العملية الديمقراطية ومستقبل العراق

بقلم: شاكر فريد حسن

يستعد الشعب العراقي في هذه الأيام للانتخابات البرلمانية التي من المقرر أن تجري في أواخر شهر نيسان ألقادم، وهي أقسى انتخابات سيشهدها العراق بعد عشر سنوات من تكرار الوجوه والشعارات وقطع ألوعود.

وتكتسب هذه الانتخابات أبعاداً سياسية وأهمية بالغة في ظل الواقع العراقي المتشابك والمعقد ، وتدهور الأوضاع الداخلية ، وازدياد العمليات الإرهابية العشوائية والممنهجة ، التي تقوم بها مجموعات مسلحة ذات بعد طائفي ، غالبيتها من عناصر القاعدة والحركات الوهابية التكفيرية المتطرفة ، وذلك بهدف إشاعة ثقافة الخوف وتقويض الأمن المجتمعي ، وتأجيج وإشعال الفتنة ، وترسيخ القبلية والطائفية والعرقية .

وتخوض القوى المدنية الديمقراطية هذه الانتخابات في إطار جبهوي تحالفي هو (التحالف المدني الديمقراطي) ، الذي يضم بين مركباته ومكوناته التيار الديمقراطي المكون من الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الأمة العراقية وحزب العمل الوطني الديمقراطي وحركة العمل الديمقراطية وشخصيات ديمقراطية مستقلة مع الحركة الاشتراكية العربية وحزب الشعب وأبناء الحضارة ، فضلاً عن شخصيات اعتبارية ونوعية مستقلة من الساسة الديمقراطيين يشهد لهم بالنزاهة ونظافة اليد والحرص على المشروع المدني الديمقراطي وموضوعة الدولة المدنية الديمقراطية ، وهو تحالف قائم على توحيد قوى التغيير والإصلاح واليسار والمدنية لأجل عراق حر ومستقل تسوده العدالة الاجتماعية والديمقراطية .

ومن الممكن أن تمثل هذه الانتخابات البرلمانية نقطة تحول في تاريخ العراق ، فإما الاستمرار في نهج التبعية والعفن والفساد المالي والإداري المؤسساتي والمحاصصة الطائفية الذي تدار على أساسه البلاد ، وتفتيت مقومات العراق ونهب ثرواته ومقدراته لسنوات طويلة قادمة ، وإما انتصار نهج التغيير والإصلاح والبديل الديمقراطي الذي قد يفضي لتغيير حقيقي ، باعتبار أن هذه الانتخابات فرصة تاريخية لالتقاط الأنفاس للعملية السياسية ووضع حد للاحتراب الداخلي الطائفي الدموي وتقسيم العراق وتجزئته في نهاية المطاف .

هناك أمل أن ينهض العراق مما يمر به حالياً من أزمة سياسية بنيوية ومحنة اجتماعية ، وفساد مستشرٍ ، وتراجع ثقافي وفكري ، ووضع اقتصادي منهار ، إلى دولة موحدة ومستقرة تتجه نحو مستقبل ديمقراطي . وهذا يتطلب من الشعب العراقي الخروج إلى صناديق الاقتراع وحسم المعركة لصالح قوى السلام والخير والنور ، القوى الديمقراطية والليبرالية والمدنية والتقدمية واليسارية والمتنورة ، القادرة على قيادة السفينة إلى بر الأمان بصدق وأمانة ونزاهة وكفاءة وشفافية وإخلاص ، وبناء دولة المواطنة والعدل والمساواة والضمانات الاجتماعية وتحقيق الاستقرار ، وتجفيف مستنقع الإرهاب والعنف الدموي .