المستور في ترسانة “إسرائيل” النووية

بقلم: علي بدوان

إن كل الدلائل والمؤشرات تشي بأن الكيان الصهيوني يمتلك ما بين (100-200) رأس نووي بقدرات تدميرية متفاوتة، بما في ذلك قنابل نووية حرارية، وقد أكد فريق صحفي في صحيفة “الصنداي تايمز” في أوائل التسعينات ذلك، كما أكد عليهموردخاي فانونو” الفني اليهودي الذي يقضي حكماً في الكيان الصهيوني لمدة (18) عاماً، من خلال صور ووثائق،

يعود تطوير القدرة النووية في الكيان الصهيوني إلى اعتبارين أساسيين في التصور الصهيوني: الأول، أن ميزان القوى العسكرية ولا سيما العنصر البشري منه، لن يكون في مصلحة الدولة العبرية مع مرور الوقت مهما طال الزمن، والثاني أنه طبقاً للتجربة التاريخية لا يمكن الاعتماد على الضمانات الدولية للمحافظة على أمن الكيان الصهيوني. ومن الناحية العلمية، يجمع الباحثون في مجال الطاقة بأن الكيان الصهيوني يمتلك حاليًّا سبعة مفاعلات نووية، أهمها مفاعل ديمونة الذي أسس له أول رئيس وزراء في الكيان دافيد بن جوريون في العام 1957، في منطقة صحراء النقب بالاتفاق مع فرنسا، وقبل ذلك وفي عام 1949 تم إنشاء معهد وايزمن للأبحاث النووية، وقد جرت عدة محاولات لإيجاد طرائق جديدة لإنتاج الماء الثقيل واستخلاص اليورانيوم من الفوسفات، ويتوازى ذلك مع بناء وامتلاك السلاح الكيميائي بكافة أنواعه بما في ذلك المحرم دوليًّا. وتابعت الدولة الصهيونية نشاطها لجهة بناء مفاعلات نووية، ففي عام 1960 تم إنشاء مفاعل “ناحال سوريك” بالقرب من أسدود، وذلك من خلال مساعدة أميركية، ويعتبر هذا المفاعل من المفاعلات القادرة على إنتاج البلوتونيوم، وسبق ذلك بناء مصانع لإنتاج الأسلحة الكيميائية بمعونات بريطانية.

إضافة إلى ذلك فإن الكيان الصهيوني استطاع تشييد عشرة مصانع كيميائية، وأكثر المناطق ذات النشاط الكيميائي في فلسطين المحتلة هما منطقتا حيفا وعكا، حيث تعمل شركةحيفا كميكاليم” و شركة “فرقاروم” وتتركز صناعة الذخائر الكيميائية في منطقة “يتاح تكفا” في حين تتركز صناعة الغازات السامة في منطقة “حولون” وريشون لتسيون”، وهناك مصنع لغاز الأعصاب في منطقة تل أبيب، وتنتشر مصانع لصناعة غاز الخردل وغيره، وصناعة الذخائر، وهناك برامج وخطط صهيونية، وموازنات ضخمة لتطوير المفاعلات النووية، والمصانع الكيمياوية، وتجري الخطط وعمليات البحث والتطوير في المجالات المذكورة بسرية كبيرة، رغم الإشارات غير المباشرة في الصحف، ومراكز البحث الغربية، لامتلاك الكيان الصهيوني الأسلحة الكيمياوية والنووية المتطورة.

وبالنسبة للواقع الراهن للسلاح النووي في الكيان الصهيوني، فإنه بات من المؤكد أنه بعد أكثر من ستة عقود ونيف من قيام الكيان الصهيوني، وتوجهات أصحاب القرار فيه لامتلاك الخيار النووي، والقدرة النووية والأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية، التي يمكن استخدامها في المعارك المحتملة، وكان لفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، وكذلك للقدرات البشرية الأكاديمية والتقنية العالية بين المهاجرين اليهود، كان لها جميعاً انعكاسات مباشرة لامتلاك الكيان الصهيوني خياراً نوويًّا. حيث اعتمدت الدولة العبرية من خلال الشك والإيحاء عبر تصريحات وتلميحات بعض القادة الصهيونيين، ورؤساء الحكومات الصهيونية المتعاقبة، مدخلاً مهماً، للإعلان غير المباشر عن ما يسمى بـ (سياسة) الردع الصهيونية، وقـد اعتبر ذلك رسـالة من شقين: رسالة موجهة إلى مجتمع المهاجرين اليهود في فلسطين ليستقر

