الحكومة تعمّم «البرنامج التنفيذي لخطة التعافي وإعمار قطاع غزة»

الحكومة الفلسطينية تطلق برنامج وطني لإعمار غزة: رؤية شاملة بـ56 برنامجاً تعيد بناء الإنسان والخدمات والاقتصاد

خطة الحكومة للتعافي المبكر.png

أعلن رئيس الوزراء محمد مصطفى أن الحكومة ستعمّم اليوم «البرنامج التنفيذي لخطة التعافي وإعمار قطاع غزة» على مختلف الدول والمؤسسات الدولية المعنية، موضحًا أن الوثيقة تقدّم رؤية استراتيجية لأولويات التعافي والإعمار، وتتزامن مع التقرير المحدّث للخسائر والاحتياجات بالشراكة مع البنك الدولي والمؤسسات الأممية، بما يؤكد جاهزية الحكومة والشركاء الدوليين للشروع في التنفيذ وفق ما تسمح به الظروف الميدانية. كما أكد استمرار التنسيق مع الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة والجهات المانحة لتنفيذ تدخلات منسقة ومتكاملة.

يرتكز البرنامج على تقييم أُنجز بالتعاون بين حكومة دولة فلسطين والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ويقدّر الأضرار المادية في غزة بنحو 34.6 مليار دولار والخسائر الاقتصادية بنحو 20 مليار دولار. ويبلغ إجمالي الاحتياجات لإعادة الإعمار والتعافي واستعادة الخدمات 67.1 مليار دولار، بينها 25 مليار دولار لاحتياجات قصيرة الأجل بين 2025 و2027، مع تصدّر الإسكان والزراعة والتجارة والصناعة والصحة والحماية الاجتماعية والتعليم لقوائم التمويل المطلوب. 

وبحسب البرنامج، ستقود حكومة دولة فلسطين مرحلة الانتقال من الإغاثة إلى إعادة البناء عبر «صندوق ائتماني للتعافي وإعادة الإعمار في غزة» بالشراكة مع البنك الدولي، لضمان الإشراف والمواءمة بين التمويل وأولويات الحوكمة والتنمية المؤسسية على المدى الطويل. كما سيجري إعادة دمج إدارة التجارة والمعابر تحت سيادة دولة فلسطين عبر «هيئة المعابر والحدود»، مع إسناد فني من بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية (EUBAM)، لضمان الكفاءة التشغيلية والامتثال الأمني والرقابة الاقتصادية. 

البرنامج التنفيذي لخطة التعافي وإعمار قطاع غزة

في وثيقة تخطيطية موسّعة صاغتها الحكومة الفلسطينية، يتبلور «برنامج تنفيذ التعافي وإعادة الإعمار في غزة» كإطار وطني يقود مرحلة ما بعد الحرب، ويرتكز إلى «الخطة العربية للتعافي وإعادة الإعمار والتنمية في غزة» التي أقرّتها قمة جامعة الدول العربية في مارس/آذار 2025. يقدّم البرنامج، بملاحقه القطاعية، خريطة طريق متدرجة تعرّف الاحتياجات، وتنسّق تمويل المانحين، وتترجم الأهداف الاستراتيجية إلى مشاريع وبرامج محددة المدى والجهات، تشمل 56 برنامجاً في خمسة قطاعات أولوية، لتكون أساساً لبناء محفظة مشاريع قابلة للتنفيذ ضمن تسلسل واضح للأولويات والزمن. 

تقوم الفلسفة العامة للبرنامج على حماية وإعادة بناء رأس المال البشري واستعادة الخدمات الأساسية عبر دعم سريع ومصمم للفئات الفقيرة والأكثر ضعفاً، وذلك بتوسيع منظومة حماية اجتماعية صامدة وقابلة للتكيّف مع الصدمات، وبما يعكس حاجات الناس وسياقهم الميداني. وتوضح الوثيقة أن هذه المقاربة تستند إلى ملكية وطنية وتخطيط قائم على النتائج، وتُدار بمنظومة حوكمة وتمويل ورقابة تعزّز ثقة الجمهور والمانحين. 

