صور.. المحرر بربخ.. من عذابات مقابر الأحياء لرحلة البحث عن العلم

على الرغم من تثبيط الاحتلال الاسرائيلي لمعنويات الأسرى وحرمانهم من أبسط حقوقهم، وجعلهم أموات في مقابر الأحياء، لكن ذلك لم يقتل طموحهم، برسم مستقبلٍ مشرق لهم، لإيمانهم بقدوم ساعة التحرر وتنسم عبق الحرية يومًا ما.

المحرر رامي جودة زكي بربخ من سكان محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، واحدًا ممن تنسموا الحرية فجر الثلاثاء من داخل السجون الإسرائيلية، برفقة 25 أسيرًا من الأسرى القدامى، كان يتعامل الاحتلال معهم وكأنهم أموات، وحرمهم أبسط معاني الحياة، وحاول قتل أحلامهم.

بربخ حلم بمستقبل يكون فيه متعلمًا، كان ذلك متاحًا وحقًا للأسير داخل السجن، لكن الاحتلال حرمه التعليم وإكمال دراسته بالجامعة العبرية، بعد أسر المقاومة في غزة للجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" وفرض الاحتلال قانونًا يحمل اسم الجندي، يحرم الأسرى كثيرًا من حقوقهم، خاصة التعليم والزيارة.

على الرغم من ذلك، وثق بربخ بوعد الله عز وجل، أنه سيكون في يومٍ ما على موعد مع الحرية، وسيُكمل دراسته الجامعية، هذه الثقة بوعد الله تحققت بالإفراج بالثلاثين من ديسمبر/ كانون أول 2013، والحُلم بالتعليم وإكمال مشواره نحو مستقبلٍ مشرق سيتحقق عام 2014.

الحنين للأهل

مراسل "وكالة قدس نت للأنباء" قابل بربخ بعد الإفراج عنه وتحدثت له ويقول : "ما إنّ دخلت غزة قبلت ترابها لأننا عندما اعتقلنا على قضية شريفة ومن أجل هدف عادل محترم هو تراب الأرض، الجزء الرئيس من حياتنا النضالية".

ويضيف "لذلك أول ما فكرت به هو تقبيل هذه الأرض التي أمضيت عشرون عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي من أجلها، والحمد لله عدت بصحتي وشخصيتي وثقافتي وانتمائي لوطني وليس فقط لتنظيم معين بل للوطن كله".

ويصف بربخ شعوره فور دخوله قطاع غزة بالجميل والرائع، لكن تبقى الفرحة منقوصة لأن هناك من الإخوة الأعزاء على قلبي بقوا وما زالوا يقبعون خلف القضبان ما يقارب خمسة آلاف أسير ومنهم ثمانين حالة مرضية خطيرة مصابين بالسرطان وننتظر استقبالهم بأكياس سوداء".

ويتمنى على الشعب الفلسطيني بأكمله العمل ولو لساعة واحدة في الأسبوع للتضامن مع الأسرى بشكل عام والمرضى منهم على وجه الخصوص، وأتمنى على الاخوة في الوفد المفاوض والفصائل الفلسطينية المقاومة أو أي كان من الشعب الفلسطيني والمناضلين الأحرار على مستوى العالم أن يتحركوا تجاه ملف المرضى، وضعهم فعلا خطير جدا.

واعتقل المحرر بربخ بتاريخ 7/10/1994 في عهد السلطة الفلسطينية على حاجز "أبو هولي" القريب من جسر مستوطنة "كفارداروم" سابقًا، على خلفية قتله ضابط إسرائيلي يُدعى "يوسي" بتاريخ 31/3/1994 بعد مطاردته لمدة سبعة أشهر.

ويقول بربخ الصادر بحقه وحكم بالمؤبد "الحمد لله أنا عندما قمت بهذا العمل قمت به من أجل وطني وشعبي وانتقاما لاستشهاد صديقي والاعتداء بالضرب على والدتي أمام أعيني، لذلك قررت أن أنتقم لما رأيت من عنجهية وقسوة الاحتلال الإسرائيلي".

ويشير أنه بعد 13عاما من اعتقاله تم تخفيف الحكم بالمؤبد إلى 25 عاما لصغر سنه أثناء عملية قتل الضابط، قائلا: "اليوم تم الإفراج عني بعد قضاء عشرين عاما في غياهب السجون, رغما عن السجان، وأشكر كل من ساهم في ذلك".

التخطيط للمستقبل

وعن مشروعه المستقبلي يوضح "ما أفكر به الآن التعليم، حيث كنت ملتحقا بالجامعة العبرية ولم أستطع الإكمال بسبب قانون شاليط وتم منعنا من التعليم، لكن ذلك لم يثنيني عن صقل نفسي وتثقيفها داخل السجن، وسألتحق بإحدى جامعات القطاع وأدرس تخصص العلوم السياسية والعلاقات الدولية لأنه التخصص الأقرب إلى عقول الأسرى".

وجدد بربخ عهده مع الأسرى قائلاً : "لن أنسى الأسرى فهم إخواني ولا يمكن أن نتوانى للحظة عن تقديم أي دعم ومساعدة لهم، وسأكون أو المتضامنين معهم أمام بوابة الصليب الأحمر الدولي بغزة بشكل أسبوعي، وسيكون هناك خطوات أخرى على الأرض إن شاء الله".

عدسة "وكالة قدس نت للأنباء" كانت حاضرة في لحظة استقبال الاسير المحرر بربخ في خان يونس فجر الثلاثاء الماضي ضمن الدفعة الثالثة من الاسرى القدامي المعتلقين قبل اتفاق اوسلو، والتي شملت 26 اسيرا 3 منهم من قطاع غزة و5 من القدس و 18 من الضفة الغربية..

وفيما يلي هذا التقرير .

تصوير/عبد الرحيم الخطيب

 

المصدر: خان يونس – وكالة قدس نت للأنباء -