يعيش لبنان حالة من عدم الاستقرار في خضم العواصف السياسية والتحولات الإقليمية والانقسام السياسي الداخلي والوضع الأمني السوري وتداعياته وانعكاساته على أوضاعه الراهنة ، ناهيك عن ارتفاع منسوب التوترات الأمنية واشتداد نزعات التطرف والعنف الأصولي ، واستمرار مسلسل التفجيرات الإرهابية في الضاحية الجنوبية التي طالت مواقع ومقرات حزب اللـه ، وتقترفها عصابات التكفير ، فضلاً عن تعثر عملية الحوار وشلل الحكومة .
لقد باتت الساحة السياسية اللبنانية رهينة التجاذبات والتدخلات السياسية الخارجية ، وبالتعاون مع بعض أقطاب النظام الرسمي العربي تحاول قوى الهيمنة الخارجية أن تلعب بورقة الطائفية لإشعال وإذكاء نار الفتنة فيها كي تحرق الأخضر واليابس ، وذلك كجزء من مشروع التجزئة الاستعماري الامبريالي في المنطقة العربية الرامي إلى تقسيم البلدان العربية على الطريقة العراقية ، وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد .
لقد ترددت في الأيام الأخيرة في وسائل الأعلام المختلفة أنباء عن احتمالات تشكيل حكومة وفاق وطني ، وهذا الأمر بلا شك يصب في صالح النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي ومصلحة الاستقرار الأمني والسياسي للشعب اللبناني .
إنهم يريدون الشر للبنان العريق بتاريخه وثقافته ، ويسعون لنسف وحدته ، ويريدونه أن يبقى ممزقاً ومنقسماً على نفسه ، تتآكله الصراعات والانقسامات الطائفية والمذهبية ، لكي يستكمل المشروع التفتيتي في المنطقة . ولذلك فأن الوضع الحالي يتطلب من اللبنانيين مزيداً من الوعي واليقظة ووضع مصلحة الوطن والبلد نصب أعين جميع القوى المتصارعة والمتنازعة لمنع التداعيات ، كما يقتضي تقديم التنازلات والتخلص من التعنت والإسراع في تأليف حكومة جديدة تتحمل مسؤوليتها التاريخية في مواجهة تحديات ومخاطر المرحلة المقبلة ، ولمحاربة قوى الشر والظلام والتكفير واستئصال جذورها من المجتمع اللبناني ومجتمعاتنا العربية . وما من شك أن قوة المقاومة والتأييد الجماهيري العارم لها يحمي لبنان والوطن العربي من الفتنة والتمزق الطائفي البغيض .