مع بزوغ فجر يوم الثلاثاء تبدأ حياة جديدة للأسير محمود سليمان (46 عاما) ، وعائلته بخروجه من الأسر الذي غيبه سنوات طويلة جدا عن رؤية زوجته وابنائه الذين تجمعوا هم واقربائهم والاحبة امام بيته لينتظروه بفارغ الصبر ، فاللحظات المتبقية على موعد الافراج عن الاسير سليمان تعني إليهم الكثير .
22 عاما مجموع السنوات التي قضاها الاسير سليمان، من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي ، حرم خلالها من عناق فلذات كبده ، فقد تزوج ثلاثة من ابنائه خلال فترة اعتقاله وانجبوا لهُ احفادا ، فيما ابنته ( مريم ) كتب لها الزواج وان تغادر قطاع غزة الى دولة الامارات دون ان تكحل عينها ولو لمرة واحد برؤية ابيها الذي اعتقل وهي طفله .
فرحت خروج الاسير سليمان من سجون الاحتلال ضمن الدفعة الثالثة من الافراجات عن اسرى المؤبدات، عكست نفسها على بيته ومنطقة سكناه فقط تزين البيت والشوارع المؤدية إليه بالعلم الفلسطيني والورود ورايات الجبهة الشعبية التي انتمى إليها حين كان شابا وعمل في صفوفها ، فيما احتشدت النساء يرتدين الثوب الفلسطيني المطرز في الساحة امام بيته احتفاءا وفرحة وسعادة بخروجه من السجن ولاستقباله بالزغاريد .
ام محمد زوجة الاسير لم تستطع التعبير عن الفرحة التي ملأت قلبها بخروج زوجها تقول لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، " لما اسمعت خبر خروجه من السجن والافراج عنه ما صدقت ، فرحتي لا توصف ، الحمد لله رب العالمين (..) ننتظره ان يفرج عنه بلهفة وشوق ونعوض لسنين يلى انحرمنا منه ".
ام محمد في غياب زوجها كانت الام والاب لأبنائها فكانت تدير امور بيتها لوحدها منذ ان كان ابنائها صغار وتقول" زوجت اولادي ثلاثة وكبرتهم لكن ما كانت احس بفرحة ، الفرحة ما دخلت قلبي من يوم اعتقال زوجي واللحظات يلى بدنا أنشوفه فيها هي الفرحة الحقيقة ".
ابن الاسير شريف ، حاله كحال اخوته الخمس ، لا يكاد يصدق ان ابيه سيكون بينهم بعد ساعات معدودة يقول لمراسلنا" لحتى اللحظة مش مصدق انه راح يخرج من السجن الا لما اشوفه قدامي وكلنا حوليه ".
ويضيف شريف الذي اثر على نفسه الزواج قبل خروج ابيه من السجن " انا خاطب من ستة شهور واخرت فرحتي زفافي عشان يكون بينا ، وربنا استجاب لدعوتنا ".
واوضح ان اخته مريم المتزوجة في الامارات ابلغتهم فور سماع خروج ابيها من السجن انها ستتجه على وجه السرعة الى القطاع لتعانق اباها وتحتفل بخروجه من السجن .
رجال العائلة واقرباء الاسير سليمان لم يناموا الليل منذ ان سمعوا خبر الافراج عن ابنهم ضمن الدفعة الثالثة ، فقد تجمعوا على مدخل شارع بيته وقاموا "بتسفيط " الكراسي لاستقبال المهنئين وابنهم الاسير ، ويشير مجاهد الزين احد اقرباء الاسير ، الى مشهد اعتقال الاسير سليمان " اجا جيش وجبات عسكرية اسرائيلية للبيت في النهار وقاموا باعتقاله وبقي اطفاله يبكون وكانت لحظة صعبة جدا ، هذه اللحظات مازالت في ذاكرتي لم انساها ".
ووجه مجاهد رسالة شكر الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس " باسمي وباسم العائلة واقرباء الاسير بوجه شكر الى ابومازن يلى قرب الاسرى الى اهليهم والى ابنائهم ".
يذكر أن الأسير سليمان معتقل منذ عام 1994 ومحكوم بالسحن مؤبد و12 عاما وهو أحد الاسرى المرضى الذين قبعوا في "عيادة سجن الرملة" عدة سنوات ، حيث يعاني من وضع صحي صعب للغاية بعد اصابته بتضخم بالقلب وانسداد الشرايين وقد أجريت له عمليتان اضافة الى اصابته بضيق مستمر في النفس وأمراض الضغط والسكري.
وبرغم من فرحة عائلة الاسير محمود سليمان الا انه تبقي الاف الاسر الفلسطينية تنتظر ان يدخل بيتهم الفرحة بخروج ابنائهم من داخل سجون الاحتلال الاسرائيلية بالقريب العاجل ، وان ينعموا بحياة هادئة بجوار ابنائهم الاسرى .
ومن المتوقع حسب ما اعلنته مصلحة السجون الاسرائيلية وما اكدته وزارة شؤون الاسرى والمحررين الفلسطينية ان يتم الافراج عن الدفعة الثالثة عن اسرى ما قبل اسلو او ما يطلق عليهم ( الاسرى القدامى) والتي تضم 26 أسيرا فجر يوم الثلاثاء وجميعهم قضواً أحكاماً تتراوح بين 19 و28 عاما.
ووفق توزيع أوردته وزارة شؤون الأسرى والمحررين ، فهناك 21 أسيرا ضمن القائمة يتبعون لحركة فتح، وثلاثة من الجبهة الشعبية، وأسير من حركة الجهاد الإسلامي وأسير من حزب فدا، من بينهم ثلاثة أسرى من قطاع غزة.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد صادقت في 20 يوليو/تموز الماضي على الإفراج عن 104 أسرى فلسطينيين اعتقلوا قبل بدء تطبيق اتفاقية أوسلو عام 1994، وذلك تمهيدا لاستئناف المفاوضات مع القيادة الفلسطينية.
وأفرجت إسرائيل عن 52 أسيراً ضمن دفعتين منتصف أغسطس/آب ونهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضيين، على أن يجري الإفراج عن الدفعة الرابعة والأخيرة نهاية مارس/آذار 2014 القادم، وفق ما صرح وزير شؤون الأسرى الفلسطيني عيسى قراقع.