المطلوب جبهة رفض وتصدي لخطة كيري ونهج التسوية

بقلم: جادالله صفا

ما زالت المؤامرة على القضية الفلسطينية من اجل تصفيتها يحيكيها ويرسم خطوطها جون كيري وزير الخارجية الامريكية، متماشيا مع الرؤية الصهيونية لمفهوم الصراع بالمنطقة امام هزالة الموقف الرسمي الفلسطيني حيث تبدي القيادة ليونة واستعدادا متواصل للاستمرار بالمفاوضات التي اثبتت على مدار العقدين الماضيين بانها لم تجني للشعب الفلسطيني الا المزيد من التراجع والانهيار على كل المستويات، ولم يتمكن الجانب الفلسطيني من جني اي ايجابية باتجاه الحقوق والثوابت الفلسطينية، وكانت السلطة الفلسطينية نتاج اوسلو قد ساهمت بطريقة مباشرة او غير مباشرة بالتغطية على كل جرائم الاحتلال من خلال ملاحقة المعارضين والرافضين لمسيرة التسوية والتنازلات والتنسيق مع الاحتلال، وعلى وجه التحديد كل من رفض سلطة الحكم الذاتي التي انتجتها اوسلو على الارض الفلسطينية.
كيري وزير الخارجية الامريكية لن يتقدم بمبادرة عادلة تضمن للشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة الغير قابلة للتصرف، كيري ليس عنده الا الرؤية الصهيونية لحل الصراع، والرهان على كيري واستقباله واعتباره الجانب المكلف بايجاد الحل، هو موقف بطبيعته يعبر عن ضعف الموقف الفلسطيني ورذالته، وان تفسير الجانب الفلسطيني بان موازين القوى العالمية لا تميل الى صالح الفلسطينين، ايضا موقف يعبر عن ضعف هذه القيادة لادارة الصراع، حيث التعديل بموازين القوى العالمية نلعب نحن الفلسطينين به دورا اساسيا من خلال اجادتنا لادارة الصراع ومن خلال وقوفنا بخنادق المواجهة، وعلينا ان نأخذ عبرة من المواقف الايرانية ومقاومة الحكومة السورية للمؤامرة الدولية لتقسيم سورية وتدميرها وهذا ما نشاهده اليوم، حيث اجادوا ادارة الصراع ونجحوا بتغيير وتعديل بمواقف العديد من الدول اتجاه الصراعات الدائرة، وهذا لم يأتي لان الروس دخلوا على الخط وانما هذه القوى والدول هو التي ساهمت بموقف روسي داعم على مستوى عالمي.
وهل حقيقة انه هناك رفض رسمي فلسطيني لخطة كيري؟ ام ان القيادة الفلسطينية بانتظار تغيير بموازيين القوى العالمية لصالح القضية الفلسطينية؟ وهل موازيين القوى تتغير بدون مشاركة اصحاب الحق بالدفاع عن حقوقهم؟ ان الموقف الظاهر للقيادة من خطة كيري بوجهة نظري يراد منه تحقيق نقطتين: امكانية الحصول على اكثر من ما يطرحه كيري لتبيض وجه القيادة الفلسطينية قدر الامكان امام الجماهير الفلسطينية، وثانيا محاولة اقناع الشارع الفلسطيني بتمسك القيادة الفلسطينية بالثوابت والحقوق الفلسطينية ليقولوا لاحقا هذا الممكن، فالقضية ليست بالممكن وانما بالمستحيل كما قال الحكيم في رده على الرئيس الراحل عرفات بعد توقيع اتفاق اوسلو.
ليست هي المرة الاولى التي تبدي بها القيادة الفلسطينية استعدادها للمساومة على الحقوق والثوابت الفلسطينية، ففي عام 1974 ابدت استعدادها للانخراط بمؤتمر جنيف، والذي نتج عنه تشكيل جبهة الرفض الفلسطينية، وعام 1984 تشكيل جبهة الانقاذ الفلسطينية ردا على توجهات القيادة الفلسطينية التي تبلورت بزيارة الرئيس الفلسطيني ابو عمار الى مصر بعد احداث طرابلس.
الموقف من توجهات قيادة منظمة التحرير الفلسطينية اتجاه التسوية والمفاوضات كانت تقابل بمواجهة وليس بمعارضة شكلية، وقد مثلت الجبهة الشعبية طوال سنوات الثورة حالة مميزة بمواجهة نهج التسوية هذا الموقف اكد حرص الجبهة بالتشبث والدفاع عن الثوابت والحقوق الفلسطينية وثانيا التفاف جماهيري داعم ومؤيد لموقف الجبهة من سياسة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تكتفي الجبهة الشعبية بالدعوة وتشكيل وقيادة جبهات الرفض والانقاذ، وانما تميزت ببعض المراحل ايضا بتجميد مشاركتها باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومقاطعة الاجتماعات القيادية للمنظمة من منطلق حرصها على الثوابت والحقوق الفلسطينية، ومن قناعتها بمواجهة هذه سياسة وتوجهات القيادة المتنفذة بمنظمة التحرير الفلسطينية ولم تكتفي بالمعارضة الشكلية.
وامام الوضع الراهن وما يحمله جون كيري، وامام ما تبديه القيادة الفلسطينية من ليونة واستعداداً مع بعض التعديلات الشكلية الطفيفة التي تتطالب بها، فالقوى الفلسطينية المعارضة لنهج التسوية ولمشاريع التصفية التي يطرحها كيري وتدعمها القوى الرجعية العربية لحساباتها الخاصة مطالبة بوضع برنامج تصدي ومواجهة من اجل الدفاع والحفاظ على الثوابت والحقوق الفلسطينية، ومطالبة بتشكيل جبهة وطنية عريضة تكون مهمتها مواجهة نهج التسوية والتنازلات التي تبديها القيادة الفلسطينية، وتعميق علاقاتها مع الجماهير الفلسطينية لتوعيتها بخطورة المشاريع التسووية التي بجوهرها هي مشاريع لتصفية القضية الفلسطينية، والعمل على تنظيم الجماهير لتكون منخرطة ومشاركة وحامية للمشاريع النضالية والمشروع الوطني الفلسطيني العام، ولتكون داعمة وحاضنة لهذا الموقف حفاظا على الحقوق والثوابت الفلسطينية، وان اي تأخير لن يكون بصالح القضية الفلسطينية اطلاقا حيث هذه القيادة تسير بخطى سريعة باتجاه التسوية التي لا تلبي الحد الادنى من الحقوق الفلسطينية.

جادالله صفا – البرازيل
14/01/2014