صور.. المنخفض يقتل نوق حسان ويُبكيه عليهنّ!

جلس الفلسطيني حسان الملاحي بجوار "ناقتين عشار" عكف على تربيتهما مُنذ أكثر من 10 سنوات يبكي، بعد أن أصبحتا ضحية من ضحايا البرد القارص الذي صاحب المنخفض الجوي الأخير الذي ضرب الأراضي الفلسطينية.

وكعادته استيقظ حسان مُبكرًا من النوم، وخرج في البرد القارص وتحت المطر الذي يهطل بشكلٍ غزير، ليتفقد نوقه وجماله الثمانية، ويضع أمامهنّ الطعام، وللوهلة الأولى شاهد جميع من بالحظيرة يجلسنّ من شدة البرد، واعتقد أنه أمر عادي.

وما إنّ رفع قدماه من فوق الأسلاك الشائكة ليعبر داخل الحظيرة، ليضع الطعام أمام نوقه وجماله، وسط إصداره للصوت المعتاد من فمه (نخ..نخ..نخ) كي يقفن ويأتين جميعًا لحاوية الطعام، فوقفن عدا ناقتين "عشار" فذهب نحوهن فوجدهنّ لا تتحركان، وحاول دفعهن بيده وايقاظهن، دون أن يعلم بانهن قد فارقتا الحياة.

وما أن أيقن حسان أن الناقتين فارقتا الحياة من شدة البرد، جلس بجوارهن باكيًا، يسقط فوق رأسه المطر بغزارة، وما دفعه للبكاء عليهنّ، هو مكانة تلك النوق والجمال لديه، كونها مصدر رزقه الوحيد، بجانب العديد من رؤوس الحلال "أغنام، ماعز"..

ويعيش حسان ووالدته وزوجتيه واثني عشر طفلاً داخل خيمة غطائها من الصفيح "الزينجو" والبلاستك "النايلون"، أقامها على تلةٍ رملية صفراء في منطقة المحررات شمال غرب محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، وبجوار تلك الغرفة وضع الأسلاك الشائكة ليعلق عليها ملابس أطفاله بعد غسيلها، وبجوارها حمام من البلاستك صغير يغتسلوا ويقضون حوائجهم بداخله..

وفور وصول حسان مرتديًا ملابس مترهلة على ظهر عربة يجرها حمار محملة بالأحراش "العشب"، الذي يُعد طعامًا للنوق والجمال والحلال، تحدث لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" عن كيفية موت ناقتيه: "ثاني أيام المنخفض الجوي، تفاجأت بموت تلك النوق، نتيجة الصقيع والبرد القارص".

ويضيف "فجلست بجوارهنّ باكيًا، لأنهما مصدر رزقنا، فالجمل والناقة والحلال وتربية الطيور جميعها مصدر رزق لكل من يعيش حياة مثلنا، وبالتالي عندما يموت واحدًا منها، يصعب علينا، على الرغم من أنه حيوان أو طير، لكنه يعتبر صديق لنا بحياتنا."

ويشير حسان إلى أن 9 نوق وجمال نفقت جراء البرد، اثنتين لي، و4 لشقيقي عيد، وواحدة لعمي حسن، وقاعود لعمي عمرو، وناقة لإبن عمي غالب، من بين ما نفق، نتيجة البرد القارص 6 "عشار"، لافتًا إلى أنهم يواجهون صعوبة في نقلها ودفنها لثقل وزنها.

ويوضح وهو يتفقد تلك النوق الميتة ويتجول داخل الحظيرة "نحن لاجئين من منطقة مرج بن عامر شمال فلسطين المُحتلة، ونعيش هذه الحياة مُنذ أن هُجرنا من بلادنا، وهي حياة البداوة، ونتنقل من منطقة لأخرى، إلى أن استقر بنا الحال مُنذ عام 2005(انسحاب إسرائيل من غزة) في منطقة المحررات".

ويلفت حسان إلى أن حياتهم تعتمد على تربية الحيوانات والطيور ورعايتها، والعيش داخل الخيام، والعيش كالحياة القديمة كما هي، من مأكل وملبس ومشرب، وطقوس أفرح وأحزان، وطبيعة العمل..، التي غالبًا ما تكون بالزراعة، أو بالإشراف على تربية الحيوانات والطيور.

ويقول : "لم يصلنا أحد بعد من المسئولين، فالخسارة كبيرة، لأن ثمن الناقة الواحدة تزيد عن 1500 دينار أردني، و9 نوق وجمال نفقت، ويزيد مبلغها الإجمالي عن 13 ألف دينار، مطالبًا الجهات المعنية بالنظر لهم بعين الرحمة وتعويضهم ما فقدوه".

عدسة "وكالة قدس نت للأنباء" رافقت حسان اثناء تفقده نوقه وجماله الثمانية داخل الخطيرة ومن حوله اطفاله يلهون ويلعبون .

تصوير:عبد الرحيم الخطيب

المصدر: خان يونس - وكالة قدس نت للأنباء -