القدس مجرد العيش فيها شكل من أشكال النضال والصمود....فالإحتلال يطاردك في ادق تفاصيل حياتك اليومية،حتى تشعر بأنه يسكن في تلافيف دماغك ويسيطر على تفكيرك،يجعلك تلاحق رغيف الخبز فلا تجده،او بالكاد تحصل عليه،لقمة مغمسة بالدم والمعانيات...يفرض عليك ضرائب عجيبة غريبة.....يحرمك المأوى والسكن من خلال ألف تعقيد وتعقيد يفرضها على البناء،حتى تصل إلى مرحلة اليأس والقنوط،فالحصول على رخصة بناء يسير في متوالية هندسية من الطلبات والشروط اللا منتهية،وإن بنيت بدون ترخيص،فهجمات متلاحقة عليك من بلدية الإحتلال وزارة داخليته وغرامات متكررة وغير منتهية،أو اوامر بالهدم،لتصبح بلا ماوى وسكن،ولتلتحف الأرض وتصبح تحت رحمة السماء والطبيعة وغضبها،او تلجأ الى احد الكهوف،وحتى هنا يطاردك الإحتلال،ممنوع عليك ترميم الكهف،لكي يصبح صالحاً لإيواء أطفالك،والأدهى والأمر من ذلك ان تهدم بيتك بيدك والإ ستدفع فوق الهدم تكاليف بلدوزرات وجرافات الإحتلال التي ستهدم بيتك.... تعيش في القدس،ويحسدونك على العيش فيها،ظانين بأن هوية الإحتلال الزرقاء المفروضة عليك قسراً،تجلب لك "اللبن والعسل"؟؟ ولا يعرفون بأننا في القدس،نحن المعذبون في الأرض،نحن الذين نموت في اليوم مئة مرة،درب ألالامنا أصعب من درب ألآلآم السيد المسيح، فهناك اكثر من (12000) مقدسي لا يوجد لديهم جوازات سفر،حيث وضع المقدسيين هنا لا يشبه أي وضع لبني البشر،نحن عرب والله عرب أقحاح وفلسطينيون حتى النخاع ومقدسيون نتحمل وزر وقرف الإحتلال وعنجهيته وغطرسته وبلطجة وزعرنة مستوطنيه،صباح مساء،ونذود عن كرامة امة كغثاء السيل،تزيد عن مليار ونصف مليار من البشر،ولا تلتفت إلينا إلا من خلال بيان الشجب والإستنكار والقصف بالبيانات والشعارات والخطابات،وإسطوانة مشروخة مللنا سماعها القدس والأقصى خط احمر،والأقصى الآن يتعرض لمخاطر التقسيم الزماني والمكاني والتي أصبحت واقعاً مفروضاً،نحن في القدس، نحصل على كتاب عذاب القبر قبل ان نحصل على جواز السفر،فالسلطة الفلسطينية وحسب إتفاق اوسلو المشؤوم،لا يحق لها منحنا جواز سفر فلسطيني،حيث أجلوا قضيتها من عام 1993 إلى مرحلة نهائية،هي لم تاتي واظنها لن تاتي،ورغم كل ذلك لم يجر أي تفكير بحل قضية المقدسيين وقضية جواز السفر،بان ترعى مثلاً الجامعة العربية قضية المقدسيين،أو أي دولة عربية ذلك وبدون الإعتبارات السياسية لهذا النظام او ذاك،في "مرمطة وشحططة" الناس وإذلالهم وإمتهان كرامتهم،ودفعهم الى خيارات صعبة،خيار الحصول على وثيقة سفر دولة الإحتلال او جواز سفره،عندما يصبح ظلم ذوي القربى أشد مرارة،الزائرين للقدس من فنانين وفنانات سلطة اوسلو فرحة على منحهم جوازات سفر دبلوماسية فلسطينية،ولكنها لم تفكر كيف تحل قضية جوازات السفر لشعبنا واهلنا في القدس،وتجعل من ذلك قضية مع الإحتلال ورعاة ما يسمى بالمفاوضات والعملية السلمية من امريكان واوروبيين،فمن غير المعقول أن تبقى قضيتنا نحن المقدسيون،والذين ينظًرون ويصرحون كل يوم بأنها العاصمة الأبدية لدولتنا الفلسطينية،بدون جواز سفر فلسطيني،فهل يعقل أبناء العاصمة بدون جوازات سفر؟؟؟ ،وليس هذا فحسب،فالدولة المخولة بمنح المقدسيين جوازات سفر خلف النهر،نسبة لا بأس منهم لا يمنحونها جواز السفر،والحصول عليه بحاجة الى سلسلة طويلة من الواسطات والمحسوبيات،والبعض منهم لا ينفع معه كل ذلك،فهناك اجهزة اكل عليها الدهر وشرب،وتعشعش في رؤوسها اجندات امنية،ليست لها علاقة بالدفاع عن امن الدولة وحمايتها،بل هي تعمل من اجل النكد والتنغيص،معتقدة او واهمة بأن من ناضل ضد الإحتلال،او كان عنده معتقل،هو ربما مشارك في تخصيب يورانيوم ايراني،او كيماوي سوري،أو هو ضد القصر وساكينه،أو يريد عمل او قيادة إنقلاب،رغم ان عهد الإنقلابات قد ولى واندثر،وهم يريدون لك ان تتحول إلى بوق تمتدح السلطان،بطولاته وصولاته وجولاته في الدفاع عن القدس والأقصى بسبب او دون سبب،ولا يحبون سماع أي كلمة نقد حتى إيجابية منك،فانت على خطأ وهم على حق،وربما يعتبرون انفسهم فوق إرادة كل البشر،فهل يعقل هذا يا أصحاب الجلالة والفخامة والسمو؟؟،انتم تعتمدون على عسس ورجالات اكل عليها الدهر وشرب،وكم مرة كانوا هؤلاء على رأس الفاسدين والمتاجرين بالقضية وقوت البشر،وانتم ادرى في مثل هؤلاء البشر،فالإحتلال يمنح المقدسي وثيقة سفر مؤقتة،حتى الأسرى منهم،ومن يقارعون الإحتلال كل يوم،اما انتم يا من تشبعوننا خطابات وبيانات ومقابلات عن ذرفكم الدموع على الأقصى والقدس،لا نريد دعمكم فقط إمنحونا حرية الحركة وجواز السفر،وإذا شعرتم بثقل هذه المهمة عليكم وفوق إرادتكم وقراركم،فلربما جامعتكم العربية"المتعبرنة" تجد للمقدسيين حلاً لقضية جواز السفر،ظلمكم وقهركم للمقدسيين،كان سبباً في ان بعض المقدسيين كفروا بالعروبة والعرب وهربوا من تحت الدلف لتحت المزراب،ليحصلوا على جواز سفر عدوهم في أغلب الأحيان مكرهين او مضللين،وسيستمر النزف على هذه الجبهة،ولن تحلها لا الشعارات ولا البيانات،فهي تتعلق بالحياة اليومية للمقدسيين ومصالحهم،هل تسمع ذلك اللجنة التنفيذية للمنظمة والسلطة الفلسطينية والمنظمات واللجان المشكلة باسم القدس عربية وإسلامية...؟؟
هذا غيض من فيض لمسلسل معانيات طويلة يعيشها المقدسيون في ظل الإحتلال،وضع يحسدون عليه،وليس هذا فقط،فوق صمودهم وبقائهم ودفاعهم عن وجودهم وارضهم ومقدساتهم،هناك من يطعن ويشكك في وطنيتهم وإنتمائهم،ويتهمون ببيع أرضهم وممتلكاتهم.
نعم الوجود والبقاء في القدس،أعظم وأشرف جهاد،ويا من تحللون"الجهاد" في الشام،وتحرمونه في القدس،القدس هي المحتلة والمغتصبة والمفعول فيها،والتي يدنس مسرى رسولها والقبلة الأولى لمسلميها،وكأنكم تنكرون الآية الكريمة"سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى"،وعلى رأي شاعرنا الكبير العروبي مظفر النواب"القدس عروس عروبتكم" ورغم كل ذلك تصرون على إدخال كل زناة الليل إلى حجراتها،وليس فقط تقفون وتسترقون السمع لصرخات بكارتها،بل تشاركون الان علناً وجهراً في فض بكارتها.
أيها المقدسيون،انتم وحدكم،لا تنتظروا لا عرباً ولا مسلمين،فهم الان نكرة ،لا يقيم العالم لهم وزناً،ويتعاملون معهم على انهم خارج البشرية العاقلة،وحدتكم وصمودكم بإمكانياتكم وإرادتكم،ستبقون الحفظة والمدافعين عن قدسكم وأقصاكم.