العلاقات السعودية – الإسرائيلية خاصة والخليجية الإسرائيلية عامة،كانت تجري بالسر والخفاء،وتسارع الدول الخليجية الى نفي مثل هذه العلاقات واللقاءات التي تجمع مسؤوليها السياسيين والأمنيين مع نظرائهم الإسرائيليين،وعلى سبيل المثال لا الحصر شهدنا مثل هذه العلاقات،عندما طلبت قطر إذنا خاصاً من اسرائيل لهبوط طائرة وزراء الخارجية العرب في مطار بيروت الدولي أثناء عدوانها على حزب الله والمقاومة اللبنانية في تموز/2006،ونحن هنا بصدد الحديث عن خروج العلاقات واللقاءات السعودية – الإسرائيلية إلى العلن،ولتأخذ بعداً اكثر من التنسيق،لتصل مرحلة عقد التحالفات،وبرز ذلك بشكل جلي وواضح أثناء التهديدات الإسرائيلية لإيران قبل ان يجري الإتفاق بينها وبين مجموعة الست،حيث جرى الحديث بأن السعودية ستفتح مجالها الجوي للطائرات الإسرائيلية لضرب منشآت ايران النووية،ولكن التطور الأبرز واللافت،والذي دفع بالعلاقات الإسرائيلية-السعودية الى حد التحالف وعلى رأي صحيفة امريكية حد التزاوج،هو ما حصل في قضيتي الملف الكيماوي السوري والنووي الإيراني،حيث أمريكا لم تستجب لتوسلات السعودية،ولا إغراءتها المادية الكبيرة بتحمل كل نفقات الحرب على سوريا،من أجل ضرب سوريا واسقاط النظام هناك،وكذلك عقدها للإتفاق مع ايران دون معرفة السعودية حول ملفها النووي،الأمر الذي دفع بالسعودية واسرائيل الى التخبط والحرد،فالسعودية رفضت إلقاء كلمتها في الدورة السادسة والستين للجمعية العامة،واعتذرت عن قبول مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن الدولي للدورة الحالية،لتحل لاحقاً مكانها الأردن،واسرائيل أعلنت بأنها ستهاجم ايران منفرده،وأمنها فوق كل الاعتبارات والاتفاقيات،وسعيتا الى نظم تحالف جديد في سعي الى الضغط على امريكا من أجل عدم توقيع الاتفاق مع ايران،حيث عهد الى هولاند رئيس الوزراء الفرنسي مهمة عرقلة عقد هذا الاتفاق في المجموعة السداسية،مقابل اغراءات اقتصادية سعودية كبيرة،ولكن كل هذا التحرك السعودي- الإسرائيلي لم يجد نفعا في منع هذا الاتفاق،مما حدا باسرائيل والسعودية للتصعيد من رفضهما لهذا الاتفاق ولما يحصل في سوريا،حيث مسؤول مخابراتها بندر بن سلطان التقى قادة امنيين وسياسيين اسرائيليين وزار تل ابيب،واتفقوا على التصعيد فيما يخص الساحتين اللبنانية والسورية،حيث يعهد الى السعودية ليس فقط تمويل وتدريب وتسليح وتقديم الدعم الاستخباري واللوجستي والاعلامي لما يسى بقوى المعارضة في سوريا من داعش وجبهة النصرة والقاعدة،بل يجري تدخل سعودي مباشر في الحرب الدائرة هناك،وبالفعل في عدرا العمالية دخل لواء سعودي من القوات الخاصة والقناصة،حيث ارتكب اعوان السعودية هناك مجازر يقشعر لها الابدان،وكذلك في لبنان حلفاء السعودية يعملون على تفجير الأوضاع في طرابس وشنوا حرباً متزامنه مع الإسرائيليين على الجيش اللبناني،حيث جبهتي طرابس والناقوره اشتعلتا أمس من اجل مشاغلة الجيش اللبناني،على ان يقوم حلفاء السعودية بمواصلة مسلسل التفجيرات والاعتداءات على الجيش اللبناني من اجل تفجير الساحة اللبنانية ودفع حزب الله للمشاركة في الحرب الأهلية،لكي تأخذ الصفة المذهبية والطائفية،وبما يبرر لإسرائيل التدخل من اجل توجيه ضربة عسكرية لحزب الله،معتقدة ان انشغاله في الحرب الى جانب النظام السوري قد اضعف من قدراته العسكرية.
التطور اللافت والأبرز هنا،هو اللقاء بين قيادات سياسية سعودية واسرائيلية على هامش مؤتمر عقد في امارة مانكو الفرنسية،حيث دعا عضو "الكنيست" الإسرائيلي مئير شطريت الأمير السعودي تركي بن سلطان لزيارة "الكنيست" الإسرائيلي،وبما يؤشر الى ان التحالف السعودي- الإسرائيلي يأخذ ابعادا جديدة ابعد من التنسيق لجهة رسم تحالف استراتيجي،وخصوصا بان السعودية هي من يتولى الضغط على السلطة الفلسطينية من اجل عقد اتفاق انتقالي طويل الاجل مع اسرائيل،فهذا الملف كان مناطا بقطر عندما كانت مسؤولة عن الملف السوري،ولكن نقل للسعودية بعد الفشل القطري في معالجة الملف السوري.
واضح أننا نقف امام معادلات وتحالفات وتوازنات جديدة في المنطقة،أفرزها التراجع الأمريكي،وتقدم روسيا لإحتلال موقعها،بحيث أضحى الروس قوة مقررة في مصير العالم،ولم تعد امريكا شرطي هذا العالم وقدره،وهذا جعل سعودية تعيد حساباتها في تحالفها الإستراتيجي مع امريكا،وخشيتها ان تتركها امريكا وحيدة في مواجهة ايران،يدفع بها الى عقد تحالف استراتيجي مع اسرائيل،هي واكثر من دولة خليجية.
الان عربان الخليج يقفون رعاة في استعداء المشروع القومي العربي،فها هم يكشفون عن تآمرهم بشكل علني مع دولة الإحتلال،وها هم الوهابيون يقولون بشكل واضح انهم ضد حل الأزمة السورية سلميا،وضد امتلاك ايران للتكنلوجيا النووية،يريدون مواصلة مسلسل القتل والدمار على طول الجغرافيا العربية خدمة لأجندات واهداف غير عربية ولا تخدم المشروع القومي العربي،ودولة تجلد وتتسجن كاتب أربع سنوات لمجرد مطالبته بتحول السعودية الى الملكية الدستورية علاقتها بالديمقراطية كعلاقتي بالفلك،ولا يحق لها الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا.