قررت أن أهاجم حركة حماس، لأدرأ عن نفسي النقد، ولأتبرأ من الاتهام بأنني لا انتقد الحكومة في قطاع غزة، فكتبت مقالاً تحت عنوان "كهرباء وطنية، وبطيخ بلدي" ربطت فيه بين منع استيراد الفواكه الإسرائيلية طوال الفترة الماضية، بحجة حماية المنتج الوطني، وبين قيام مجموعة بتأسيس شركة توليد الكهرباء سنة 1998 بحجة الاستغناء عن الكهرباء الصهيونية، وإنتاج الكهرباء الفلسطينية المستقلة المتحررة.
في الحالة الأولى، حرمت وزارة الزراعة المواطنين في قطاع غزة من شراء الحمضيات الإسرائيلية بأسعار رخيصة، وفرضت على الناس شراء حمضيات قطاع غزة بسعر مضاعف، وهذا ينطبق على أنواع كثيرة من المنتجات الزراعية التي تمنع وزارة الزراعة دخولها لقطاع غزة، طالما تواجد في الأسواق منتج وطني مثل البطيخ والشمام والبرتقال. وقد ذهب بعض المنتقدين إلى حد اتهام حكومة حماس بالتواطؤ مع الشركات والجمعيات التابعة لحركة حماس، والتي تقوم بزراعة الحمضيات في المحررات.
أما في الحالة الثانية، فقد حرمت سلطة الطاقة التابعة للسلطة الفلسطينية المواطنين في قطاع غزة من التمتع بالكهرباء الإسرائيلية التي يصل سعر الكيلو وات إلى 6 أغورات، وفرضت عليهم شراء الكهرباء الوطنية التي يصل سعر الكيلو وات إلى 1.7 أغورات في حالة عدم توفر وقود مدعوم لمحطة التوليد، ويصل سعر الكيلو وات إلى 9 أغورات في حالة دعم الوقود.
فما هذه الوطنية التي تكلف المواطن أن يدفع مالاً مقابل المنتج الوطني أكثر بكثير من المنتج الصهيوني؟ وأي وطنية هذه التي تبتز المواطن بالمنتج الوطني الذي لا يضاهي المستورد؟
لم أنشر المقال السابق، وذلك يرجع إلى لقاء ضمني مع وزير الزراعة وبعض المسئولين في الوزارة عن التخطيط والاستيراد، حيث قاموا بتوضيح الأسباب التي تجعلهم يقررون عدم خول الفواكه إلى قطاع غزة، ومنها.
1- وجود 48 ألف عائلة فلسطينية في قطاع غزة، تعتمد في عيشها على المنتجات الزراعية، لذلك يتوجب حماية هذه الأسر من المنتجات الإسرائيلية المدعومة من الحكومة، والمدعومة من الجمعيات والمؤسسات الصهيونية.
2- منع استيراد الفواكه الصهيونية محكوم بفترة زمنية محددة، تسمح بتسويق المنتج المحلي، وبعد ذلك نفتح باب الاستيراد كما هو حاصل الان.
3- في حالة منع استيراد الحمضيات، كان الباب مفتوحاً لاستيراد الموز والتفاح والرمان الذي لا ينتج في قطاع غزة، وفي ذلك تعويض للمواطن.
4- نجحنا في تطوير زراعة البطيخ المحلي من خلال منع استيراد البطيخ الإسرائيلي، وقد، ازدادت مساحة الأراضي المزروعة بالبطيخ والشمام، حتى صار لدينا فائض عن حاجة المواطنين في قطاع غزة.
5- والأهم من كل ما سبق هو الإحساس بالكرامة من خلال منع دخول المنتج الإسرائيلي من الفواكه، والاستعاضة عنه بالمنتج الوطني، لقد اعتمدنا على الذات، ولم نبق تحت رحمة الإسرائيليين في كل شئون حياتنا.
هذه بعض الأسباب، ولكن لدى وزارة الزراعة إحصائيات وأرقام تؤكد أن سياسة منع دخول الفواكه في كل أوقات السنة قد وفرت على الخزينة الفلسطينية مبالغ مالية كبيرة.