أكثر شيء يثير الاشمئزاز برأيي .. هو سرعة استغلال بعض التجار الطامعين الذين يسري الجشع في شراينيهم كالدماء ،أولئك الذين يغلي طغيانهم وعشقهم المال في بطونهم كغلي الحميم
اليوم فقط اتخذت قرارا حاسما ،بإعادة تشغيل محطة الوقود الخاصة بي، ،وقررت إعادة تشغيل الكهرباء في منزلي عبر موتور الكهرباء ،الذي بدت ملامحه تثير الشفقة ،والعطف بعدما تم هجر غرفته المغطاة من الرياح وسقوط المطر،و المنعزلة ،مرت أشهر طويلة لم أتفقدها ، كانت دلالات الكآبة تكسو ملامح جسده المعدني أي الموتور ،والذي رغم اتخاذ كافة التدابير الوقائية إلا انه وثبت فوق سطحه أكوام ترابية متناثرة،و متمردة ،كم كانت سعادته لما كشفت عنه الغطاء ،أحسست بأسلاكه تهتز فرحا كالبلابل عندما تشدو فوق الأزهار ، ،ولما سكبت كمية من البنزين في حنايا خزانه سمعت صوتا غريبا لأول مرة أسمعه منه ، ذكرني ذاك الصوت .. بأزيز النحل وكأنما يجسد لوحة فريدة من لهفة و شوق ، بعودة الروح إليه .. ﻗﺪ ﻳﺘﺴﺎﺋﻞ ﺍﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ أيها القراء الأعزاء ،وما شأن كل هذا السرد ،والإطناب الوصفي للموتور بجشع التجار ،وهنا أجيب ببساطة شديدة ،همس بأذني كثير من الأصدقاء على ضرورة اقتناء جهاز اليو بي إس ( UPS )كعلاج فعال لأزمة الكهرباء المزمنة، وذاك الجهاز يعتمد في تشغيله على بطاريات الشحن ،وذلك بديلا عن المواتير الكهربائية التي باتت تحتاج لغذاء غال الثمن حتى تعمل.. فتخيلوا جميعا أحبابي أنه في خلال ثلاث ساعات أي ربع مدة انقطاع الكهرباء الدورية حيث يأكل فيها الموتور ما يقارب 2.5 لتر بنزين ،والبنزين الذي يجتاح محطاتنا الغزاوية.. بعد انقطاع البنزين المصري ،هو بنزين احتلالي بغيض يكلف اللتر الواحد 7 شواقل أي ما يعادل قيمة 2دولار، وهذا أمرٌ غاية الصعوبة ،فهل في ظل الغلاء الفاحش ،وظروف الحياة المريرة.. هل يشتري المواطن المسكين الذي فقد الثقة بعودة الكهرباء إلى حالتها الطبيعية سواء توفر الوقود القطري أم غيره ،وسواء تم تزويد محطات الكهرباء أم لا ..هل يشتري الخضار وأرغفة الخبز لبيته أم يشتري البنزين ؟! بالطبع الإجابة واضحة ،وبكل بساطة يعلمها الجميع .
المهم اليوم حكى لي أحد الأصدقاء أنه اشترى ذاك الجهاز السالف الذكر ،ولما بحث عن بطارية له ،لم يجد ،ولما وجدها كان السعر شيء خرافي يفوق الوصف أي ما يقارب ضعف الثمن ،فعكف عن شراء تلك البطارية لكن المشكلة انه لن يستطيع إرجاع الجهاز فرقد ذاك الجهاز عنده بالبيت ،حتى يجعل الله له من أمره مخرجا ..!!،والسبب ليس كما يشيع أصحاب الوشاية التجارية أن ذلك بسبب انقطاع بطاريات الشحن ،وبسبب إغلاق المعابر أو...بل هي الامبريالية المجتمعية الجديدة بصورة مصغرة،التي غزت بلاد الشرق ،والتي يتبعها الكثير من التجار هذي الأيام ،أولئك الذين يركبون موجة الحصار الخانق ،والوضع المادي المتدهور ..هم يريدون نفخ جيوبهم وبطونهم حتى ولو كلف ذلك مجاعة وعري الآخرين إنها حالة السادية sadism،والتي أصابتهم ..نعم هم يتلذذون بتعذيب الآخرين لا بابتزاز أموالهم فقط ،ولذلك ألغيت بكل بسالة فكرة شراء اليو بي إس ،وكان البديل السريع هو مقولة تذكرتها علمناها من كبارنا : "من فات قديمه تاه " لذلك عدت للموتور لكني إذا كنت اليوم أغذيه لساعة أو ساعتان حرصا على الاقتصاد الوقودي ،إلا أني لا أعلم كيف سيكون حاله بالغد ،من الغريب لما أطفأت الموتور هذا المساء وجدته وكأنه يحملق فيّ ،ّ بكل آسى وبعدما دبت الروح فيه من جديد وكأن لسان حاله يقول لي بصوت ٍ خافت : أرجوك لا تنساني مرة ثانية من الغذاء ..!!