إن سياسة الإرهاب وخلق الأزمات التي تمارس ضد الرئيس الفلسطيني وشعبة بين الحين والأخر, لم تنجح بدون شك في إيقاف هذا المارد الفلسطيني, من التقدم وممارسة سياسته الناعمة، داخليا وفي عواصم القرار العربي والدولي والإقليمي, وأثبت دائماً أنه مهما يزرع له من ألغام فأنه يتجه دائما إلى الأمام بخطى ثابتة، لقد نجح الرئيس أبو مازن خلال فترة حكمه وقيادته الواعية للمشروع الوطني الفلسطيني، من إحراج إسرائيل وكشفها أمام الرأي العام والحكومات في العالم، وإظهارها بأنها دولة عنصرية لا تريد السلام، وهي التي تغذي الإرهاب وترعاه في المنطقة, وكشف وجهها الحقيقي العنصري كجسم سرطاني استيطاني احتلالي في المنطقة، قائم على اغتصاب الأرض وتهجير المواطن الفلسطيني من أرضه، وتتذرع بالإرهاب الفلسطيني لقتلنا ومصادرة أرضنا وحريتنا .
لقد أستطاع أبو مازن من خلال فهمه لخريطة وطبيعة الصراع في المنطقة من كشف وجهها الحقيقي العنصري، من خلال أقامة النموذج المطلوب في الضفة ،القائم على سياسة اللاعنف والتنمية, بمقاييس أوروبية ودوليه حسب متطلبات السلام، وتمكن من إحراج إسرائيل وتعريتها أمام حلفائها في العالم، فها هي الضفة الغربية لا يوجد بها عنف ولا تطرف كما تدعي إسرائيل، وهي التي يومياً يمارس بها شبيحة إسرائيل من قطعان مستوطنيها القتل ضد الفلسطيني دون تمييز, بين طفل أو امرأة أو شيخ أو فلاح ذاهب إلى حقله, وفي الجانب الأخر, فان حركة حماس خسرت هذا الراعي السياسي لها عندما انقلبت عليه وعلى سياساته، وهو من ادخلها في المشروع السياسي من خلال الديمقراطية الفلسطينية، واصحبت الآن هي من تعيق وحدة المشروع الوطني الفلسطيني من خلال استحواذها على البشر والإنفاق في قطاع غزة وليس الأرض والبحر والجو، فهي ملك الدولة الصهيونية التي مازلت تحتل الأرض والإنسان، وحركة حماس, منذ أن انخرطت في جسم السلطة الوطنية، وتمكنها من لعب دور قيادي في مؤسسات السلطة، إلا أنها لم تستطع لعب دور أكثر برغماتي، والسير في متطلبات الشرعية الدولية والعملية السلمية في المنطقة، أو حتى فهمها لأسلوب الباب الدوار في السياسة، والاستمرار في مشروع المقاومة بعد الخسارة الباهظة الثمن نتيجة المغامرات العسكرية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، فهي لم تفز بهذا ولا ذاك، إلا بما ملكت إيمانكم, لإقامة نموذج مشروع الأمارة الإسلامية في قطاع غزة، وعدم مقدرتها على الاستمرار بهذا النموذج، لأنها لم تستطع إلا أن تكون حزبا في سلطة تحمي مصالح قيادتها وأعضائها وأنصارها فقط، ولم يعد لها أي تواصل جغرافي مع أيه دولة ممن تدعم هذا النموذج, ناهيك على أنها تقع تحت نيران إسرائيل, وهي التي تتحكم بمقاليد الحياة في غزة، لأنها تحاصر المكان والزمان براً وبحراً وجواً .
أما الآن فأن الكره في الملعب الإسرائيلي والدولي, أذا كانت حقيقة تريد أن تحقق السلام، الذي لا ينتقص من الثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني وهي معروفة للقاصي والداني، أما أذا كانوا يريدون أعطاء إسرائيل الفرصة والوقت , لاستكمال مخططاتها الرامية إلى أقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين, والسيطرة على القدس وضمها بالقوة والخلاص من قطاع غزة، وتفتيت الضفة الغربية، بين كتل استيطانية ضخمة وطرق التفافية وسيطرة على الحدود مع الأردن والسماح بممرات أمنة للفلسطينيين، فهذا لن يقبله أي فلسطيني ممن لا يفهم بالسياسة, ولن تنعم أو تشعر إسرائيل وسكانها وزعمائها ومستوطنيها بالأمن طالما بقي هناك لاجئ أو مشرد أو سجين أو مبعد فلسطيني، لذلك على السيد الرئيس أبو مازن.. أن يتوجه الآن إلى الأمم المتحدة ومؤسساتها وجميع المنظمات الدولية، للمطالبة بجنيف فلسطيني أسوة بالإيرانيين والسوريين.. لتطبق قرارات الشرعية الدولية والتي صدرت بحق الشعب الفلسطيني، ولتحاسب إسرائيل أمام العالم على أفعالها واحتلالها، وتحقيق الإرادة الشعبية الفلسطينية بوأد الانقسام، لمواجهة المشروع الصهيوني و أزلامه و أدواته في المنطقة .
كاتب صحفي/ كمال الرواغ
[email protected]