الفصائل الفلسطينية بلا مشروع وطني.. حماس"اداة تقسيم"واسلو"بداية الشرخ"

ظهر خلاف واضح في البرامج والرؤي لدى الفصائل الفلسطينية، خلال ندوة سياسية نظمتها الجبهة الشعبية، بمشاركة كل من: غازي حمد ممثل عن حركة حماس، فايز ابوعيطة ممثل عن حركة فتح ، ابوعلي ناصر ممثل عن الجبهة الشعبية ، بالإضافة الى المحلل السياسي ابراهيم ابراش .

الندوة التي عقدت في قاعة الهلال الاحمر بمدينة غزة، تحت عنوان " المصالحة الفلسطينية والمشروع الوطني إلي اين ؟ ، اثارت كثير من الجدل ، حول اتفاق وإجماع الفصائل الثلاث وتعريفهم للمشروع الوطني الفلسطيني، واظهرت مدى تباين الرؤى والاختلاف فيما بينهما، لتكشف عن عورة حقيقية مفادها وجود مشاريع فصائلية خاصة وعدم وجود مشروع وطني متفق عليه .

غازي حمد، هو كان اول المتحدثين ، رأى ان الحالة الفلسطينية ينقصها (النظرة الاستراتيجية والعقلية الجمعية )، معتبرا بانهما امرين مهمين جدا للفلسطينيين في ظل وجودهم في الشرق الاوسط المليء بالتعقيدات والبؤر الساخنة ، بمعني انه لا بد ان تتوفر رؤية استراتيجية وليس تكتيكية ، ويقصد بالعقلية الجمعية، هو ادراك ما يجري من حولنا والمزج بين المقاومة والمفاوضات .

ازمة آخرى..

واعتبر حمد الذي يشغل منصب وكيل وزارة الخارجية بحكومة غزة، ان الشعب الفلسطيني استطاع ان يكون جزء مهم من التاريخ لكنه فشل في صناعته، ولم يتمكن من تحويل تضحياته الى نتائج هامة وان يحقق اهدافه ، وارجع (حمد ) ذلك الى التشكيلة الفلسطينية التي سرعان ما تخرج من ازمة لتدخل في ازمة آخرى ، وباتت تعاني دائما من انسداد الافق " اصبحنا اسيرين لأزماتنا ندق عواصم العالم لكي نبحث عن حل ولا نستطيع " .

وقال " نحن في حالة انحدار في تحقيق الاهداف الفلسطينية ، بسبب الانقسام والتمزق الذي لم يكن حالة طارئة على الشعب الفلسطيني لكن له جذوره وهو موجود منذ ان بدأ المشروع الوطني، لكن الانقسام الموجود حاليا هو الاخطر في تاريخ الشعب الفلسطيني ".

واشار الى ان المفاوضات التي تديرها السلطة الفلسطينية مع اسرائيل، عبارة عن ادارة للأزمة ولا تبحث عن حل ، مطالبا بضرورة تحديد الاولويات والمزج بين المقاومة والعمل السياسي ، والاخذ في كل الاسباب التي "تقربنا من تحقيق اهدفنا ".

وابدى غازي حمد، اعتراضه على الطريقة التي تدار فيها المصالحة الفلسطينية في حصرها بتشكيل حكومة توافق وطني واجراء انتخابات، وقال "ان اساس فشل تحقيق المصالحة هو الاختلاف في البرامج السياسية بين حركتي حماس وفتح ، ووجود ازمة ثقة بين كلا الحركتين ، ووجود تدخل اسرائيلي وامريكي ضد المصالحة".

فلسطين التاريخية..

وقال حمد" بعد تجربة حركتي حماس وفتح في الحكم وصلنا الى قناعة انه لا يمكن لطرف معين ان يدير الحكم بمفرده ".

من جانبه ، قال فايز ابوعيطة الناطق باسم حركة فتح، " ان المشروع الوطني بدأ متواضعا عندما وافقت منظمة التحرير الفلسطينية على دولة في نطاق حدود 1967 ، واعترفت باسرائيل ، وهو ما رأته حركة فتح بأنه الحل الوسط للوصول لدولة فلسطينية في ظل المتغيرات والتعقيدات الدولية ، لكن لا يعني هذا الامر تنازلها عن فلسطين التاريخية".

واعتبر ابوعيطة، ان اتفاق "اسلو" لم يكن انتصار ، لكن كان حكمة من القيادة الفلسطينية والتقطتها، "فوجود السلطة في فلسطين نقل المقاومة والعمل السياسي من خارج فلسطين الى داخلها ، واسس لدولة الفلسطينية ".

ولفت الى ان الانقسام كان اكبر طعنة للمشروع الوطني ولانتفاضة الأقصى التي كلفت الشعب الفلسطيني الكثير من التضحيات، وادى (الانقسام) الى توقف الانتفاضة عن الاستمرار .

وقال " لم تعد فلسطين تحتل المكانة الاولى بين القضايا الدولية في ظل وجود الانقسام" ، مطالبا الفصائل الفلسطينية بان تقوم بإظهار الطرف المعطل الحقيقي لتنفيذ المصالحة.

واتهم ابوعيطة ، حركة حماس "بتحججها" في الطرف الامريكي والاسرائيلي وبالمفاوضات، بعدم تنفيذها لاتفاق المصالحة، في الوقت الذي اعلن فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن ) استعداده للذهاب للمصالحة رغم كل الضغوطات.

