عام 2013 يكشف أوهاما وعام 2014 يثير تخوفات

بقلم: إبراهيم أبراش

مع بداية كل عام جديد يسارع أهل الفكر من كُتاب ومثقفين إلى تسطير خواطر وانطباعات  يستعرضون من خلالها أحداث العام المنصرم بما حَفِل به من إيجابيات وسلبيات ، والتكهن بما سيأتي به العام الجديد انطلاقا من حصاد ما قبله. ولسنوات كنا وكان غيرنا من الفلسطينيين عندما نقوم بهذه الإطلالة الفكرية نجد كثيرا من الايجابيات لنتحدث عنها مع بعض السلبيات . مع مرور السنين  ومع صيرورة كل عام أكثر سوءا من سابقه وتسارع خطى الانهيار الوطني على كافة المستويات. هكذا بات الحصاد السنوي أقرب للتراجيديا المحملة بالمآسي والنكسات مع قليل مما يمكن اعتباره (انجازات) وغالبية هذه (الانجازات) تحمل من التراجيديا أكثر من النكسات ، كاعتبار كثرة عدد الشهداء والمصابين والأسرى و نتائج العدوان الإسرائيلي من دمار وخراب الخ انتصارات ، بل وصلت المهزلة أن كتاب وسياسيي حركة حماس يصنفون الانقسام المدمر انتصارا ،والنتائج المدمرة للعدوان على غزة انتصارات ! . ولولا إيمان الشعب بعدالة قضيته وصبره وصموده ، ما تبقى شيئا يسمى المشروع الوطني أو القضية الفلسطينية .

 هذا التحول أو الانتقال في لغة الكتابة عن الحصاد السنوي يناظره تحول في لغة المعايدة أو تهنئة الفلسطينيين لبعضهم البعض . كنا نهنئ بعضنا البعض قبل سنوات بكل ثقة وعزة نفس وكرامة  بالقول : (كل عام وانتم بخير وإنشاء الله السنة القادمة في البلاد-  فلسطين المستقلة والمُحررة من الاحتلال - ) ، أما اليوم فالتهنئة بالأعياد باتت تفتقر لكل فرحة وتعبر عن المرارة وعن تراجع الطموح والأمل بالمستقبل، بحيث باتت كلمات التهنئة  (كل عام وانتم بخير)  تخرج من الفم بحكم العادة و بمرارة ومشفوعة بكلمات مثل الله يفرجها ، والله يصلح الحال ، وإنشاء الله السنة القادمة نحقق المصالحة وننهي الانقسام) الخ . 

بعيدا عن أوهام الانتصارات التي يروجها السياسيون وتوابعهم من أشباه المثقفين لإخفاء فشلهم بل وفسادهم ومسؤوليتهم عن صيرورة الأمور إلى ما هي عليه ، فإن أي حديث عن حصاد 2013 لن يكون فيه إلا كل ما يثير الأسى والألم ، ما عدا  حركة الأسرى بالدفاع عن قضيتهم اعتمادا على أنفسهم وأمعائهم الخاوية من خلال الإضراب عن الطعام  ومواجهة سجانيهم الصهاينة . بالرغم من ذلك يكمن وراء هذا الحصاد السلبي وجه إيجابي ولكن من باب ( رب ضارة نافعة ) ، حيث كشفت  مجريات أحداث  2013 كثيرا من الأوهام وأسقطت كثيرا من المراهنات،وتضعضعت يقينيات ومطلقات أهمها :-

1-   وهم وأكذوبة الربيع العربي .

2-  وهم وأكذوبة حوارات المصالحة الفلسطينية لإنهاء الانقسام .

3-   وهم وأكذوبة أن المفاوضات لوحدها ستؤدي لقيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة وغزة .

4-  وهم وأكذوبة أن المقاومة الفصائلية دون إستراتيجية وطنية للمقاومة ستحرر فلسطين .

5-  وهم وأكذوبة أن المقاومة حررت قطاع غزة وأن القطاع بات أراضي محررة .

6-  وهم المراهنة على أطراف خارجية  لتحقيق أهدافنا الوطنية .

7-  وهم إمكانية انجاز تنمية شمولية أو بناء مؤسسات الدولة مع استمرار الاحتلال.

8-  وهم أن خطاب الرفض العدمي يمكن أن يشكل برنامجا سياسيا أو حالة وطنية .

9-  وهم أن الدين يمنح شرعية سياسية  لشخص أو حزب  أو نظام .

10- وهم أن التاريخ يمنح شرعية سياسية لشخص أو حزب أو نظام .

أما بالنسبة لعام 2014 ومع تمنياتنا بان يكون عام خير وبركة وان تستفيد النخب والشعوب العربية والشعب الفلسطيني من أخطاء الأعوام السابقة ومن انكشاف الأوهام المُشار إليها أعلاه ،إلا أننا نتخوف أن يكون العام القادم أكثر صعوبة ومأساوية  عربيا وفلسطينيا، وتتركز تخوفاتنا على ما يلي :-

1-  استمرار المفاعيل التدميرية للفوضى والحروب الأهلية في سوريا وليبيا ومصر ولبنان والسودان الخ .

2-   الخشية من امتداد الفوضى وفتنة (الربيع العربي )  إلى دول الخليج العربي بعد التفاهمات بين إيران والغرب .

3-  استنزاف واستدراج الجيش المصري لحرب أهلية حتى لا يتفرغ للقيام بدوره الوطني والقومي في بناء الدولة المصرية ومواجهة إسرائيل .

4-  تزايد تراجع الاهتمام العربي والإسلامي الرسمي والشعبي بالقضية الفلسطينية ، مما سيزيد من ضعف الوضع الفلسطيني سواء لمن يقول بالمقاومة أو من يقول بالمفاوضات والتسوية السلمية .  

5-  استمرار حالة الانقسام الفلسطيني – وجود حكومتين وسلطتين – واستمرار نهج إدارة الانقسام خِفية .

6-  مزيدا من التضييق والحصار على قطاع غزة مع عمل أطراف عديدة داخلية وخارجية على تأجيج فتنة داخلية وصراع على السلطة والحكم في القطاع .

7-   سيتم التمديد للمفاوضات تحت ذريعة منح كيري فرصة أخرى ،وأثناء ذلك سيستمر الاستيطان والتهويد .

8-  تآكل الدور والوظيفة الوطنية للسلطة في الضفة وانتشار حالات الفوضى والانفلات .

9-  سيشهد قطاع غزة حالات اغتيالات سياسية وتفجيرات وتفكك التحالفات بين حماس وجماعات الإسلام السياسي الأخرى داخل القطاع .

10-تضاؤل فرص قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ، وعودة تحريك فكرة الوطن البديل من خلال صيغ جديدة لعلاقة ما تربط بعض مناطق الضفة ذات الكثافة السكانية بالضفة ، وربط قطاع غزة بمصر.

وسنة سعيدة وكل عام وانتم بخير

‏28‏/12‏/2013

[email protected]