البروتوكول الدبلوماسي

بقلم: حنا عيسى

البروتوكول في السياسة الدولية، هو عبارة عن إتيكيت خاص بقواعد الدبلوماسية وشؤون الدولة. وهو القاعدة التي توجّه الكيفية التي يجب أن يؤدى بها تصرّف أو نشاط ما. والبروتوكول في المجالات الدبلوماسية ومجالات الخدمات الحكومية، عبارة عن مجموعة من القواعد أو التوجيهات والتي تكون في أغلب الأحيان شفهية أو غير مكتوبة. فالبروتوكولات تحدد السلوك السليم أو المتعارف على قبوله فيما يتعلق بأصول الدبلوماسية وشؤون الدولة. ومثال ذلك اظهار الاحترام المناسب لرئيس الدولة، ومراعاة الترتيب الزمني (حسب الأقدمية أو العمر) للدبلوماسيين عند تنظيمهم في مجلس أو اجتماع ما.

وهو فن الالتزام بالقواعد المرسومة وتطبيقها بكل دقة وعناية والتمسك بها والحرص عليها باعتبارها حقاً لدولة الممثل ولا لشخص الممثل. وهو مجموعة من الإجراءات والتقاليد التي تحكم قواعد اللياقة التي تسود المعاملات الدولية وتقوم تنفيذاً للقواعد الدولية والعامة وبناءً على العرف الدولي.

ويعرف البروتوكول ايضاٌ في المصطلح الدارج، التقليد أو القاعدة، كما تعنى كلمة "اتيكيت" الذوق ومراعاة شعور الأخر. وقد نشأ المصطلح بشكل عام، في إطار عملية وضع قواعد السلوك الضروري عند المجتمعات المتحضرة، أو عند الطبقة الراقية في هذه المجتمعات، ثم تطور استخدام المصطلح ليشير إلى مجموعة القواعد، التي تضبط سلوك مجموعات من العاملين الذين يكون للمجاملة والذوق المتبادل دور مهم في عملهم. وهكذا ووفق هذا المعنى أصبحت قواعد البروتوكول مألوفة ومتطورة في العلاقات بين الملوك والرؤساء، وبين مبعوثيهم الدبلوماسيين والخاصين وفى المنظمات والمؤتمرات الدولية. وكلما اتسع نطاق المعاملات الدولية، أصبحت قواعد السلوك القائمة على المجاملة والذوق أكثر اتساعاً واستخداماً، مثل التحية البحرية، والتحية العسكرية للقوات المسلحة للدول المختلفة، ورموز تحية الموتى والقتلى، ثم الأعراف والمراسم والاتيكيت في مجال الزيارات، والممارسات الدبلوماسية المختلفة.

 

البروتوكول الدبلوماسي:

يدل على وجود نمط من القواعد والتقاليد والأعراف التي يشيع استخدامها في العلاقات الدولية فقد شكلت على مر العصور القواعد المقبولة عموما والتي تشمل جميع الممارسات الدبلوماسية . البروتوكول الدبلوماسي أصبح لاغنى عنه لتنفيذ أي مهام دبلوماسية سواء أكانت زيارة رسمية أو اجتماع لرؤساء الدول أو عقد مؤتمر دولي أو مراسلات خارجية أو اعتماد مبعوثين دبلوماسيين ولذلك يعتبر البروتوكول أداة سياسية حساسة من الناحية الدبلوماسية .و بطبيعة الحال لكل دولة بروتوكول خاص بها حددته بالاعتماد على تاريخها وخلفيتها الثقافية وقواعد البروتوكول بشكل عام تبقى دون تغيير.

الدبلوماسية علم وفن:-

تعرف الدبلوماسية بأنها علم وفن، علم لأنها تتطلب في العضو الدبلوماسي اتساع الثقافة والاحاطة بالعلوم المختلفة، وبالمتغيرات الدولية، وبالقانون الدولي وغيره.