البرنامج المرحلي..

ونفي الناطق باسم حركة فتح ان تكون حركته ، مشروع مفاوضات ، قائلا " فتح قاومت وفاوضت " ، مضيفا " لا يوجد طبخات في المفاوضات كما يروج البعض وحتى اللحظة القيادة تستمع لطروحات امريكية وما ينشر هو الافكار التي جاء بها جون كيري وزير خارجة امريكا".

وتابع ان " المطلوب من حماس هو تنفيذ اتفاقي القاهرة والدوحة المتعلقة بالمصالحة بتشكيل حكومة وحدة وطنية والموافقة على اجراء انتخابات " .

بدوره ، اكد ابوعلي ناصر القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ان " المشروع الوطني الذي رفع منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية ، هو اقامة الدولة الفلسطينية، وتحرير كامل الاراضي التي احتلها اسرائيل ، وهو ما تتمسك به الجبهة الشعبية حتى اللحظة ".

واوضح ، ان الذي يحدث الآن هو (البرنامج المرحلي) الذي اتفقت عليه فصائل منظمة التحرير في عام 1988 ، وهناك فرق بين البرنامج الاستراتيجي أي (المشروع الوطني ) والبرنامج المرحلي والذي يتلخص في حق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 وعودة اللاجئين .

وانتقد ناصر، اتفاق اسلو باعتباره ليس ممرا للوصول الى اقامة الدولة ، مشيرا الى ان الميزان العربي والدولي لا يتيح تنفيذ البرنامج المرحلي الذي تضاءل ايضا واصبح يقتصر على اقامة الدولة الفلسطينية.

وقال " من يريد تطبيق البرنامج المرحلي يجب عليه ألا يكتفي في المفاوضات واستخدام كل السبل لتحقيق هذا الغرض ، بما فيها المقاومة والعنف الثوري المسلح ، وبدون ذلك لا يمكن تحقيق أي شيء ".

وهاجم ناصر حركة حماس ، واتهمها بالمقاومة الموسمية، في الوقت الذي تمنع فيه أي طرف من المقاومة وبانفرادها في تحديد الوقت المناسب للمقاومة قائلا " المقاومة عمل مستمر وليس موسمي".

أول تهديد..

كما وهاجم حركة فتح ، وقال ان " المفاوضات لوحدها لن توصل الى دولة فلسطينية ، وعندما يصبح مشروع الاحتلال مكلف وخاسر في الضفة الغربية عندها فقط اسرائيل سوف تنسحب من الضفة".

ابراهيم ابراش المحلل السياسي الفلسطيني، كان اخر المتحدثين، اعتبر ان " المشروع الوطني يكون في الاتفاق على مرجعية محددة واهداف محددة وقيادة محددة، وهو ما ليس موجود في الحالة الفلسطينية .

ورأى ان" اسلو كانت أول تهديد للمشروع الوطني، ثم اخطاء السلطة الفلسطينية والخلل الوظيفي الذي اصابها ، بسبب تأمر إسرائيل عليها وافشالها بأن تكون أداة لتحقيق الاهداف الوطنية ، ومن ثم ظهور حركة حماس من خارج المشروع الوطني ذات مرجعية وارتباط مع حركة الاخوان المسلمين وايدلوجية اسلامية وليس فكر وطني ، وطرحت نفسها كبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية".

وقال ابراش" اصبحنا امام مشروع وطني ومشروع اسلامي، هو كان بداية الانقسام الحقيقي في الجسم الفلسطيني وتوج في الانقسام الذي نعيشه الان ".

المعادلة أكبر..

واشار الى ان من يعلن انه جزء من الاخوان المسلمين ومرتبط خارجيا، لا يمكن في أي حال من الاحوال ان يكون ضمن المشروع الوطني .

واعتبر ابراش، ان الانقسام كان مخطط خارجي انزلقت فيه حركة حماس وهو لا ينفصل عن مشروع امريكا في تقسم المنطقة والوطن العربي ، وان حماس كانت اداة ضمن هذا المخطط لكن تدار عن طريق الاخوان المسلمين ودولة قطر ، مضيفا " انهاء حكم حماس ليس بيدها لأن المعادلة أكبر منها".

واوضح ابراش بان المخرج من المأزق والحالة الفلسطينية الراهنة، في ظل عدم امكانية تحقيق المصالحة، هو اعادة بناء منظمة التحرير ودمج بداخلها حركة حماس والجهاد ، والمقاومة والعمل على انتفاضة جديدة توحد الشعب الفلسطيني ، والمزواجة بين المقاومة والمفاوضات.

وتابع " لقد تم التعامل مع المفاوضات كاستراتيجية وليس اداة وهذا خطأ ، في حين حماس اعتبرت المقاومة بديل عن المفاوضات وهذا خطأ ".

ورأى بان المقاومة الشعبية اثبتت جدواها اكثر من الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية ، مؤكدا ان النقاط التي ذكرها يمكن ان تكون مداخل جديدة لتحقيق المصالحة، خاصة بالنظر الى المشكلة بشكل عام وما تمثله من معاناة 12 مليون فلسطيني بالعالم، لانه افضل في الوصول لمخرج للمأزق الذي تعيشه الحالة الفلسطينية .

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء -