قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، "إن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون مات دون أن يواجه العدالة على دوره بمذبحتين راح ضحيتهما المئات وربما الآلاف من المدنيين على أيدي مليشيات لبنانية بمخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين بلبنان عام 1982.
وأضافت المنظمة، في بيان صحفي، أن "شارون أفلت أيضا من المحاسبة على انتهاكات مزعومة أخرى، من قبيل دوره بتوسيع المستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة، الذي يستحق الملاحقة كجريمة حرب".
وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة سارة ليا ويتسن: "من المؤسف أن يذهب شارون إلى قبره دون أن يواجه العدالة على دوره في صبرا وشاتيلا وغيرهما من الانتهاكات. ويأتي رحيله كتذكرة إضافية مقبضة بأن الإفلات شبه الكلي من العقاب على انتهاك الحقوق طوال سنوات لم يفعل شيئاً لتقريبنا من إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
وأضافت المنظمة أن شارون كان، بصفته وزير الجيش الإسرائيلي في 1982، يتحمل المسؤولية الإجمالية عن القوات الإسرائيلية، التي كانت تسيطر على منطقة مخيمي صبرا وشاتيلا، وقد وجدت لجنة إسرائيلية لتقصي الحقائق أنه يتحمل "مسؤولية شخصية" عن المذبحة، وأنه قرر "ضرورة إرسال مليشيات الكتائب" إلى المخيمين من 16 إلى 18 سبتمبر/أيلول، رغم المخاطرة بشروع عناصرها في ذبح السكان المدنيين هناك.
وتابعت أنه في فبراير/شباط 1983 وجدت لجنة كاهان، وهي لجنة تقصي الحقائق الإسرائيلية الرسمية المكلفة بالتحقيق بالأحداث، أن "الاعتبار الجدي ... المتمثل في احتمال ارتكاب الكتائب للفظائع... لم يكن له أدنى وزن عند [شارون]"، كما وجدت اللجنة أن "ثمة استحالة بتبرير استهانة شارون بخطر المذبحة"، وأوصت بإقالته من منصبه.
وأردفت أن شارون ظل في مجلس الوزراء الإسرائيلي كوزير دون حقيبة، ثم صار رئيس الوزراء لاحقا في 2001، وشغل المنصب حتى أصابته السكتة الدماغية في يناير/كانون الثاني 2006.
وأشارت إلى أن السلطات الإسرائيلية لم تجر أي تحقيق جنائي لتحديد مدى تحمل شارون وغيره من المسؤولين العسكريين الإسرائيليين للمسؤولية الجنائية، وفي 2001، رفع الناجون دعوى في بلجيكا تطالب بملاحقة شارون بموجب قانون "الاختصاص الشامل" البلجيكي، إلا أن الضغوط السياسية دفعت البرلمان البلجيكي لتعديل القانون في أبريل/نيسان 2003، وإلغائه كلياً في أغسطس/آب، ما حدا بأعلى المحاكم البلجيكية إلى إسقاط القضية ضد شارون في سبتمبر/أيلول من ذلك العام.
وقال المنظمة إن شارون ظل طويلا يروج للمستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة في غزة والضفة الغربية، وفي 2005 أمر بسحب إسرائيل لما يقرب من 8000 مستوطن من قطاع غزة وإخلاء أربع مستوطنات في الضفة الغربية، لكن عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، أثناء ولايته كرئيس للوزراء، تزايد من نحو 388 ألفا إلى 461 ألفا، حيث يعد قيام قوة احتلال بنقل مدنييها إلى أرض محتلة خرقا خطيرا لاتفاقية جنيف، وجريمة حرب محتملة.
وبينت أنه "تم بناء جدار عازل، كان شارون قد وافق عليه في 2002، داخل الضفة الغربية بمعظمه، في مخالفة للقانون الإنساني الدولي، بحيث يحيط بالعديد من المستوطنات على الجانب الإسرائيلي، ومنذ 2003 قام الجيش الإسرائيلي بإخضاع آلاف الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق الضفة الغربية الواقعة بين الجدار العازل وخط وقف إطلاق النار سنة 1967 لقيود شديدة وتمييزية على حريتهم في التحرك، بما لها من عواقب اقتصادية واجتماعية مدمرة".
وأوضحت "هيومن رايتس ووتش"، في بيانها، أنه في أثناء ولاية شارون كرئيس للوزراء، استشهد 1430 مواطنا، كما هدمت قوات الاحتلال المئات من منازل المواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقالت سارة ليا ويتسن: "إن رحيل شارون دون مواجهة العدالة يعظّم المأساة بالنسبة للآلاف من ضحايا الانتهاكات".