الدولة الفلسطينية بين الامل والوهم

بقلم: أكرم أبو عمرو

فوجئت ربما كما فوجئ العديد من ابناء شعبنا الفلسطيني ، عندما قرأت خبرا على صفحة دنيا الوطن ، مفأدة ان وزارة العمل الفلسطينية اكتشفت ان نظام بطاقات الهوية لسكان قطاع غزة لم يكن موجودا على اجهزة الوزارة ، وقد تسبب هذا في اغاقة تسجيل ابناء قطاع غزة الراغبين في الالتحاق بالعمل ضمن المنحة القطرية ، وفي سياق الخبر ايضا ان الوزارة ليس لديها قاعدة بيانات او معلومات عن الفلسطينيين في الشتات ، نحن لا نتناول وزارة العمل من حيث عدم توفر قاعدة بيانات عن السكان الفلسطينيين على الاقل في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية ، ولا نقوم بتوجيه الاتهام لها فهذا متروك للمسئولين ذوي العلاقة ، إنما نتناول هذا الموضوع ببعده السياسي والوطني ، كونه يمس بشكل مباشر الشطر الجنوبي للوطن والدولة الموعودة بسكانه البالغ عددهم اكثر من مليون وثمانمائة وخمسين الف نسمة ، ونشير الى وزارة العمل كنموذج حي لما آلت اليه المؤسسات الرسمية من المفترض أن تكون نواة الدولة الفلسطينية الموعودة وأدواتها نحو التقدم والنمو بما يتماشى وطموحات شعبنا .
لقد ناضل شعبنا كثيرا من اجل تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني الذي نسعى لتتويجه بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف ، من هنا كانت التضحيات الجسيمة لأبناء شعبنا طيلة عقود طويلة مضت من الكفاح والنضال والجهود المضنية ، حيث استطاع شعبنا من نيل اعتراف اممي في الامم المتحدة باعتبار فلسطين دولة عضو بصفة مراقب ، وهذا الانجاز الذي تحقق في 29/11/2012 من شانه ان يعمل على تقريب المسافة للحصول على العضوية الكاملة ، واتاح ايضا لفلسطين الدولة الانضمام الى كافة المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة ما يؤهلها التصدي لإسرائيل في المحافل الدولية والوقوف امام اكاذيبها وافتراءاتها والتصدي لجرائمها ضد شعبنا .
وبناءً على هذا الانجاز اصدر الرئيس محمود عباس مرسوما رئاسيا يقضي بوضع اسم دولة فلسطين على كل الاوراق الرسمية للسلطة الوطنية الفلسطينية وعلى اعلى الوزارات والمؤسسات والهيئات الرسمية للسلطة ، في اشارة ببدء العمل على ترسيخ اسس الدولة لتصبح امرا واقعا على الرغم من انها ترزح تحت الاحتلال، وعليه فإن هذه الوزارات والمؤسسات والهيئات الرسمية ، وهي من المفترض ان تكون مؤسسات سيادية للدولة أي انها تعني بكل الفلسطينيين في مدنهم وقراهم في شتاتهم وبكل الوانهم وأطيافهم دون تفريق ، .نقاجأ بعدم وجود قاعدة بيانات لمواطني قطاع غزة ، أي بعبارة اخرى ان قطاع غزة لا يوجد على خارطة هذه الوزارة ، ونخشي ان تكون جميع وزارات السلطة تخلو من هذه القاعدة وبالتالي خروج قطاع غزة عن خارطة الحكومة التي تتكون من هذه الوزارات ، كان من المفروض ان يتم الحصول على قاعدة البيانات وتحديثها فور حصول فلسطين على عضوية الامم المتحدة ، وفور صدور مرسوم الرئيس بتجسيد الدولة الفلسطينية على الاقل من خلال الاوراق الرسمية .
هذا يدفعنا الى القول ، هل صحيح نريد دولة فلسطينية ، ام الدولة فقط غباره بعثرة كلام في الفضاء الاعلامي ، ثم لماذا قطاع غزة ايتها الوزارة ، هل كان من الصعب عليكم الحصول على نظام الهويات وانتم تعرفون ان هذا النظام ما زال مربوطا بشبكة المعلومات الاسرائيلية ، أي اذا لم تستطيعوا الحصول عليه من قطاع غزة بسبب ظروف الانقسام يمكنكم الحصول عليه من اسرائيل بناء على الاتفاقيات المبرمة بينها وبين السلطة ، ام ان لكم وجهة نظر اخرى في قطاع غزة على اعتبار انه عالم آخر ، لا علاقة له بفلسطين لا من قريب او بعيد ، الهذه الدرجة يتم تجاهل قطاع غزة
ان قرار الجمعية العامة رقم 19/67 الصادر بتاريخ 29 نوفمبر عام 2012 ، والخاص باعتبار فلسطين عضو بصفة مراقب في الامم المتحدة ، ما هو الا النافذة او الباب الذي يمكن ان ندخل منه ناحية الحرية والاستقلال ، اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية على الرغم من انها ترزح تحت الاحتلال ، هذا الاعتراف يترتب عليه الكثير من الاستحقاقات على الشعب الفلسطيني بقياداته واداراته ، لا بد من تجسيد الدولة على ارض الواقع ، لان الظروف التاريخية التي مر بها شعبنا علمته بان الوقائع على الارض ستتحول الى امر واقع ، لا بد من مجابهة الاحتلال بكل ما اوتينا من قوة لترسيخ وجودنا على ارض ، حسنا فعل الرئيس الخالد ابو عمار عندما عمل على انشاء العديد من المؤسسات مؤسسات الدولة على الرغم من ان الظروف الاقتصادية التي كانت تعيشها مناطق السلطة تجعل من المبكر اقامة مثل هذه المؤسسات لكن تم انشائها لترسيخ معالم الدولة ، لا بد من العمل ، واقول مستفيدا من خبرتي في مجال المعلومات بانه يجب ومن الان على كل وزارة من الوزارات ان تهتم بإنشاء قواعد بيانات تتناول كل جوانب الحياة للشعب الفلسطيني دون استثناء بالطبع فيما يخص اختصاص الوزارة ، ولا تخضع الامور للصدفة ، وفي هذا الصدد لا بد من وجود بنوك معلومات قطاعية ، يلجا اليها رجال التخطيط والتنمية والباحثين والدارسين ولأغراض كثيرة
لابد من الان الانهاء التام لاستخدام مصطلح السلطة الفلسطينية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة قولا وعملا ، لان فلسطين اصبحت دولة باعتراف العالم وليس باعتراف اسرائيل ، كما يجب سرعة التوجه للانضمام الى المنظمات الدولية ، لان هذا من حقنا الذي ناضلنا من اجل الكثير، اجعلوا الدولة حقيقة لا وهم وتذكروا انكم تمسكون بمستقبل شعب تاق كثيرا الى ان يأخذِ مكانه تحت الشمس ، فالمطلوب عدم التراخي وتمييع الامور فهي اول خطوات الضياع .

أكرم أبو عمرو
غزة - فلسطين
16/1/2014