5 شهداء و28 جريحًا في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت وإسرائيل تعلن اغتيال "رئيس أركان حزب الله"

موقع الاستهداف الإسرائيلي بحارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية (الشرق الأوسط).webp

استشهد 5 أشخاص وأصيب 28 آخرون، اليوم الأحد، في غارة شنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي على شقة سكنية في الشارع العريض بمنطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، في وقت تحدّثت فيه مصادر إسرائيلية عن "نجاح" عملية اغتيال من تصفه بتعبير "رئيس أركان حزب الله".

وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الحصيلة النهائية للغارة الجوية على الضاحية الجنوبية بلغت 5 شهداء و28 مصابًا، فيما تواصل الطواقم الطبية والدفاع المدني معالجة الجرحى في مستشفيات المنطقة.

استهداف قيادي عسكري بارز

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الغارة استهدفت القيادي البارز في حزب الله، أبو علي الطبطبائي، الذي تصفه تل أبيب بأنه "الرجل الثاني في حزب الله" بعد الأمين العام، و"رئيس أركان الحزب فعليًا"، والمسؤول عن إعادة بناء قدراته العسكرية والتسليحية خلال السنوات الأخيرة.

وبحسب تلك التقارير، يُعدّ الطبطبائي من أكثر الشخصيات نفوذًا في البنية العسكرية للحزب، وتولّى إدارة ملفات قتالية محورية والمساهمة في إعادة بناء القدرات الميدانية، كما نُسبت إليه أدوار قيادية في عمليات سابقة على الجبهة مع إسرائيل. وأشارت إلى أنه كان يقيم في الشقة التي استهدفتها الغارة في الضاحية الجنوبية.

في المقابل، لم يصدر عن حزب الله حتى الآن أي بيان رسمي يؤكد أو ينفي هوية المستهدف، أو يعلن طبيعة الخسائر التي تكبّدها في هذا الهجوم.

حزب الله: استهداف "شخصية عسكرية أساسية"

نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله، محمود قماطي، صرّح بأن الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية استهدفت "شخصية عسكرية أساسية" في الحزب، موضحًا أن قيادة حزب الله ستبحث "آلية وطبيعة الرد" على هذا الاستهداف.

ورجّحت أوساط أمنية إسرائيلية أن تكون العملية قد "نجحت" في اغتيال من تصفه تل أبيب بـ"رئيس أركان حزب الله"، غير أن هذه الترجيحات ظلّت في إطار التسريبات الإعلامية والأمنية، في غياب إعلان رسمي من جانب الحزب.

قرار سياسي وعسكري مشترك في تل أبيب

مصدر أمني إسرائيلي قال إن رئيس الحكومة ووزير الأمن صادقا على تنفيذ الهجوم قبل دقائق من وقوعه. وأعلنت رئاسة الحكومة الإسرائيلية، في بيان، أن جيش الاحتلال نفّذ "هجومًا في قلب بيروت" استهدف قياديًا تعتبره إسرائيل "رئيس أركان حزب الله والمسؤول عن قيادة مسار إعادة بناء القوة والتسلح في الحزب".

وأضاف البيان أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أصدر أمر الاستهداف "بناءً على توصية وزير الأمن ورئيس أركان الجيش"، مؤكّدًا أن "إسرائيل ماضية في تحقيق أهدافها في أي مكان وزمان".

وفي تعليق منفصل، قال وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن إسرائيل "ستواصل العمل بقوة لمنع أي تهديد يستهدف مواطنيها"، مضيفًا: "كل من يرفع يده على إسرائيل ستُقطع يده"، على حدّ تعبيره، ومشدّدًا على أن تل أبيب "لن تسمح بالعودة إلى واقع ما قبل السابع من أكتوبر".

كما عقّب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي على الهجوم قائلًا إن الجيش "هاجم أعلى قائد في حزب الله"، متوعدًا بمواصلة العمليات "للقضاء على التهديدات فور ظهورها".

مصدر أمني إسرائيلي قال لإذاعة الجيش إن الفترة الزمنية "من لحظة وصول المعلومة الاستخباراتية حتى تنفيذ الهجوم في الضاحية الجنوبية لم تتجاوز ساعة واحدة"، في إشارة إلى السرعة التي تم بها اتخاذ القرار.

وزعم المصدر أن إسرائيل "ما زالت ضمن منطق إجراءات الإنفاذ، ولم تغيّر سياستها تجاه حزب الله"، موضحًا أن تل أبيب "تواصل فرض اتفاق وقف إطلاق النار" رغم التصعيد الميداني في لبنان في الأيام الأخيرة.

