اكثر من مرة قلنا بان مشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي للمنطقة العربية،والذي تتشارك فيه قوى إقليمية وعربية،يستهدف ثلاثة دول وجيوش مركزية عربية،على اعتبار انها حوامل المشروع القومي العربي،وهي التي من الممكن ان تشكل خطر جدي على مصالح امريكا والغرب الإستعماري في المنطقة،وكذلك على اسرائيل ووجودها ككيان إستعماري مزروع في قلب الأمة العربية،وهذه الدول لديها سلطة ومؤسسات مجتمع مدني وجيوش وطنية وقومية،وليس مجموعات من العشائر والقبائل متعددة الولاءات والإنتماءات والقرارات،أو ممالك وإقطاعيات مملوكة لحفنة من الشيوخ والأمراء،ولتنفيذ هذا المشروع إلتقت وتقاطعت مصالح امريكا مع مصالح مشيخات النفط والغاز والكاز والمتأسلمين الجدد(حركة الإخوان المسلمين)، وكان العراق أول المستهدفين لهذا المشروع،حيث جرى العدوان الأمريكي والأطلسي الغربي عليه،ومن ثم إحتلاله،تحت يافطة وذريعة دمقرطته وتحريره من ديكتاتورية الشهيد الراحل الرئيس صدام حسين،حيث جرى تدمير الجيش والدولة والمؤسسات والمجتمع العراقي،واستهدفت الجغرافيا العراقية تفكيكاً وتقسيماً وإعادة التركيب خدمة لهذا المشروع،ثلاثة دويلات مذهبية،وإغراق العراق في الفتن والحروب الأهلية المذهبية والقبلية والعشائرية،وسوريا جار العمل على تدميرها دولة ومؤسسات وجيشاً وجغرافيا،حيث إستقدمت العناصر والقوى الإرهابية ومجموعات القتل الوحشي والبوهيمي من 83 دولة،بحجة دمقرطة سوريا،وتحريرها من الديكتاتورية،وإقامة سوريا الحديثة،سوريا التي لا ينتمي فيها الإنسان لوطنه ولقوميته،بل ماجوراً ومنفذاً لأجندات واهداف معادية لكل ما هو عربي وإسلامي،والان يجري استهداف مصر دولة وسلطة وجيشاً ومؤسسات ومجتمعاً،والإرهاب الذي يضرب في مصر الان،كما قال وليد المعلم هو نفسه سواء كانت ما يسمى السلفية الجهادية او انصار بيت المقدس،هذا البيت الذي ليس لهم صلة به من قريب او بعيد،او حركة الإخوان المسلمين،أو داعش والقاعدة في العراق او داعش وجبهة النصرة والقاعدة وغيرها في سوريا،وما يسمى بكتائب عبد الله عزام وجند الإسلام وفتح الإسلام وجماعة الأسير والقصير والطويل وغيرها،هي مسميات لنفس العنوان،جماعات من القتلة والمجرمين والإرهابيين والمافيات والبلطجية تمولها وتسلحها وتدربها وتوفر لها القواعد والدعم اللوجستي مشيخات النفط والكاز وفي المقدمة منها السعودية وقطر،والحالمين والطامحين بالخلافة في أنقرة على حساب الدم والجغرافيا العربية،وامريكا وقوى الغرب الإستعماري واسرائيل.
بتدمير هذا الجيوش والبلدان،يزول الخطر عن اسرائيل،وتفرض الحلول الأمريكية والإسرائيلية على كامل المنطقة العربية،وهذا ما يجري الآن على الجبهة الفلسطينية،حيث تستغل امريكا واسرائيل حالة الضعف والإنهيار العربي ،والضعف والإنقسام الفلسطيني لفرض حلاً على الفلسطينيين،يصفي قضيتهم وحقوقهم.
