نشر عضو الكنيست النائب إبراهيم صرصور عن الحركة الإسلامية الجنوبية مقالاً تحريضياً في ذكرى ميلاد القائد العربي والزعيم المصري الملهم جمال عبد الناصر ، ينضح حقداً وكراهية عمياء لعبد الناصر إنساناً وقائداً وفكراً ورمزاً تاريخياً . وهذا الحقد الدفين ليس أمراً مستهجناً ومستغرباً على إبراهيم صرصور وأمثاله ممن ينتمون للتيار الإسلامي وينضوون تحت راية وخيمة "الإخوان المسلمين" ، الذين يكنون الكراهية والعداء الشرس للفكر الناصري ، وفي كل مناسبة أو بغير مناسبة يلجئون لتشويه الصورة الناصعة لهذا القائد الرمز للأمة العربية والإسلامية .
إن عبد الناصر ليس بحاجة إلى دفاع وهو في ضريحه ، فيكفيه هذا الحب الجارف له في قلوب وأفئدة الناس والجماهير على طول وامتداد الوطن العربي . فرغم مضي أربعة وأربعون عاماً على وفاته إلا أنه لا يزال وسيظل يعيش في قلوب وعقول جميع الوطنيين والقوميين العرب وشرفاء وأحرار العالم وكل المناهضين للظلم والقهر والاحتلال والإستعمار ، ولا تزال صوره وشعارات ثورته المجيدة ، ثورة 23 يوليو 1952 ، تتصدر الساحات العامة والميادين العربية ، وترافق جميع الانتفاضات والحراكات الشعبية في مصر والبلدان العربية .
لقد ارتبط عبد الناصر بمعاني العزة والكرامة والحرية والاستقامة والنقاء والتضحية والبذل والعطاء وطهارة اليد والصدق مع الذات والآخرين . وقد عاش حياته وكرسها في خدمة قضايا وطنه وشعبه وأمته ، ووقف بكل صلابة وبسالة وقوة في وجه كل المتاجرين بالدين والمستغلين له نفاقاً وكذباً وقتلاً وإرهاباً . ويكفيه فخراً انجازاته المادية العظيمة كتأميم قناة السويس وبناء السد العالي وتمصير الشركات الأجنبية والتعليم وإنارة الأرياف المصرية وإيصالها بالتيار الكهربائي وبناء مصانع الحديد والصلب وسواها الكثير . ويكفي أنه حارب الأمية وصان الوحدة الوطنية الكفاحية والنسيج الاجتماعي المتماسك بين فئات وشرائح المجتمع المصري . ولعل المرحلة الناصرية هي من أبهى وأرقى المراحل في العصر العربي الحديث ، ففيها ازدهرت الثقافة وفنون الأدب والشعر والموسيقى والغناء والسينما والمسرح ، وسادت العقلانية والفكر الديمقراطي الحر ، وتماهى الشعب المصري مع هموم وعذابات الأمة العربية في معاركها الوطنية ضد الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية .
ولا يكتفي إبراهيم صرصور بمهاجمة عبد الناصر بل صب جام غضبه على ما يسميهم بـ"الانقلابيين " في مصر ، متوهماً ومتخيلاً أن الإخوان سيعودون إلى سدة الحكم .
إن صرصور يقلب ويشوه الحقيقة ، فما جرى في مصر ليس انقلاباً عسكرياً ، بل انتفاضة غضب وانتفاضة شعب ، وجماعة الإخوان جنت على نفسها وأثبتت فشلها في الحكم ، وكادت تحول مصر إلى عزبة ومزرعة لعناصرها وأنصارها ، وبدلاً من إيجاد الحلول والمعالجة الصحيحة لقضايا المجتمع المصري ، الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية ، والقيام بإجراءات جذرية تتناسب والظروف الثورية الجديدة التي أتت فيها للسلطة ،لكي يشعر الإنسان المصري في مردوها الايجابي ، وبدلاً من السير على طريق التقدم والازدهار ، بدلاً من ذلك عملت جماعة الإخوان على إلغاء الآخرين من شركاء الثورة والميادين والمعتقلات ، وحاولت السيطرة بالكامل على مفاصل الدولة والسعي إلى "أخونتها " ، وأثبتت خوائها الفكري وبأنها شعار بلا جوهر ، فتبددت آمال وأحلام الشعب في الحرية والديمقراطية والكرامة ، وحلت محلها معاناة وعذابات يمكن اختزالها بالفوضى والتهميش والمستقبل المجهول المظلم . وليعلم النائب صرصور أن جماعة الإخوان تلقت ضربة قاصمة بعد الإطاحة بمرسي وسقط مشروعها الظلامي الاقصائي ، ولن تقوم لها قائمة ، ولن تعود للحكم أبداً .
وفي الإجمال يمكن القول أن الحركات الإخوانية تبغي من وراء هجومها المنفلت ضد عبد الناصر الطعن بالمرحلة الناصرية بتناغم مخيف ، ولكن ذلك لن يؤثر على التراث الناصري والمكانة التي يحتلها هذا القائد الخالد في العمق والوجدان الشعبي ، فهو شخصية محورية ومفصلية في التاريخ العربي المعاصر ، وله دور مهم في صنع تاريخ المنطقة العربية ، وشكلت وفاته كارثة عظيمة وخسارة فادحة للحركة الثورية العربية وللنضال الوطني التحرري العربي .وكم نحتاج في أيامنا هذه إلى ناصر جديد يقود مصر نحو المستقبل الأفضل والأجمل ، ونرى في الفريق عبد الفتاح السيسي قبساً من نوره وفكره . ومهما تطاول الأقزام على عبد الناصر فلن ينالوا منه ، وسيبقى اسمه محفوراً في قلب كل عربي حر وشريف . وليخيط إبراهيم صرصور بغير هذه المسلة .