يبدو أن السيد كيري الذي تتواصل جولاته المتكررة في المنطقة على فترات قصيرة يعتزم الضغط على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للقبول باتفاق مرحلي لمدة سنتين أو ثلاثة يحدد اتفاق إطار الوضع النهائي حسبما ما تتناقلة وسائل الإعلام وتصريحات السيد كيري نفسه ومطالبته للجانبين باتخاذ قرارات صعبة، فالزيارات المكوكية للسيد كيري للمنطقة لدفع عملية المفاوضات بين الجانبين أخذت أبعادا بين التهديد الأمريكي للفلسطينيين ودعم إسرائيل للدفاع عن نفسها وزيادة حجم الضغوطات على القيادة الفلسطينية للقبول بالخطة الأمريكية تمهيدا لقضايا الحل النهائي، ونشرت بعض وسائل الإعلام خطة كيري من تسع نقاط وهي نفس خطة أولمرت التي قدمها للرئيس عام 2008 حول الحدود ورفض حق العودة، فالسرية المحاطة بين الجانبين بعدم تسريب أي معلومات عما يجري على الطاولة المستديرة تجعل الكل الفلسطيني يجتهد بناءً على تصريحات المسئولين لمعرفة الحقائق وما يدور هناك بين الغرف المغلقة .
ومما لا شك فيه أن الاتفاقات المرحلية قد جربت قبل ذلك من خلال اتفاق أوسلو الذي وقع في حينه لخمس سنوات واستمر لعشرين عاما وتركت القضايا المحورية الأساسية كحق العودة والقدس والحدود لاتفاق الحل النهائي في ظل عدم التزام إسرائيل بما ورد في الاتفاقيات المتتالية بين الجانبين، واستمرت إسرائيل في سياستها بفرض سياسة الأمر الواقع على الأرض الفلسطينية من مصادرة الأراضي وتهويد القدس وتوسيع المستوطنات على مسمع ومرآي الإدارة الأمريكية وصمت دولي، فالاتفاقيات المرحلية لا تأتي ثمارها بل تنتقص من الحقوق والثوابت الفلسطينية على حساب الطرف القوي الذي يمارس التهديد والوعيد لإملاء شروطه وفق ما يريد، فالعداء الإسرائيلي واضح وضوح الشمس للشعب الفلسطيني من خلال الممارسات الإسرائيلية على الأرض، وتبدو نية إسرائيل الإبقاء على المستوطنات وتغيير الحدود بما يتلاءم مع الأطماع والأوهام الإسرائيلية التي لا تنتهي إلا بطرد السلطة الفلسطينية ومواطنيها خارج حدود فلسطين .
اليوم إسرائيل تدرك جيدا أن حجم المتغيرات الدولية تقلل من فرصتها على البقاء طويلا بنفس درجة قوتها السابقة، لذلك استنجدت بالإدارة الأمريكية لإيجاد حل مرحلي مع الفلسطينيين لكي يضمن لها التلاعب في المنطقة بطريقتها الخاصة، فالمتغيرات على ساحتنا الإقليمية والدولية تصب لصالح قضيتنا الفلسطينية، والقوى العظمى في العالم تعاني وأمريكا تعاني من مشكلات لصالح بروز قوى جديدة ولصالح إمبراطوريات جديدة في العالم، فالقيادة الفلسطينية مطالبه اليوم بعدم القبول بالاتفاقات المرحلية تحت أي ضغوط كانت، والتمسك باتفاق نهائي يحقق عودة اللاجئين التي تعتبر خط أحمر لا يمكن لأي مفاوض فلسطيني تجاوزه أو المساس به، وشعبنا الفلسطيني يمتلك وعيا كاملا حول مخططات كيري التي بدأت تتبلور لإنهاء أو تصفية القضية الفلسطينية، وحذاري القبول بتوقيع أي اتفاق مرحلي على غرار أوسلو، لقد تعلمنا الدرس جيدا ولا داعي للرجوع للوراء وإرادة شعبنا هي الخيار الأول والأخير للتصدي لتلك المحاولات الخبيثة وفضحها، ورغم أن محاولات كيري مصيرها الفشل إلا أن شعبنا الفلسطيني على بينة مما يحاك ضده في وضح النهار من الإدارة الأمريكية حليفة إسرائيل .
رمزي النجار
[email protected]