مطرود ,مهجر ,لاجئ ,نازح, معسكر ,مخيم ,ثائر, مناضل ,مجاهد ,مقاتل ,وطني ,اسلامي ,قومي ,بعثي, شيوعي ,ماركسي ,اشتراكي ,أممي ,مع ,ضد , أرهابي ,كثيرة تلك الأسماء التي حملنها منذ النكبة الى اليوم ,وكثيرة تلك الاصقاع التي حللنا بها وطردنا منها منذ النكبة الى اليوم ,وكثيرة تلك البطاقات واليافطات التي رفعت منذ ان أصبحنا مادة اعلامية دسمة لكل الهواة ,وكثيرة تلك القصائد والاشعار التي خطت لتعبر عن الشوق والحنين والرفض لظلم الذي وقع على شعبنا منذ النكبة الى اليوم ,لم يبقى سوق في الكون ألا وكان لنا مكان محجوز على الدوام لكل من يهوى التدليل والبيع والشراء ,بغض النظر كنا أجساد عارية أو آهات أو صرخات أو حتى اشلاء متناثرة بين الازقة والمقابر او حتى بين انياب تلك الحيوانات التي باتت تعيش الحصار الذي نعيشه ,فلم يعد هناك فرق كبير في حفاظ كلانا على الاخر ,فالكل في المخيم على استعداد لتضحية من اخل الاخر ,فالكلاب تسمح بأن تذبح لتكون مادة دسمة لبقاء الانسان ,والانسان يقدم روحه للحفاظ على حياة كلب يموت من الجوع ,نعم هناك تعلو فلسفة الحفاظ على البقاء بمفاهيم تختلف عن تلك المفاهيم التي يتم تداولها في الصالونات الفكرية والثقافية ,فلا تعجب حين تجد مرضعة ترضع طفلها من ثدي وتعطي الثدي الاخر لقطة صغيرة تموء من الجوع ,كما لا تعجب حينما ترى تجمعنا مختلطا بين البشر والحيوانات يتناولون وجبة من لحم بشري قضى صاحبها جوعا ,فشعار الحفاظ على البقاء شعار مشترك بين الجميع في المخيم ,بعد ان بات ورق الشجر يخجل من البزوغ بعد ان باتت شمس الحرية والانسانية غائبة وعيونها مغمضة وأذانها صماء عن صرخة طفل عيونه شاحبة مكتوب فيها ألف سؤال وسؤال ,لماذا تكتبون لي تلك النهاية المأساوية ؟لماذا لم أرى الأمل ,والحرية ,لماذا لم أرى اشراقة شمس ,لماذا لم أرى ابتسامة على ثغر البشرية ,وهل بقتلي ستحلون القضية ,وتهنئا البشرية ,فأنا طفل لم أعادي السامية ولا الصهيونية والامبريالية ولا الرجعية العربية ,كما لم أعارض انصار الانهزامية ,ولم أرفض أي حلول سياسية ,ولم أكن من أنصار من طالبوا بأسقاط النظام أو تغيير المنظومة القمعية ,ولم أحمل سلاح أقارع غاصبي وطني ولم أرفع شعار التحرير والحرية ,كما أنني لم أعرف بأني لاجئا وأنني أبن قضية ,كل ما في أحلامي أن أجد حليب أمي الدافئ أو بعض الحليب في القنية ,أو أجد كسرة خبز تمزقها أسناني اللبنية ,لكي يقوى عظمي على السير في البرية ,لكي أصل الى حدود موطني الذي كانت تحدثني عنه جدتي في تلك الليالي المنسية ,على أشتم راحة البرتقال والزيتونة المقدسية وأرى الشمس وهي تبزغ في وطني المحاط بحدود وهمية ,رسمها لنا العدو ,فغنى لها أنصار الوطنية ,الذي تغنوا بعد هذا بالأغاني القومية واصبحوا على حين غرة من أنصار التحرير والحرية ,على الرغم أنهم أبقوا كل هذا شعارات ورقية ,وحملوا لواء الممانعة والمقاومة الثورية ,على الرغم من أنهم قدموا للعدو جزءا من أرض الوطنية لتكون عربون محبة وصدق للحفاظ على السلطان .
وأخيرا هل مازال في وطني من يحمل همي ولا يطوف به في سوق النخاسين عله يحظى بمكانة وهميه ,هل مازال في موطني من يلبي صرخة العمورية ,هل مازال على الارض مشاعر بشرية ,لا تحسبوا أن موتي خلاص للقضية ,ففي رحم جذوري تنبض براعم تبحث لها عن هوية ,مخبأة ليوم تنعدم فيه المشاعر البشرية ,لها ثأر ولها وطن مهما طال الزمان فأن للحديث بقية ............