أما الدبلوماسية كفن، فإنها تعتمد على المواهب الشخصية للعضو الدبلوماسي وقدراته على الاتصال الاخرين، وكسب الصداقات، وعلى استخدام القواعد الدبلوماسية بحذق ولباقة، علاوة على الصفات الشخصية الأخرى التي يحتاجها العمل الدبلوماسي ومنها الالمام بقواعد السلوك الدبلوماسي التي تتكون من المراسم "البروتوكول" وآداب اللياقة "الاتيكيت" والمجاملة.

الجهات التي تتولى إدارة المراسم:-

- دائرة المراسم أو التشريفات في رئاسة الدولة حيث تؤدي عدة مهام من أهمها:

- تطبيق مراسم الاستقبال وتوديع رئيس الدولة في زيارة رسمية.

- تنظيم مراسم الاحتفال الرسمي الذي يقيمه رئيس الدولة بمناسبة زيارة ملك أو رئيس دولة.

- إعداد برنامج زيارة يقوم بها رئيس الدولة إلى دولة أجنبية.

- إعداد برنامج زيارة يقوم بها رئيس الدولة داخل البلاد.

- نظيم مراسم تقديم أوراق اعتماد السفير الجديد إلى رئيس الدولة بالتنسيق مع وزارة الخارجية.

- الإشراف على مراسم جميع الاحتفالات التي يحضرها رئيس الدولة.

- دائرة المراسم في وزارة الخارجية حيث تتولى شؤون المراسم في تلك الوزارة.

 

وتُعالج قواعد البروتوكول، طبقاً للبروتوكول الدبلوماسي، الذي يشمل قواعد سلوك رؤساء الدول والممثلين الشخصيين لهم ولدولهم. ويتم ذلك طبقاً لأربع نقاط أساسية كالآتي:

1- ينصرف البروتوكول إلى الجزء الرسمي الإجباري، كما ينصرف إلى قواعد الذوق العامة والمألوفة، في مجال العمل الدبلوماسي والعمل الرسمي بين الدول؛ ولذلك فإن الإخلال بالجزء الرسمي يؤدي حتما إلى إضرار في مجمل العلاقات الدبلوماسية، وربما السياسية أيضا وفق درجة أهمية القاعدة والحساسية، التي تحدثها في هذه العلاقات. أما تجاهل الجزء الشخصي في هذه القواعد، فقد يقتصر أثره على إحداث تعقيدات للشخص، الذي يتجاهله، في حدود لا تنسحب إلى مجمل العلاقات الرسمية. فهناك فرق بين أن يتجاهل السفير قواعد الاتصال، مع كبار المسؤولين في الدولة المضيفة، ولو بتعليمات من حكومته، كإثارة مسائل داخلية حساسة دون التزام اللياقة الواجبة، وبين أن يتخلى السفير عن اللياقة في مناسبات مماثلة، دون أن يكون مكلفاً بإبلاغ رسالة حادة إلى الدول المضيفة.

2- يختلف البروتوكول عن العلاقات العامة، كما يتفق معها في وجوه أخرى؛ فكلاهما يقع في إطار واحد، ويهدفان إلى تحقيق الانسجام في علاقات الأفراد، بما يجعل هذه العلاقات أداة لتيسير المعاملات، وليست عقبة أو عبئًا عليها. ذلك أن العلاقات وسيلة إلى غاية تعقبها، فإن تعثرت الوسيلة عزّت الغاية وتعذر تحقيقها. ولكن هذا الاتفاق والتماثل بين البروتوكول والعلاقات العامة، يجب ألا يُخفي اختلافاً جوهرياً بينهما، هو في أن البروتوكول حرفة ونظام وقواعد تمارس بشكل إجباري، ويؤدي تجاهلها إلى الإضرار بعلاقات الدول، بينما العلاقات العامة تتوجه إلى عموم الناس، ويترتب على تجاهلها تعقد العلاقات وتعثر المعاملات في قطاع معين. ويضاف إلى ذلك أن قواعد العلاقات العامة متطورة وغير محصورة، خلافا لقواعد البروتوكول بالمفهوم الرسمي، الذي استقرت عليه عبر العصور.

