تناقلت وسائل الاعلام المختلفة خلال الأيام الماضية أخبار وتسريبات ومعلومات ، عن وجود نوايا جدية لتحقيق المصالحة الوطنية بين حركتي "فتح " و" حماس"، والاتفاق بينهما على تشكيل حكومة وطنية ، في اعقاب اللقاءات والاتصالات المكثفة التي جرت بين الطرفين ، واثر المكالمة بين الرئيس محمود عباس وحالد مشعل ، ولكن لم يتم تأكيد هذه المعلومات بصورة رسمية وقاطعة ، وهناك من تنصل منها .
في حقيقة الامر اننا لم نعد نثق او نصدق ما تبثه وتروجه وسائل الاعلام والصحافة المطبوعة والالكترونية بخصوص المصالحة الوطنية الفلسطينية . ونحن أبناء الشعب الفلسطيني أصابنا الملل والاحباط جرّاء عدم انجاز وحدة الوطن والفصائل ، وتنفيذ ما اتفق عليه في القاهرة منذ زمن بعيد . ومنذ حصول الانشقاق في الصف الوطني واقامة امارتي غزة والضفة ، ونحن نسمع عن "بشرى" تحقيق المصالحة ، ورغم القنوات الحوارية والمبادرات العربية والضغط الشعبي والحراك الشبابي في الشارع الفلسطيني لانهاء هذا الانقسام المدمر ، الذي لا يستفيد منه سوى الاحتلال ويخدم مشاريعه الاستيطانية ، الا أن شيئاً لم يتحقق على ارض الواقع ، وكل ما سمعناه ولا نزال نسمعه ويتناقله الاعلام هو هراء وسراب وفقاعات في الهواء ، ومجرد تصريحات ليس الا ..! .
ان انهاء الانقسام هو احدى الركائز الأساسية لاستمرار الكفاح الوطني الفلسطيني ، ولا يمكن لشعب يقاوم بطش الاحتلال ، ويناضل للخلاص منه ونيل الاستقلال الوطني واقامة دولته المستقلة ، تحقيق أهداف ثورته ونضاله وهو منقسم على نفسه ، وممزق وطنه ، ومقطعة اوصاله ، وتنقصه الاستراتيجية المشتركة ، والموقف السياسي والنضالي الموحد ، والهدف الواحد .
ان شعبنا الفلسطيني وقيادته أمام انعطافة هامة وتحدٍ كبير ، في ظل فشل المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ، فإما طريق المصالحة والوحدة الوطنية وتحدي الاحتلال أو مواصلة الصدع والانشقاق والشرخ في الساحة الفلسطينية . والمشهد الفلسطيني الراهن ، وما يواجهه شعبنا من عدوان استيطاني متواصل ، وعمليات قتل واغتيال - كما حدث بالامس في مخيم جنين - يتطلب نبذ الفرقة والخصام وانهاء الانقسام وتحقيق المصالحة ، وعزل كل المواقف والتصريحات الانقسامية ، وتعزيز المواقف الوحدوية ، وتكثيف العمل الفصائلي الموحد ، فهذا هو السبيل لتحقيق ما يصبو اليه شعبنا من حرية واستقلال تحت العلم الفلسطيني .