نفسيًّا، ولتبقى عوامل الجذب قائمة لاجتذاب مهاجرين جدد من يهود العالم، على اعتبار أن الهجرة ركيزة أساسية في المجتمع الصهيوني على أرض فلسطين المحتلة. ورسالة موجهة الى الدول العربية بأن هذا الكيان يمتلك رادعاً مؤثراً في العمق العربي على المدى الاستراتيجي، وبالتالي الإشارة إلى وجود خلل في التوازن لصالح الدولة العبرية الصهيونية.

والبرنامج النووي الصهيوني منذ الخمسينات، كان تحت إشراف وزارة الحرب، ما يؤكد الطابع العسكري الذي يتسم به البرنامج المذكور، أي أن الخيار النووي، هو قرار سياسي صهيوني في الدرجة الأولى، للإخلال في التوازن مع الدول العربية.

من هنا، إن كل الدلائل والمؤشرات تشي بأن الكيان الصهيوني يمتلك ما بين (100-200) رأس نووي بقدرات تدميرية متفاوتة، بما في ذلك قنابل نووية حرارية، وقد أكد فريق صحفي في صحيفة “الصنداي تايمز” في أوائل التسعينات ذلك، كما أكد عليه “موردخاي فانونو” الفني اليهودي الذي يقضي حكماً في الكيان الصهيوني لمدة (18) عاماً، من خلال صور ووثائق، وقالت الصحيفة المذكورة بأن الكيان الصهيوني ليس قزماً نووياً، ويجب على العالم النظر إليه، على أنه كيان نووي يتبوأ المرتبة السادسة في قائمة الدول النووية، وساعده في ذلك رفضه وبدعم أميركي مطلق، التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، فبات الكيان الصهيوني يمتلك سبعة مفاعلات نووية، وعشرة مصانع كيميائية، وفي هذا

الاتجاه ولتعزيز مكانة وقدرة الكيان الصهيوني على الردع، تبرر الولايات المتحدة الأميركية ضرورة تفوق هذا الكيان بالأسلحة الاستراتيجية غير التقليدية، للحفاظ على “أمنه وسلامته في المستقبل” وفق الموقف الأميركي.

وتبعاً لذلك، ساعد الموقف الأميركي الكيان الصهيوني في أن يصبح عضواً غير معلن في النادي النووي الدولي، شأنه في ذلك شأن الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، بريطانيا، فرنسا، الصين، روسيا، الولايات المتحدة الأميركية.

بالمحصلة، إن السلاح وسياسة الغموض النووي في الكيان الصهيوني يُشكلان مصدر قلق لجميع الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط وعلى محيط دائرة واسعة تصل إلى الباكستان شرقاً وشمال إفريقيا غرباً. ما يعني صعوبة التوصل إلى تسوية مع بقاء الترسانة النووية لهذا الكيان، حيث يعتبر الكيان الصهيوني الدولة الخامسة من حيث امتلاكها السلاح النووي بعد كل من الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، والصين. حيث تمتلك الدولة الصهيونية قدرة نووية مرعبة أضحت تفوق (200 ـ 300) رأس وقنبلة نووية معظمها محمول على متن قاذفات مقاتلة أميركية الصنع ترابط في مخابئ محصنة تحت الأرض في قاعدة (تل نوف) المبنية على أنقاض قرية (عاقر) الفلسطينية بالقرب من مدينة الرملة وسط فلسطين المحتلة عام 1948، وعلى صواريخ يريحو بأجيالها المختلفة والقادرة على الوصول إلى دائرة قطرها (1480) كيلومترا، فضلاً عن تحميلها على صواريخ لانس الأميركية ذات المد الأقصر والموجودة في الكيان الصهيوني منذ العام 1976.

صحيفة الوطن العمانية

تاريخ الخميس 9/1/2014

بقلم علي بدوان