3- إن قواعد البروتوكول تختلف عن مدونة السلوك، المألوفة في المجال الأخلاقي، سواء للأطباء، أو الرياضيين، أو المعاملات التجارية، أو العاملين في وزارات الخارجية في بعض الدول، كالولايات المتحدة. فمدونة السلوك لها طابع أخلاقي معنوي، أمّا قواعد البروتوكول فهي تعالج مجالاً مختلفاً في السّلوكيات الدبلوماسية، وتنطبق على فئة خاصة، وتُعنى بالقواعد السلوكية الخارجية العامة، خلافًا لمدونة السلوك، التي تضع قواعد التعامل في مجال محدد، لتساعد أطرافه في الوصول إلى نتائج محددة. فهذه القواعد مطلوبة لتسهيل الوصول إلى غاية أبعد، بينما قواعد البروتوكول مقصودة لذاتها، وهدف احترامها قد يكون غير مباشر، وهو تفادي تأثر العلاقات السياسة بمشكلات العلاقات الدبلوماسية.

4- إن تجاهل الدولة، أو الدبلوماسي، لبعض قواعد البروتوكول، قد يدفع الدولة المتضررة إلى الرد، ويتوقف الرد على نوع المخالفة، وهل تعدّ المخالفة انتهاكاً لقاعدة قانونية، أم لقاعدة من قواعد المجاملة، التي يجب أن تراعى فيها قاعدة المعاملة بالمثل.

 5- البروتوكول الدبلوماسي فهو مجموع القوانين والعادات والتقاليد المرعية من قبل الحكومات ووزارات الخارجية والبعثات الدبلوماسية والشخصيات الرسمية في المجتمع الدولي، له قواعد ليست نتاج لشعب أو أمة أو دولة ولا هو تكرار فعل لمجموعة من الدبلوماسيين في زمن ما، بل هو محصلة قرون من المعاشرة والاختلاط بين مختلف الدول، وبالتالي فهو نتاج التاريخ الإنساني بشكل عام.

 

البروتوكول وآداب الحفلات والمقابلات

آداب الحفلات والموائد

قبل توجيه الدعوة يجب تدوين أسماء المدعوين لبيان مدى إمكان انسجامهم وتآلفهم، وترسل الدعوات قبل موعد الدعوة بمدة كافية تسمح للمدعو بأن ينظم وقته كي يتمكن من الحضور خصوصاً إذا كان من رجال الأعمال أو الدبلوماسيين، وعلى المدعو أن يبادر إلى تأكيد قبول الدعوة أو الاعتذار عنها، كما يجب تفادي إقامة الحفلات في العطلات الرسمية أو الأسبوعية، مع مراعاة عدم إقامة حفلات متعددة، من جانب هيئات رسمية متعددة للمدعوين أنفسهم.

وفى حالة الدعوات بمناسبة زيارات رؤساء الدول والوزراء أو الدعوة لحفلات الأعياد القومية للدولة المضيفة، فيجب أن يكون الاعتذار عن الغياب بسبب عذر قاهر كالمرض أو السفر ولا يجوز الاعتذار بسبب الارتباط بموعد سابق، ويراعى حضور الحفلات الرسمية في الوقت المناسب، وقد جرت العادة أنه في حفلات الرسمية يتم تحديد أسماء المدعوين أمام المقاعد، وفى هذه الحالة يجب الحضور خلال الدقائق العشر الأولى.

أما ترتيب الجلوس في الموائد، فيراعى فيه أن يدخل ضيف الشرف وزوجته أولاً، ثم تتبعهما السيدات فالرجال حسب مراكزهم وأسبقياتهم. أما حفلات رؤساء الدول فيدخل كافة المدعوين أولا ويقفون خلف مقاعدهم، ثم يدخل الضيف ومضيفه، وبعد جلوسهما، يجلس المدعوون بعدهما.

