتها بان ثمرة هذا الاتفاق يجب ان يدفع ثمنها الفلسطينيون،وبما يهدأ من روع اسرائيل من الاتفاق الايراني- الأمريكي،بحيث ظهر جلياً ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده كيري مع نتنياهو وكانت ضحكة نتنياهو بعرض وجه،حيث اكد كيري على التزام امريكا بامن اسرائيل،وان مشروع الحل الذي يحمله يستجيب لكل اشتراطات ومخاوف اسرائيل الأمنية،أي رؤية كيري للحل والتسوية فقط من منظور اسرائيلي،ولذلك اعلن كيري بأن عدم موافقة السلطة على خطته للحل،من خلال بقاء تواجد عسكري اسرائيلي دائم في الأغوار وقوات مشتركة اسرائيلية امريكية - فلسطينية - أردنية على الحدود والمعابر،وتاجير الأغوار للإسرائيليين لمدد لا تقل عن اربعين عاماً،فهذا يعني عدم إطلاق سراح الدفعة الثالثة من الأسرى،وبما يؤكد ما قلناه سابقاً عن موافقة السلطة الفلسطينية،رغم نفيها المتكرر على ربط شرعنة الإستيطان بإطلاق سراح الأسرى القدماء،ومن ضمن ترميم علاقات كيري بالسعودية،ان تكون عراب التسوية على الجبهة الفلسطينية - الإسرائيلية،بحيث تقوم بدفع 10 مليارات دولار لإسرائيل مقابل وقف الإستيطان لمدة ستة شهور،وعشرة مليارات اخرى لتمويل إستعدادات الحرب العدوانية التي ستشنها اسرائيل على حزب الله،وبالمقابل تتعهد امريكا بعدم توقيع الاتفاق الإيراني- مع مجموعة الست بشكل نهائي ودحر ذلك لأطول مدة ممكنة،وتطلق يد السعودية في تمويل وتسليح ورفع درجة الإرهاب والقتل في سوريا،من اجل تحسين شروط التفاوض في مؤتمر جنيف(2)،شريطة ان تقوم امريكا بدفع وتاجيل إنعقاده حتى نيسان القادم،اسرائيل والسعودية وبدعم ومساندة امريكية عليهما تحقيق إنجازات جدية على تلك الجبهات حتى نيسان القادم،والفلسطينيين سيكونون الخاسر الأول من تلك الإتفاقيات،فامريكا والسعودية ستتوليان الضغط على السلطة للتسليم بالشروط الإسرائيلية-الأمريكية للتسوية،وسنكون نحن أمام مشروع أخطر من أوسلو،مشروع يصفي القضية الوطنية،فكيري يتبنى مشروع نتنياهو بالكامل عن السلام الإقتصادي،ويحول حقوق شعبنا وقضيتنا الوطنية والتحرر من الإحتلال الى قضية تجارة أراضي وعقارات واستثمارات وحسن سير وسلوك للسلطة الفلسطينية،بالقدر الذي تلبي وتقوم بواجبها تجاه حماية امن اسرائيل،تمنح قطع أراضي إضافية في منطقة ج،الدفعة الأولى 20 ألف دونم،تجري فيها مشاريع إستثمارية بإشراف امريكي.
والسعودية بدأت تتحرك على هذا الأساس،حيث طرحت على دول مجلس التعاون الخليجي الإنتقال من التعاون الى الإتحاد،لكي تغلق على مواقف دول الخليج بالقفل لمصلحتها،ضد أي محاولة لأي طرف خليجي لفتح حوار او تطوير للعلاقات مع إيران،الأمر الذي أثار حفيظة عمان واطراف عربية خليجية اخرى،ورفضت هذا الطرح السعودي،مما حدا بالسعودية إلى إتهام عمان وايران بتخريب امن الخليج،وواضح من ما تقوم به السعودية واسرائيل وامريكا،حيث تتكثف اللقاءات والتنيسق والزيارات الأمنية والسياسية بين الأطراف الثلاث،بأن هناك تطورات قد تحدث،وتدفع نحو عدم التصديق على الإتفاق الإيراني مع مجموعة الست،وخصوصاً ان ايران قالت بشكل واضح بان أي عقوبات إضافية على طهران،تعني نهاية الإتفاق،وبعض القيادات السعودية مصممة على التصعيد العسكري في سوريا ولبنان،لمنع توقيع جنيف(2) قبل حدوث إختراق عسكري يعدل من ميزان القوى لصالح حلفائها في سوريا،حيث ان الذهاب الى جنيف(2) حالياً، يعني التسليم بالشروط السورية،وبقاء الرئيس الأسد على رأس النظام،وهي التي سعت إلى إسقاطه،ليس من منطلقات مذهبية وسياسية،بل هناك ثأر شخصي،حيث ان الأسد وصف حكام السعودية،بعد الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل على المقاومة اللبنانية وحزب الله في تموز/2006 ،بانهم أشباه الرجال،وهي لا تحتمل رؤية الأسد على رأس نظام،بعد كل ما صرفته من مليارات من اجل إسقاطه وتدمير سوريا.
في إطار عملية الترميم تلك،فإن الحلقة الأضعف لهذا التحالف،هو الحلقة الفلسطينية،تك الحلقة التي انيطت مهمة تطويعها لقطر في القمة العربية الأخيرة في الدوحة،ولكن الفشل القطري في معالجة الملف السوري،وحلول السعودية مكانها،نقل هذا الدور للسعودية،والتي توثق علاقاتها مع اسرائيل،لدرجة التزاوج على حد وصف صحيفة امريكية،وهي من سيتولى تطويع الحلقة الفلسطينية،وجعلها تستجيب لشروط الحل والتسوية الإسرائيلية- الأمريكية.
والقيادة الفلسطينية الحالية للسلطة،فعدا عن كونها في أشد حالة الضعف،فهي غير مغطاه لا فصائلياً ولا شعبياً فأي موافقة لها على المشروع الإسرائيلي المغلف امريكياً والمدعوم سعودياً،لا يعني اكثر من انها ستنتحر سياسياً،ولذلك بات مطلوباً منها أن تعود عن هذا الخيار العبثي والمدمر،وتغلق هذا الخيار والنهج،وليقرر الشعب الفلسطيني خياره ومصيره،فهو من صنع الإنتفاضة الأولى،وهو من كان وقود انتفاضتها الثانية،والشعب لا يخطىء البوصلة،فهل تدرك القيادة الفلسطينية حجم الجريمة التي سترتكبها،بإستمرار السير في طريق الحل الأمريكي- الإسرائيلي،ام ستستمر تلهث خلف سراب والمقامرة بالمشروع والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني؟؟؟.

القدس- فلسطين
10/12/2013
0524533879
[email protected]