أنا أعظم من شارون

بقلم: طلال الشريف

أنا الفلسطيني طبيب الجراحة المهجر العائلة من بلدة حمامة المحاذية من الشمال الغربي لمجدل عسقلان الواقعة على ساحل جنوب فلسطين، وواحد من نسل فقراء العالم طببت آلافا من الصابرين الفقراء وساعدت في إرجاع البسمة للكثيرين بالكلمة الطيبة وامتداد المشاعر الانسانية وتقديم الخدمة الطبية لهم، وشارون احتل بلدي ومات محتلا للآخرين، ونكد على الآخرين وقتلهم، فأين عظمته؟
مارست السياسة والثقافة والرياضة بعيدا عن الانظار وأحيانا في صدارة الاعلام والشعبية، تزوجت من قدرت وأحببت، وراعيت أبنائي وأمهم كما لو أنهم أنا وربيتهم على احترام الناس الانسان وعمل الخير وتجنب الإضرار بالآخرين وأوصلتهم لأعلى درجات العلم دون انتهاك أو سرقة حقوق الآخرين من كدي وزوجتي ولم أرد جمع المال من عمل خاص مكتفيا بالقليل الذي تساوى مع الجهد الكبير الذي بذلته وعانيت منه من تعب الدراسة والمال القليل حين كان بالكاد يكفي أو كما يقولون عالحركرك، ولم أنم خارج البيت لقصف وقتل الآخرين كما فعل شارون طوال عمره، بل كنت أنام بالمستشفى للسهر على حياة الانسان، فأنا أعظم من شارون.
خالفت الكثيرين وبقيت مقتنعا بأن الانسان هو أغلى ما يوجد على الأرض ولا يجوز انتهاك حقوقه ودافعت عن شعبي وعن الناس والانسان ولم أقتل بعوضة، ولم أكن حربيا أو تاجرا، ولم أكن مراوغا أو كاذبا و منافقا، ولم أتسبب في معاناة أحد، ولم أحتل أرضا ولم أبن مستوطنة أو جدارا في أراضي اللآخرين، ولم اكن مسئولا عن عصابة تجارية أو مالية مسلحة أو مزورة، وليس لي مزرعة عجول أو خيول واكتفيت بالأقرب للنباتي وأحببت الخضار والفاكهة والإحساس بالمظاليم، ولم أكن مغرما بالشاورما وأكل اللحوم مثل شارون .
قناعاتي وأفكاري تبلورت مبكرا في فكرة الانسان الحر الذي لا يؤذي الآخرين مادام سويا، وانحزت للمظلومين اجتماعيا، وتعمقت لديّ فكرة العدل عامة، والعدل الاجتماعي خاصة، وكرهت الظلم والظالمين والمدعين الطهارة وكان شارون ظالما لشعب آخر بكامله، فأنا أعظممن شارون.
لم أتذكر أنني تحايلت على قانون أو زورت ورقة أو أخفيت منفعة احتاجها الناس، ولم أمسك عصا أهش بها الغنم أو هددت انسانا أو حيوانا، ولا أحب السلاح الذي يقتل الانسان ولا أغبط حامليه والمفاخرين به ومستخدميه أو متاجريه، وشارون جرح الناس بقصد إماتتهم وأنا جرحت الناس بقصد احيائهم ورفع المعاناة عنهم ، وقطبت جراح سببها شارون للإنسان. فانا أعظم من شارون.
لا أوافق على مقاييس العظمة والشهرة التي أسالت الدماء أو ستسيلها، ولا أوافق على مقاييس البطولة إلا في الدفاع عن النفس وضد الظلم إذا هدد الحياة، فالحياة لديّ مقدسة وهي قيمي. فأنا أعظم من شارون الذي أسال الدماء غزيرة للإنسان.
لا أوافق على الأساطير وتلك الأعمال الخارقة والخارجة عن سعادة الانسان وأمقت العنف ولا أحب التمثيل بالإنسان بعد موته.
مقاييس العظمة في نظري ليس فيما درج عليه الناس لنسيانهم ما عاناه الآخرين وتسبب لهم الضيق والحرمان في طريق الشهرة والعظمة،
العظمة والعفارم أبسط من كل تلك المقاييس التي يحملها ويمجدها الناس أو كما وصلتنا عبر التاريخ للأسف دون أن يعرف المطبلين والمزمرين بأن العظماء من الانسان أكثر عددا من هؤلاء الجالسين على قارعة العظمة ورواياتها من أمثال شارون.
العظيم من لم يبن مجده على دماء الآخرين وظلمهم والعظيم في كل عصر هو من يحمل الخير والمساعدة والمخفف لمعاناة أخيه الانسان ولم يقتله أو يتآمر عليه، فهل كان شارون عظيما؟
الانسان العظيم وأمثالي من يفتشون في شريط حياتهم وبصراحة النفس للنفس ولم يتركوا فيها للآخرين ظلما إن لم يكن قد ظُلم من الآخرين، هنا العظيم المشارك في الحياة دون ضرر أو ضرار ولكن نفعا و بنى مشوار حياته في حدود امكانياته دون امتصاص عرق أو دم الآخرين حيث فعلها شارون وغيره ويفعلها آخرين.
مقاييس العظمة التي وضعت في حياة الناس هي مقاييس قاسية ولا تعني لي شيئا ولديّ انسجاما كافيا ورضا عن النفس بتقبل الحياة والموت والنوم دون ازعاج وقلق من ظلم أو تحايل أو انتهاك للإنسان .. أي إنسان.
أجمل ما في الحياة هو عدم الخوف من دفع الثمن للآخرين وأنا الفلسطيني البسيط أعظم من شارون في ذلك فلم ينم شارون وأمثاله لحظة دون أن يفكروا في دفع الثمن وتقديم الحساب كما اصطلحوه، وأنا الفلسطيني مقبل على الحياة لاسترجاع حقي ولذلك يخشاني شارون ولصوص الحياة كلهم.
هذا الذي أكتبه هو كلام خاص يحمل صفة العموم لكل من أدرك مفاهيم عظمة من نوع آخر وكلامي ليس تضخما في الأنا ولا جنونا للعظمة وهو موجه لكل من يتقبل لغة حوار بطريقة مختلفة.
ليس عظيما من تسأله مرتين للمساعدة وهو قادر فيتقاعس في أي زمان أو مكان وهو أناني وبالقطع كل أناني لا يكون عظيما بمقاييسي.
الانتهازي والاستغلالي والمنافق والكاذب والقاتل واللص والمستغيب والمتآمر لن يكون عظيما حتى لو كان شارون أو فرعون.
كل انسان يعرف ما فعل من خير ومن شر وتبقى صورة ظلم المظلومين في مخيلة الظالم مهما أرخى عليها من ستائر النسيان، ويبقى العظيم الحقيقي هو من عاش بسلام ذاتي حقيقي حتى لو اغتاله الآخرين. لا تترك موقفا لحب الانسان ومساعدته فقد تمضي اللحظة المناسبة للخير ويحل بك الندم ولن تكون عظيما على الاقل في نظر سائلك في لحظة احتياج.
12/1/2014
م