 

تراعى القواعد الآتية في الحفلات:

1. يحل مندوب الرئيس أو الوزير محل من ينوب عنه.

2. يبدأ الحفل بعد دخول رئيسه، ولا يخرج أحد قبل خروجه.

3. عند المصافحة باليد تكون لطيفة ولا تمسك اليد بقوة، كما لا تبقى اليد عند مصافحة السيدات لمدة أطول مما يجب، ولا تمسك اليد بارتخاء.

 ويفضل في الحفلات الرسمية وضع خريطة بالمقاعد وأرقامها، ووضع بطاقة على كل مقعد، ويقدم داعي الحفل رئيس الحفل أولاً، ثم المدعوين عن يمينه، ثم عـن يساره.

ويجب تحديد ظروف الحفل، ونوع الزي، كأن يكون بدلة كاملة رسمية، أو ملابس خفيفة أو عادية أو الزي القومي كما يجب تحديد نوع العشاء أو الغداء: بوفيه مفتوح، أو حفل كوكتيل في فندق، منزل، حديقة.

 

آداب المواعيد والمقابلات

عند حضور الموائد وحفلات الاستقبال، تراعى المواعيد المحددة في بطاقات الدعوة، وعلى رؤساء الدول الحضور قبل الموعد استعداداً للمناسبة، تقضي المجاملة واللياقة بعدم مغادرة حفلات الاستقبال، قبل مضي نصف ساعة على الأقل من حضورها، ويجب أن يشكر الضيف الداعي عند المغادرة، أيا كانت مناسبة الدعوة، ومن غير اللائق مغادرة الحفل خفية، إلا لأسباب خطيرة، أما إذا كانت بلد المدعو في دولة مضيفة في حالة حداد، فلا يجوز له حضور الحفلات الرسمية.

 أما مواعيد المقابلات، فيتعين على زائر الشخصيات الكبيرة أن ينتظر، كما يجب على هذه الشخصيات أن تستقبل الزائر، في الموعد المحدد سلفاً، وينهي المضيف المقابلة عادة، ولا يجوز للضيف خاصة في مواجهة الرئيس أو الوزير أن يبادر هو بإنهائها، وليس هناك مدة محددة للزيارة، والأمر متروك للمضيف، وإذا حل موعد دخول الضيف، فعليه الانتظار إذا كان المسؤول مشغولاً في مكالمة هاتفية.

 أما زيارات التهاني أو التعازي، فتقضي اللياقة الحضور في الموعد المحدد للدعوة، أو الموعد المقرر للتعزية، وتكون مدة حضور التهنئة أطول عادة من المدة التي يقضيها الشخص للتعزية، وذلك كله وفقا للعرف السائد في كل دولة.

 

آداب التقديم والتعارف والتحية

إذا كان الحفل مقاما لتكريم ضيف شرف، فيقدم الداعي المدعوين إلى ضيف الشرف، وتراعى القواعد التالية في التقديم والتعارف:

- يقدم الرجل إلى السيدة (إلا في حالة الملوك ورؤساء الدول).

- السيدة الشابة تقدم للسيدة المسنة.

- تقدم السيدة الأقل مركزاً للسيدة الأعلى.

- تقدم الآنسة أوالسيدة الغير متزوجة إلى السيدة المتزوجة إلا إذا كانت الأولى تتمتع بمركز رفيع في المجتمع فنعكس الوضع.

- تحية السيدات تكون قبل الرجال.

- السيدات لا يقفن عند التعارف أو المصافحة، أما صاحبة الدعوة فتقوم لتحية ضيوفها رجال أو نساء.

- يقوم الرجل من مقعده لمصافحة رجل آخر.

- تقوم السيدات مجاملة عند مصافحة رجل مسن.