نسأل ونتوقف ونتحدث وننتظر هل من شيئ نستفيد منه وخاصة ان جولات وزير الخارجية الامريكي اصبحت واضحة والمراهنة على اي مشروع امريكي سيكون كارثة على المستوى الفلسطيني ، وخاصة ان الجمعية العمومية للآمم المتحدة اصدرت خمس قرارات خاصة بفلسطين والتي تضاف إلي جملة قرارات كثيرة اتخذت بحق فلسطين، واعتبار عام 2014 هو عام التضامن مع الشعب الفلسطيني ، مما يتطلب متابعة هذه القرارات في الامم المتحدة حتى تلزم دولة الاحتلال بتمكين الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإنهاء الاحتلال. لان هذا القرار مهما وضروريا لدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني،باعتباره الشعب الاخير المحتلة ارضه والمستعمر باستيطان عنصري حاليا. وإعادة تشكيل رأي عام عالمي من جديد، وحملات تضامن اممية في كل المعمورة.
ان الهدف الامريكي اصبح واضح بانحيازه الاعمى للكيان الصهيوني بهدف الوصول الى تسوية مرحلية للقضية الفلسطينية لا تحقق اي امال للشعب الفلسطيني سوى تثبيت الوقائع على الأرض، بكل الوسائل المتاحة، ومن دون أدنى التزام بأبسط المعايير والقيم والقوانين والمعاهدات، وبذلك يكون قد قضى على اي أمل بدولة فلسطين فوق الأرض المحتلة عام 67 ، وهذه التسوية هي انتاج مشروع بيريز القديم بتعديلات "عصرية" بعيدة عن المسائل المتعلقة بالقدس وعودة اللاجئين.
ليس هناك من أفق للمفاوضات ، مما يتطلب العمل الجاد نحو انهاء حالة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية ووقف كافة أِشكال التفاوض، واستكمال خطوات الأمم المتحدة على المستوى السياسي كبديل للمفاوضات وتعزيز وحماية مقاومة الشعب الفلسطيني وتمكينه من حقه في تقرير مصيره، حتى يتم الاستفادة من صيغة دولية تضم على الخصوص الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لرعاية المفاوضات كتلك التي أفضت إلى اتفاق جنيف الإيراني – الغربي، بدلاً من الرعاية الأمريكية الحصرية.
ان ما يسود الوضع الفلسطيني تشاؤم مبرر حول الحالة الفلسطينية، تعود مسبباته أولا إلى استمرار السياسات الاحتلالية من قتل وأسر وهدم واستيطان ، وثانيا إلى قناعة باتت أشبه بإيمان بعدم جدوى المفاوضات مع كيان عنصري لم يغر أهدافه بالاستيلاء على الأرض وطرد سكانها، وان المفاوضات ستبقى تراوح مكانها ولا بد من موقف استراتيجي فلسطيني يقود للخروج من مأزق تلك المفاوضات ورفض كافة الضغوط وفرض أمر واقع على إسرائيل لمقاضاتها ومساءلتها أمام المجتمع الدولي وتحميلها للمسؤولية عن احتلالها للأراضي الفلسطينية وتسببها بتوتر الوضع الدولي والإقليمي خاصة وان المجتمع الدولي يعتبر الاستيطان وما تقوم به إسرائيل مخالف لكافة الاتفاقات والمواثيق الدولية ، ومن هنا نرى ان جولات كيري هدفها تمرير المشروع الامريكي المتعثر في الشرق الأوسط الجديد ،وإرضاء كيان الاحتلال على حساب المطالب والحقوق الفلسطينية ، وهدفه تصفية القضية الفلسطينية.
من هنا نقول وبكل وضوح يجب علينا ان لا نراهن إلا على الوحدة الوطنية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية ، هذه المنظمة مثلت في القضية الفلسطينية حجر الزاوية بحكم موقعها باعتبارها الكيان المعنوي و المعبر عن التطلعات والآمال المشروعة للشعب الفلسطيني ، والعمل على تجاوز مخلفات هذا الواقع من خلال مواصلة النضال الوطني بكافة اشكاله ،حتى تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني و حقوقه المشروعة.
وعلى هذه الارضية ندعو الى رسم استراتيجية وطنية قادرة على الاستجابة للتطلعات المشروعة لشعبنا مما يستوجب من الجميع المشاركة في اجراء عملية مراجعة جادة لمسيرة الكفاح الوطني ، وخاصة بعد تجربة المفاوضات العقيمة التي استمرت عشرون عاما ووصلت الى طريق مسدود بفعل السياسات و الممارسات الصهيونية على الارض و المناورات و المراوغات التي يمارسها ما يسمى بالمفاوض الصهيوني وحليفه الداعم الامريكي .
