عكست الدعوات التي اطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن ) لاستعادة الوحدة الوطنية والاسراع بتشكيل حكومة كفاءات وطنية ، بجانب إعلان اسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة غزة ، عزم حركة حماس اتخاذ قرارات هامة تمهد لمصالحة مجتمعية وتحقيق الوحدة الوطنية ، اجواء ومناخات تصالحية فتحت بارقة امل واسعة بحلول العام الجديد 2014 م للشعب الفلسطيني الذي مل الانقسام ويطالب بتحقيق المصالحة التي طال امدها .
وبصدد المواقف المعلنة والدعوات المتبادلة اعتبر محللون سياسيون في حديث لـ " وكالة قدس نت للأنباء " ان العام الجديد يمكن ان يكون بالفعل عام المصالحة الفلسطينية بسبب التغيرات والمعطيات المعقدة التي تمر بها القضية الفلسطينية في ظل وضع عربي مترهل وتغيرات حدثت اضرت بكلا الطرفين (فتح وحماس) وان الاخيرة جادة هذه المرة بدعوتها ومبادرتها بعد ان احسنت قراءة سياساتها السابقة .
المحلل السياسي والكاتب الفلسطيني طلال عوكل ، اعتبر ان هناك دارسة موضوعية للعوامل الكابحة لمقضية المصالحة مع وجود تقدير للظروف بالنسبة لحماس على وجه الخصوص وحركة فتح لإتمام المصالحة الشاملة وانهاء الانقسام ، "ومع ذلك لابد من عدم الاستعجال".
عام المصالحة..
وقال " اننا امام مناخات ايجابية متلاحقة ، ومبادرات متلاحقة تؤشر الى استنتاج مهم ان هذا العام 2014م ، الارجح سيكون عام المصالحة الفلسطينية "، مستندا لما اعلنته حركة حماس بانها بصدد تنفيذ خطوات تصالحية تأتي بعد مراجعة للفترة السابقة ، مضيفا " لكن لا نعرف الى أي مستوى ستكون الخطوات، هل ستصل لمستوى تخليها عن السلطة في قطاع غزة ام لا ؟ .
واضاف " في طبيعة الحال التصريحات وبعض المواقف العملية كموافقة حماس على احتفالات الذكرى 49 لانطلاقة فتح بغزة ومشاركتها في ايقاد الشعلة تؤشر الى انها ( حماس ) بصدد اتخاذ اشكال من المصالحة المجتمعية بالدرجة الاولى ومع الفصائل الفلسطينية والاطراف الاخرى ، بالإضافة لبحثها عن شراكة معقولة عبر اعلان نيتها باستعدادها لإجراء انتخابات بلدية ونقابية وتوافقات تدفع باتجاه الدخول في مرحلة الثقة واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ، ممكن ان تهيئ المناخ عمليا الى الانتقال الى المصالحة الشاملة .
وقال عوكل " معلوم ان هناك تقدير لعلاقة المفاوضات بالمصالحة على سبيل المثال ، لذلك الحديث يدور عن المصالحة خلال العام فلا بد ان تبدأ بمؤشرات ملموسة وخطوات على الارض يشعر من خلالها كل مواطن بوجود مصداقية بإتمام المصالحة " .
وحول ما اذا كانت المبادرات التصالحية من كلا الطرفين (فتح وحماس) تكتيكية كسابقها ، قال المحلل عوكل" رغم وجود بعض التصريحات المكررة الا ان هناك نفس جديد واجواء مختلفة ناتجة عن تغير الظروف بالمحيط العربي ، والتي تؤثر على جميع الاطراف ، علينا ان نعترف بوجود تحولات متغايرة بالنسبة للحركتين ، في ضوء ما يجري بالمنطقة فالانقسام لن يأتي بخير لأحد ."
طرف عربي..
وحول قراءته بان المبادرات التصالحية بدأت من حركة حماس هذه المرة ، رأى عوكل ، انها امر طبيعي نظرا لمدى تأثرها بالمتغيرات العربية لوجودها في قطاع غزة الذي يتعرض لحصار شديد ، وكان عليها كحركة مسؤولة ان تبادر بقراءة موضوعية لما يجري تمهيدا لتغير الوضع القائم.
واكد " اننا بحاجة الى طرف عربي للمساعدة على طوال الوقت لإتمام المصالحة رغم تزايد الارادة الفلسطينية في هذه الآونة لتحقيق المصالحة .
واشار الى ان المصالحة وبناء الوضع الفلسطيني تحتاج الى الطرف العربي دائما بسبب التعقيدات الموجودة والخلافات القائمة والعقبات في ظل اعتراض امريكي واسرائيلي كبير على المصالحة .
بدوره رأى المحلل السياسي الفلسطيني ابراهيم ابراش ، ان "حماس تعيش مازقا كبيرا بفعل عصف الازمات في قطاع غزة ، وذلك بسبب العلاقات السيئة مع مصر وسوريا ولبنان وايران ناهيك عن اسرائيل التي هي من اهم العناصر حيث الحصار البحري والبري والجوي والمالي الذي اشتد بصورة كبيرة في الشهور الاخيرة"
قرارات مهمة..
وقال أبراش الذي يعمل رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الازهر بغزة " هذا التنازل يتمثل في اعلان رئيس حكومة غزة اسماعيل هنية انه سيفصح عن قرارات مهمة في المستقبل القريب بما يتعلق بملف المصالحة ".
وأضاف ابراش " نحن امام امر ضمني، وهو ان يتم الاعلان عن حكومة وحدة وطنية، لأنه ليس منطقيا ان تكون هناك حكومة في الضفة واخرى في غزة ".
وعن تواصل حماس مع مصر قال " هناك اتفاق هدنة نص على وجود تواصل في حال التصعيد ضد قطاع غزة، لذلك من المنطقي ان يكون هناك وصلة بين حماس والمخابرات المصرية راعية اتفاق الهدنة مع اسرائيل الذي تم برعاية الرئيس المصري المعزول محمد مرسي ".
وكان رئيس الوزراء بحكومة غزة إسماعيل هنية، اعلن ان حكومته بصدد اتخاذ قرارات مهمة على صعيد العلاقة الوطنية الداخلية، من أجل خلق مناخ وطني أفضل، تمهيدا لتحقيق المصالحة المجتمعية في غزة والضفة وتحقيق المصالحة الوطنية العامة.
أثرها الطيب..
وقال هنية خلال مشاركته بحفل تخريج دورة عسكرية تابعة لجهاز "الأمن والحماية" بغزة، يوم الخميس، إن "العام الجديد 2014 سيحمل الخير لشعبنا الفلسطيني، وذلك باستعداد الحكومة الفلسطينية أكثر من أي وقت مضى لتحقيق الوحدة الوطنية."
وشدد على أن الحكومة أكبر جاهزية للمصالحة واستعدادا لدفع استحقاقات استعادتها في ظل المخاطر التي تحيط بالقضية والتحديات التي تنظمها المشاريع الأمريكية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.
ولفت هنية إلى أن القرارات التي سيعلن عنها بشأن المصالحة سيشعر بها كل وطني حر وكل بيت من بيوت غزة، وسيمتد أثرها الطيب إلى الضفة الغربية .
فيما احتفلت حركة فتح بذكرى انطلاقتها (49) في قطاع غزة بعد ان وافقت حماس على ذلك ، باضاءة شعلة الانطلاقة ايذانا ببدء الفعاليات الاحتفالية ، بمشاركة الناطق باسم حركة حماس سامي ابو زهري ، مما عكس روح من الاجواء التصالحية بين الحركتين .
عار الانقسام..
وكان الرئيس أبو مازن جدد الدعوة لاستعادة الوحدة الوطنية، وقال في كلمة متلفزة، يوم الثلاثاء، "نقول لحماس دعونا نتحرك وبسرعة لتنفيذ ما اتفقنا عليه تحت سقف بيتنا الواحد الموحد، لنشكل حكومة كفاءات ونحدد موعدا للانتخابات الرئاسية والتشريعية ليقول الشعب كلمته ولننهي عار الانقسام، دعونا نراهن على شعبنا، وشعبنا فقط، ولننأى بقضيتنا عن أية سياسات أو محاور تزجنا في معارك غير مبررة تلحق الضرر بشعبنا وتؤثر على رصيد قضيتنا الكبير لدى الشعوب العربية وشعوب العالم".
وشدد أبو مازن على أن هناك قوى فلسطينية مطالبة بإلحاح بأن تدرك عقم وخطورة المراهنة على ما يتجاوز البيت الوطني الفلسطيني وأولوياته، ولذلك فهي مطالبة بمراجعة برامجها وخياراتها لتؤكد على أجندة فلسطينية صافية تنسجم مع حركة النضال الفلسطيني.