مـاذا يـحـدث فـي قـطـاع غـزة المـحـاصـر ..؟

لم يعد هناك شيء إلا وأصاب قطاع غزة من ازمات وكوارث وحروب وحوادث وانقسامات واقتتال وتدمير وخراب وموت واضمحلال للحياة.

ولأنه (القطاع) بعيدا جغرافيا وبيولوجيا عن البراكين والفيضانات والزلازل فلم تصبه لان ما اصابه اشياء تكاد تكون اكثرا ترويعا مما سبق في ظل استمرار الحصار الاسرائيلي الخانق منذ سبع سنوات واغلاق انفاق التهريب على الشريط الحدودي مع جمهورية مصر العربية.

لا يستطيع اي احد ان يخفي قسوة الاحداث والظروف المعاشة في قطاع غزة فقيرا ام غني محتاج او عفيف، في ظل انقطاع التيار الكهربائي وفقدان مقومات الحياة الاساسية.

فسير الحياة يصعب وصفه في لفيف كلامات تنسى بعد قراءتها بسبب حلكة الاوضاع المعيشية والخدماتية التي يسير بها سكان قطاع غزة .

تقارير المنظمات الدولية  والمؤسسات المحلية لم تخف قلقها الشديد حيال هذه الاوضاع المزرية، فلا كهرباء ولا ماء صالحة ولا قيود فكت ولا صلح تم، ولا هدنة رسمية، والمحروقات صعبة المنال، لم يبق إلا ان يقال ان غزة لا تصلح للموت، والأحلام كثيرة.

"وكالة قدس نت للأنباء" تجولت في شوارع شمال قطاع غزة لتحدث السكان عن آرائهم حول الاوضاع، فقالت المدرسة الحكومية سامية، "أنا لا أرى شيء حسن للأسف حتى الموت هنا غير صالح، ولكن مع ذلك لن ادع ابنائي يهاجروا ولن اكون نذير سوء لأبنائي سوف نستمر في العيش مع التيار أو ضده".

وعن وضعها قالت لمراسلنا، "انا مدرسة واشعر بسوء الحياة وقسوتها فما بال المواطنين العاديين .. الله يعين الناس بجد".

اما السائق اكرم عوني فقال "اذهب كسائق أجرة وبطلع من صراصير الصبح  عشان انهي يومي واجلب سعر دخاني وربطة الخبز للمنزل فقط، انا اعلم ذلك ولكني مستمر في الحياة حتى اموت على هذا(..) المحروقات غالية جدا تذهب للعمل والكهرباء قاطعة وترجع وهي قاطعة اصبحنا نحلم باشياء واجبة ان تتوفر لنا، أصبحت اتمنى اشياء سيئة ".

الطالبة الكفيفة بثينة السوافيري من مدينة غزة قالت "انا كفيفة والحمد لله، ولكن اشعر بصعوبة الحياة من أفواه المارة ومن قسوتها اصبحت اشعر اني لست كفيفة عندما اريد شحن اغراضي بالكهرباء لا اجدها، لقد اصبحت معزولة والطموح حيال مستقبلي مجهول فما بال الاصحاء".

وأضافت متحدثة لمراسلنا "اصبحت الاماني لا تلوح في مخيلتي لان الوضع صعب هنا، لا ادري ماذا افعل، انا حزينة للغاية واستيقظ وادعي على المسئولين في جوف الليل".

المتضامنة الفرنسية سارة والتي تمكث في قطاع غزة قالت باللغة الانجليزية بنكهة فرنسية "انا اشعر ان التاريخ عاد بي للعصر الحجري، ماذا يحدث هنا! هل تقطع الكهرباء ونحن في 2014 هذا امرا لا يصدق،  ماذا يفعل المسئولين في مكاتبهم، انا لا اسمع إلا تذمر المواطنين، لو كان هذا الامر في فرنسا لأعدم الرئيس".