الغارة تزامنت مع تحليق مكثّف للطيران الحربي والمسيّر الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية، لا سيما فوق بيروت والضاحية الجنوبية، إلى جانب تنفيذ غارات وهمية في منطقة البقاع. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن طائرة مسيّرة إسرائيلية عادت للتحليق فوق المبنى المستهدف في حارة حريك بعد وقت قصير من الغارة.

تضارب حول إبلاغ واشنطن مسبقًا

في الجانب الدبلوماسي، قال مصدر إسرائيلي إن تل أبيب أبلغت واشنطن مسبقًا بنيّتها تنفيذ الهجوم، دون الإفصاح عن مستوى التنسيق أو الموافقة الأميركية.

غير أن مسؤولًا أميركيًا رفيعًا نقل عنه موقع "أكسيوس" قوله إن الولايات المتحدة "لم تتلقَّ أي إخطار مسبق من إسرائيل بشأن الغارة على بيروت"، موضحًا أن الإدارة الأميركية أُبلغت بالهجوم "فور تنفيذ العملية فقط". وأضاف أن واشنطن كانت على علم، منذ عدة أيام، بأن إسرائيل تستعد لتصعيد هجماتها في لبنان، لكنها لم تُبلّغ مسبقًا بموعد الضربة أو هوية الجهة المستهدفة.

مسؤول إسرائيلي آخر أكد في حديث للقناة 12 الإسرائيلية الرواية الأميركية، قائلًا إن تل أبيب لم تُطلع الإدارة الأميركية مسبقًا على تفاصيل الهجوم في الضاحية الجنوبية، وإن الإبلاغ جاء بعد تنفيذ الضربة.

بدوره، اكتفى الجيش الإسرائيلي، في بيان مقتضب، بالقول إنه "هاجم عنصرًا مركزيًا في حزب الله داخل بيروت"، من دون الكشف عن هوية المستهدف، مشيرًا إلى أن "تفاصيل إضافية ستُنشر لاحقًا".

مواقف لبنانية وتحذير من "مسارات خطيرة"

رئيس الحكومة اللبنانية قال إن "الاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم يتطلب توحيد كل الجهود خلف الدولة ومؤسساتها"، مؤكدًا أن "حماية اللبنانيين ومنع انزلاق البلاد إلى مسارات خطيرة هي أولوية الحكومة في هذه المرحلة الدقيقة".

ويأتي هذا التصعيد في الضاحية الجنوبية في وقت يشهد فيه جنوب لبنان بدوره سلسلة من الهجمات الإسرائيلية المتواصلة، ما يثير مخاوف من اتساع دائرة المواجهة.

تصعيد موازٍ في الجنوب اللبناني

في الجنوب، استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية أحد رعاة المواشي، وهو سوري الجنسية، عند أطراف بلدة رميش الحدودية في قضاء بنت جبيل، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام.

كما استشهد مواطن لبناني ظهر اليوم، جراء قصف نفذته مسيّرة إسرائيلية أثناء عمله على ترميم أحد المنازل في بلدة عيتا الشعب بقضاء بنت جبيل. وذكرت الوكالة أن الشهيد هو الأسير المحرر محمد صالح، مشيرة إلى أنه كان يستقل سيارته في حيّ الرجم متجهًا لإحضار معدات يستخدمها في ترميم منزله، حين استهدفته المسيّرة بصاروخ موجّه.

وأضافت الوكالة أن غارة أخرى وقعت بالتزامن، مع تحليق منخفض لطائرة مسيّرة إسرائيلية فوق مدينة الهرمل.

وفي بلدة العديسة الحدودية، ألقت مسيّرة إسرائيلية قنبلة صوتية، ما أدى إلى حالة هلع بين السكان دون تسجيل إصابات. كما سُجّل تحليق مكثف للطائرات المسيّرة الإسرائيلية فوق قرى وبلدات شرق صور، امتدادًا إلى البلدات الجنوبية في القطاع الغربي، في ظلّ مخاوف من توسع الاستهدافات وتدهور الوضع الأمني أكثر.

وفي خضم هذه التطورات، جدّد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، خلال جلسة حكومته اليوم، التأكيد على أن إسرائيل "ستواصل القيام بكل ما يلزم لمنع حزب الله من إعادة بناء قدرته التهديدية" ضد إسرائيل، في إشارة إلى أن موجة التصعيد الحالية قد لا تكون الأخيرة في الساحة اللبنانية.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - بيروت