وامام كل ذلك نرى اهمية تطوير وتعزيز منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها من خلال مشاركة جميع القوى في هيئاتها وقراراتها بعيدا عن حالة التفرد كمهمة ملحة وضرورية حتى تكون قادرة على الاستجابة للحد الأدنى من التطلعات والاماني الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الكفاحية.
ولهذا نرى ان الحراك الشعبي العربي الذي اراد ان يعبر عن طموحاته من خلال اضرابات ومظاهرات وحركات احتجاجية، وفي اكثر من بلد عربي، تحت شعارات وطنية عامة، تتلخص في ضرورة مواجهة هزيمة حركة التحرر العربية، تضاف أساسا الى أخرى اجتماعية يمكن لها أن تشكل برنامجاً للتغيير تستفيد منه فلسطين لتغيير حيال العديد من المسائل ، لكن حاولت الإدارة الأميركية من التفتيش عن مواقع للرد على الانتصارات التي حققتها الشعوب العربية من خلال بعض القوى السياسية الدينية التي حاولت القيام بالثورة المضادة خدمة للمشروع الامريكي الصهيوني و للرأسمالية العالمية بهدف الوصول الى السلطة في بعض البلدان حتى تقدم خدمة مجانية للكيان الإسرائيلي على متابعة استيلائه على أرض فلسطين ومحاولة تصفية قضية الشعب الفسطيني، لكن الإنتفاضات العربية استكملت طريقها بهدف محاصرة هذا المشروع .
إذا كان التدخل الغربي بقيادة الولايات المتحدة في الشأن الداخلي السوري وتأجيج الأزمة يمثل فعلًا مشينًا وقبيحًا في الأعراف السياسية والدبلوماسية، فإن ما ارتكبه ـ ولا يزال يرتكبه ـ القوى التكفيرية والمرتزقه وأجراؤهم وأدواتهم من جرائم إرهابية في سوريا هو إجرام يتجاوز كل الأوصاف، بل تتعذر كلمات الوصف عن إعطاء الصورة الحقيقية له ، وللأسف في هذا المشهد المأساوي الإجرامي لم تكن يد الولايات المتحدة بريئة من الإرهاب والتي حاولت أن تتمسح بمسوح الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان واحترامها كما فعلت في العراق وليبيا، من خلال تقديمها مئات الملايين من الدولارات لدعم العصابات الإرهابية المسلحة تحت ستار "مساعدات ومعدات عسكرية غير قاتلة" شاهدًا على تلطخ اليد الأميركية ومن يتحالف معها في ذلك بالدماء السورية والعربية، لهذا نقول إن سياسة الادارة الامريكية واشرافها على المفاوضات لن تعيد للشعب الفلسطيني فلسطين التي اغتالوها بشر أعمالهم.
وانطلاقا من هذا الواقع بات مطلوب جهودا استثنائية لمعالجة الواقع التي تعيشه الساحة الفلسطينية و اجراء اصلاحات شاملة و شفافة وعميقة بما يستجيب للواقع و تطوراته المختلفة و يؤسس لقدرة الشعب الفلسطيني و حركته الوطنية على مواصلة مسيرتها الكفاحية بكل ابعادها و اشكالها لتحقيق تطلعاتها و اهدافها المشروعة في الحرية و الاستقلال الوطني الناجز من خلال خلق الظروف الذاتية لإعادة بناء الادوات النضالية و التجديد لأن النضال بكل أشكاله السياسية والكفاحية والاجتماعية، لا يمكن أن ينتظم، ويصبح ذو فعالية وتأثير وقوة، الا بتعزيز الوحدة ومعالجة النواقص والسلبيات والثغرات .
ختاما : لا بد من القول ان التفاف الشعب الفلسطيني العظيم حول حركته الوطنية بكافة تلاوينها السياسية ، يتطلب من الجميع ان ينحني اجلالا لعظمة وتضحيات هذا الشعب من خلال مغادرة واقع الانقسام والتمسك بالحقوق والثوابت الوطنية وبكافة اشكال النضال السياسية والدبلوماسية والكفاحية القادرة على المشاريع الصهيو-أمريكية ، وهذا يتطلب أولاً تصليب وتمتين جبهتنا الداخلية والعمل على نقل القضية الفلسطينية بالكامل الى الهيئات الدولية لتطبيق قرارات الشرعية الدولية بشأنها، واستعادة وهج الثورة والنضال ونحن في مرحلة تحرر وطني نناضل من اجل اعدل قضية تؤرق الضمير و الوجدان الانساني.