الشاب الميسحية ماريا قالت "الناس هنا مجتمعين مسلمون ومسيحيون نحن نعيش حياة سيئة، لا اعرف ماذا اقول والكل يرى المعاناة، ادعو الرب ان يقف معنا، والتخلص من الزبانية السيئين والوصول الى مستقبل يضمن كرامة العيش لأطفالنا".

ابو زكريا الضابط في حكومة غزة في مركز جباليا رأى بانه " يجب ان نحتمل لأننا لم نعاني شيء مما عناه الرسول صلى الله عليه وسلم في حصاره وربط الحجارة على معدته"، وقال " يجب ان نصبر لأن الله يبتلي عباده المخلصين"، مستشهدا بعدة آيات قرآنية.

وفي معرض رأي الدعاة في قطاع غزة قال الشيخ طاهر لولو،" في ظل الاوضاع السيئة والازمات الخانقة التي تعصف بقطاع غزة ينطبق علينا الحديث الشريف (مَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ) .

واوضح بانه "قدم النصيحة الى اسماعيل هنية  رئيس الوزراء في حكومة غزة التي تقودها حركة حماس وقدم استمع للنصيحة، مع رفض البعض الجلوس للاستماع اليها في ذلك الوقت."

وعن النصيحة التي قالها لهنية " فضل لولو عدم ذكرها وقال "جلست مع هنية اكثر من مرة وكذلك نصحته مرات عديدة في اكثر من موضع، وتلقاها بصدر رحب ولكن الأوضاع اكبر من ان ينفذ النصائح(..)الظلم كبير ويطغى على الخير".

الطبيب والداعية لولو المقرب من حركة الجهاد الاسلامي قال لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، "هذا الحديث (الشريف) ينطبق علينا في غزة لان الناس لم تعد تحب بعضها ولو كان ذلك ، لما كان الحال مثلما هو اليوم، مستشهدا بالآية الكريمة(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى). طه 124

ولفت لولو والذي أبعد الى جنوب لبنان برفقة هنية عام 1992 " في الاصل طالما الانسان يسير مع الله  يكون الله معه ويحفظه، وطالما الانسان بعيد عن الله في الدنيا والاخرة، وهذا ما يحدث هنا حيث الجميع مبتعد عن الله وشرع الله فمن الطبيعي ان تجد الاوضاع سيئة للغاية للأسف الشديد".

وعن تمني  بعض المواطنين حدوث تصعيد مع اسرائيل حتى تخف الازمات قال " المفترض عدم تمني لقاء الاعداء  مستعينا بالحديث الشرف ( لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا). وليس علينا الدعاء بلقاء العدو بل علينا ان ننصح الحكام والامراء والمسؤولين ان يعدلوا".

وحول عدم الاستماع للنصيحة قال لولو والذي يبث له برامج دينية اسبوعية عبر عدة اذاعات محلية " الانسان عندما لا يقبل النصيحة لا يكون ملتفت  لأمور المسلمين، بلا شك سيكون هناك ظلم وعدم استقرار للحياة والشقاء نصيب عامة الناس، مع ذلك لا بد من نصيحة للحاكم لان قول الحق واجب وان كان مرا ولكن اذا كانت البطانة التي تلفه سيئة يكون هو أسوء منها، واذا كانت البطانة خيرة وحسنة يكون فيها وفيها الصلاح والخير للمسلمين".

وعن احول الشباب في غزة قال لولو الذي يدير مؤسسة خيرية " الشباب يحملون طاقة كبيرة وفعالة ويريد ان يستغلها، فهذه الطاقة يتطلع أن يفعلها بأفضل واحسن طريقة يراها حتى لو كانت الهجرة الى بلاد اخرى، وللأسف الشديد لا يوجد ما يمكن ان يفعلها في ظل الحصار والتضييق وصعوبة العيش في الاراضي الفلسطينية".

 

تقرير/يوسف حماد

المصدر: غزة- وكالة قدس نت للأنباء -