وما يحدث في مصر الان من اعمال ارهابية واجرامية،هي جزء وإمتداد لهذا المشروع،حيث تحاول تلك القوى الإجرامية والإرهابية،إنهاك الجيش المصري،وإدامة حالة عدم الإستقرار في مصر، والعمل على دفع الأمور نحو إغراق مصر في اتون حروب طائفية ومذهبية،حتى لا يتمكن النظام الجديد من تحقيق أية إنجازات على الأصعدة الإقتصادية والسياسية والأمنية،وبالتالي إبقاء المواطن المصري في حالة من عدم الأمن والأمان،وبما يدفع به إلى الثورة على النظام الجديد، وهذه الأعمال الإرهابية المتصاعدة والمتسعة،ليس بفعل قوى التطرف والإرهاب والإجرام في داخل مصر،بل هناك قوى عربية وإقليمية ودولية،تغذي هذا الإرهاب،وتمده بالمال والسلاح والتعبئة والتحريض سياسياً وإعلامياً ودبلوماسياً،ومن مصلحتها أن لا تستقر الأوضاع في مصر،وان تستعيد مصر دورها الوطني والقومي،ولا نبالغ القول،حينما نقول مصير الأمة العربية يتوقف على مصر حضوراً ودوراً،فمصر هي الثقل العربي عسكرياً وسياسياً وبشرياً،فتعافيها وإستعادتها لثقلها،يعني بأن المشروع القومي سيتعافى،وبأن المشروع الآخر سيندحر ويتراجع.
الآن وبعد التفجيرات الأخيرة والعمليات الإنتحارية،بات واضحاً بان تلك القوى،قد أغلقت أبواب الحل السياسي،وهي تريد ان ترسل رسالة للحكم الجديد وللشعب المصري،إما عودة مرسي والدستور والشورى،وإما إغراق مصر في حمام الدم والقتل والإرهاب،ومصر لن تكون إلا إخوانية،فلا دستور غير دستور الإخوان،ولا مجتمع مدني،مصر إخوانية سلطة ومؤسسات ومجتمع،وبدون ذلك الدمار والخراب،وهذا قرار حركة الإخوان على مستوى العالم،وليس حركة الإخوان في مصر،وكذلك هي رسالة لكل الأقطار المجاورة او المتنفذة فيها حركة الإخوان،بأن لحم الإخوان مر،لمن يفكر بأن يثور على الإخوان،او يقصيهم عن السلطة،فهم في سبيل ذلك مستعدين للموت في سبيل ذلك،فهم طلاب سلطة وحكم وليس شهادة.
المسألة لم تعد تحتمل الحلول السياسية والحوار،فالحوار لا يكون بالعمليات الإنتحارية وإطلاق النار والقتل والتخريب والحرق وقطع الطرق وتعطيل الحياة العامة،ولذلك لخطورة الوضع ولمنع إنزلاق مصر الى نفس مصير سوريا،فإنه من الملح والضروري القيام بعمليات جراحية قاصية وإستئصالية،بحيث يجري إجتثاث تلك الجماعات من جذورها ،وضرب كل الحاضنات والدفيئات لهذا الإرهاب في اوكاره،وقطع وإغلاق كل شريان دعمها وتمويلها،وبما يشمل المصادرة لكل المؤسسات التي تعمل على تغذيتها وضخ المال والفكر التكفيري إليها،ونقل المعارك الى عقر دارها من قبل المصريين والسوريين والعراقيين والليبيين واللبنانيين والتونسيين واليمنيين، ولكم ان تتصورا عندما تصل الأمور الى حد "أن يبول الحمار على الأسد" طائرات قطرية تشن غارات على أتباع الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي،من أجل خدمة الجماعات التكفيرية والمافيات والبلطجية التي دمرت وخربت ليبيا وإستقدمت القوى الإستعمارية الغربية للسيطرة على ثرواتها النفطية وغيرها.
إرهاب يستهدف الأمة العربية بكاملها،تحت مسميات وشعارات براقة "ثورات" و"ربيع عربي" يجب العمل على إجتثاثه من جذوره.