كاتب يهودي يصف إسرائيل بأنها دولة عنصرية تمارس التطهير العرقي

وصف الكاتب الأميركي اليهودي، ماكس بلومينثال، إسرائيل، بانها دولة عنصرية، تمارس القمع والتطهير العرقي والقتل ضد الفلسطينيين، الذين يعانون بشكل مستمر ومزمن من آلة القمع الوحشية الإسرائيلية، وأن هذا النهج العنصري لإسرائيل يصعب إصلاحه.

وقال بلومينثال، الذي كان يتحدث في "نادي الصحافة" الأسبوع الماضي عن كتابه الذي يحمل عنوان "جوليات: الحياة والبغض في إسرائيل الكبرى" أمام جمهور كبير، معظمهم من الأميركيين اليهود، أنه لم يجد في إسرائيل سياسي واحد ذا أثر يذكر، يدفع باتجاه السلام العادل الذي يستحقه الفلسطينيون، ويقوم على أساس المساواة بين المواطنين الإسرائيليين اليهود والعرب.

يشار إلى أن كتاب "جوليات: الحياة والبغض في إسرائيل الكبرى" أثار جدلاً كبيراً، وعاصفة من الردود بين الأوساط اليهودية الأمريكية، كون الكتاب المكون من 493 صفحة يعتبر إدانة صريحة للعنصرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين على جميع المستويات، لدرجة أن منظمة "إيباك"، اللوبي الإسرائيلي القوي، وأنصار إسرائيل في واشنطن اتهموا الكاتب الاميركي اليهودي بلومينثال بـ "معاداة السامية".

ويعتبر الكاتب الأمريكي بلومينثال، الذي حاز على عدة جوائز في الكتابة، منذ أن كان طالباً جامعياً، يعتبر نفسه "تقدمياً يدافع عن حقوق المستضعفين، الذين أحياناً يضيع صوتهم وسط غابة التشويش الصهيونية" بحسب وصفه لمعاناة الفلسطينيين الممنهجة تحت الاحتلال والتي يمعن الاحتلال الإسرائيلي في تعميقها دون هوادة أمام سمع وبصر الإسرائيليين والعالم، مديناً غض طرف اليهود الأميركيين عن مماراسات إسرئيل المشينة.

يشار إلى أن بلومينثال، كان قد أخرج فيلم "يوتيوب" عشية زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى القاهرة بعنوان "الشعور بالكراهية في القدس" تحدث فيه بصراحة عن كره النخبة السياسية الإسرائيلية، بزعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والشرائح السياسية المختلفة التي تقود إسرائيل، لمبادرة أوباما بمد يده للمسلمين والعرب وهو ما أثار غضب الإسرائيليين الأول عليه.

وأمضى بلومنثال أربع سنوات في إسرائيل، ابان رئاسة نتنياهو للوزارة الإسرائيلية، دَون فيها الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين الوطنية والإنسانية السافرة التي تتم مع سبق الإصرار والترقب الرسمي الإسرائيلي.

ويكشف ماكس بلومنثال، في كتابه "جوليات: الحياة والبغض في إسرائيل الكبرى"، رفض حزب الليكود المبدئي للتفاوض وعملية السلام مع الفلسطينيين، ويتحدث عن حملة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لإظهار الشكوك حول الانخراط الدبلوماسي الأميركي مع إيران، ووصف حكومته بأنها "الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل".

ويقول بلومينثال: "الكتاب جاء تتويجاً لأربع سنوات من العمل كمراسل في فلسطين وإسرائيل، في ظل حكم نتنياهو، الذي جاء إلى السلطة عام 2009، ومعه أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفاً طيلة تاريخ إسرائيل " وهو (نتنياهو) يسوّق نفسه، باعتباره الرجل الذي يستطيع أن يذهب إلى الولايات المتحدة، ويسوق للأميركيين، لأنه يتحدث الإنجليزية بطلاقة، وكونه بَياعٌ بالسليقة".

 

ويدين بلومينثال صمت المجتمع الإسرائيلي، كون" الكثير من الإسرائيليين يشجعون نتنياهو على موقفه، حيث أن أغلبية اليهود الإسرائيليين يعارضون انسحاباً كبيراً من الضفة الغربية، وأنا التقيت العديد من أعضاء الكنيست، وأغلبية أعضاء حزب الليكود يؤيدون ضم 60% من الضفة الغربية إلى إسرائيل، وهذا هو مستقبل السياسة الإسرائيلية، وهذا ما ذكرته في كتابي".

وقال بلومينثال في إطار رده على سؤال وجهه له مراسل  صحيفة "القدس" الفلسطينية في واشنطن، عن مستقبل المفاوضات الجارية، ان هذه المفاوضات "مضيعة للوقت" ولن تؤدي لحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية متواصلة ومستقلة وقابلة للحياة، لان " الحكومة الإسرائيلية لم توقف النشاطات الاستيطانية أبداً، وتبتز الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية بشكل مستمر، وكلما وافق الفلسطينيون على تنازل، تخرج حكومة نتنياهو بشروط تعجيزية جديدة، وكل ذلك تحت الرعاية الأميركية" التي وصفها بلومينثال "بالوسيط غير النزيه".

وقال بلومينثال: "في الماضي كان حل الدولتين هو الأكثر فاعلية، ولكن الوضع الحالي في إسرائيل، يؤكد أنها دولة تتجه نحو الفاشية والعنصرية، حيث تطور بناء المستوطنات، والعداء تجاه الفلسطينيين، والقوانين التي تحظر الفلسطينيين المشاركة في المجتمع".

وحول التواطؤ الأميركي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية، يقول بلومينثال: "إن قوة الردع الإسرائيلية الإستراتيجية تعتمد بصورة مباشرة على الولايات المتحدة، ولهذا يأتي نتنياهو إلى واشنطن، وكما قلت لكم إنه بياع، وكنت قد ذكرت نتنياهو في بداية ظهوره السياسي في كتابي، حيث كان (نتنياهو) يقول ليس من المهم أن يكون موقفك عادلاً، ولكن يجب أن تصوره على أنه عادل، وهو في واقع الأمر يفسر أن إسرائيل ترتكب جرائم ضد حقوق الإنسان في الضفة الغربية، وهذا يناسب المتشددين في حزب نتنياهو، الذين يقولون لا نريد عملية السلام، فقد فشلت تماماً، ولا نريد الحديث مع الفلسطينيين، دعونا نضم 60% من الضفة الغربية إلى إسرائيل ونمنح الفلسطينيين الجنسية الأردنية".

ويتهم بلومينثال إسرائيل بالاستمرار في ممارسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين، ويستشهد بمحاولاتها الأخيرة لتهجير نحو 80 ألف من البدو الفلسطينيين، الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، الذين يعيشون في النقب، (ويخدمون في الجيش)، وهم يعيشون في تجمعات غير معترف بها، لأنهم ليسوا يهوداً، وليس لديهم رعاية صحية. وبموجب خطة جديدة تم إقرارها في الكنيست سيتم طرد 400 ألف من البدو من منازلهم، وإجبارهم على العيش في مناطق جديدة.

يشار إلى أن إسرائيل علقت خطتها لتهجير المواطنين العرب البدو، على الأقل في الوقت الراهن، وهو ما يعتبره بلومينثال دليلاً على نجاح الضغوطات العالمية في فضح وردع إسرائيل، وإن كان يعتقد أن إسرائيل في نهاية الأمر ستقوم بتنظيفها العرقي للمواطنين العرب.

ويصف بلومينثال المجتمع الإسرائيلي بأنه يميل إلى خلط الأيديولوجيات اليمينية لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وليبرمان، وتستند جميعها على التهديد الديموغرافي، كما يرى أن إسرائيل هي المشكلة الرئيسية، بل وهي المشكلة الصهيونية الكبرى في المنطقة.

وحول فكرة إسرائيل دولة "يهودية ديمقراطية" يقول بانه وعلى سبيل المثال فان الكثير من القادة السياسيين يختارون اليهودية قبل الديمقراطية.

ويعتبر بلومينثال، أن عنف الاحتلال ضد الفلسطينيين يذكر بما حدث عام 1948 "فالحكومة تقتل العزل وتقوم بتطهير عرقي، وتفصل بين المواطنين على أساس عنصري".

ويضيف الكاتب الأمريكي:"تصر إسرائيل حاليا على استمرار علاقتها الدبلوماسية مع العديد من البلدان، وخاصة على المستوى الأمني والعسكري، فالدولة الصهيونية المتغطرسة والعنصرية والغير ديمقراطية تسيطر عليها مجموعة يمينية، تسيطر على وسائل الإعلام والجيش والكنيست ونظام العدالة، كما أن الحكم الديني الفاشي والعنصري بات بعيدا عن أي ديمقراطية".

المصدر: واشنطن - وكالة قدس نت للأنباء -