كلفة الدمار واحتياجات التعافي

يعتمد البرنامج على تقييم الأضرار والخسائر والاحتياجات الذي أنجزته الحكومة الفلسطينية بالشراكة مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بما في ذلك الملحق المحدّث حتى أغسطس/آب 2025. وتُقدّر الأضرار المادية بنحو 34.6 مليار دولار، والخسائر الاقتصادية بنحو 20 ملياراً، مع تصدر قطاع الإسكان لحصة الأضرار بقيمة 18 مليار دولار، يليه التجارة والصناعة بـ7.1 مليارات، ثم النقل بـ3 مليارات. وتناهز الاحتياجات الإجمالية لإعادة الإعمار والتعافي واستعادة الخدمات 67.1 مليار دولار، منها 25 ملياراً للاحتياجات القصيرة الأجل بين 2025 و2027. وتبرز احتياجات قطاعات الإسكان (17.1 مليار دولار)، والزراعة والأمن الغذائي (10.1 مليارات)، والتجارة والصناعة (8.3 مليارات)، والصحة (7.9 مليارات)، والحماية الاجتماعية (5.6 مليارات)، والتعليم (4.6 مليارات). وتقرّ الوثيقة بأن هذه التقديرات قد تكون أقل من الواقع بسبب قيود منهجية وميدانية. 

وتعرض خلفية إنسانية واقتصادية قاتمة: أكثر من 68 ألف قتيل والأعداد مرشحة للارتفاع، و1.9 مليون نازح داخلياً، و1.46 مليون إنسان بلا مأوى، وانكماش في الناتج المحلي في غزة بنسبة 83% خلال 2024، وارتفاع البطالة إلى 80%، وتضرر أكثر من 98% من المنشآت، مع تدمير واسع للبنية التحتية شمل 71% من مخزون الإسكان و94% من منظومات المياه والصرف و84% من شبكات الكهرباء و78% من الشبكة الطرقية، إضافة إلى ما يصل إلى 50 مليون طن من الأنقاض الملوّثة بمواد خطرة ومخلّفات غير منفجرة. 

هيكل الحوكمة والأمن وسيادة القانون

يرسم البرنامج بنية مؤسسية متدرجة تقودها وزارة التخطيط والتعاون الدولي، تبدأ بوحدة إعادة إعمار غزة كقدرة وطنية متخصصة لتنسيق البرامج والمواءمة بين السياسات والتنفيذ وإدارة التمويل والتتبع والمراجعات المستقلة، ثم تنتقل تدريجياً إلى «وكالة إعادة إعمار غزة» كهيكل وطني موحّد يقود التعافي والإعمار بالتكامل مع الوزارات والهيئات المحلية والشركاء والتنمية. ويؤكد التصميم على نظم مالية عامة متينة، وتتبّع في الزمن الحقيقي، وتدقيق مستقل، وتحديثات دورية للأداء والنتائج. 

على صعيد الإطار الأمني وسيادة القانون، تنص الوثيقة على تولّي دولة فلسطين كامل المسؤولية في القطاع خلال فترة انتقالية بدعم «لجنة دعم غزة» برئاسة وزارية، وقيام نظام أمني واحد تابع للحكومة مع تسليم بقية السلاح، وإعادة دمج الشرطة وأجهزة إنفاذ القانون تحت قيادة وطنية موحدة، مع أولوية لعودة الكوادر التي خدمت قبل 2007، وفحص وتدقيق لمن تم تجنيدهم لاحقاً. وتطرح شراكات تدريبية مع مصر والأردن، ودعم تقني محتمل من بعثة شرطة الاتحاد الأوروبي، مع إسناد أوروبي لإدارة معبر رفح عبر بعثة المساعدة الحدودية، وصولاً إلى مبدأ «سلطة واحدة وسلاح واحد» ضمن مسار وقف إطلاق نار شامل وانسحاب قوات الاحتلال وتحقيق مسار واضح نحو دولة فلسطين على حدود 1967. 

كما يتضمن البرنامج إعادة دمج إدارة التجارة والمعابر تحت سيادة دولة فلسطين عبر «هيئة المعابر والحدود» وبإسناد فني من بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية، بما يضمن الكفاءة التشغيلية والامتثال الأمني والرقابة الاقتصادية على حركة الدخول والخروج. 

إطار التمويل والشفافية والمساءلة

لتعبئة الموارد وإدارتها بفعالية وشفافية، يطرح البرنامج إنشاء «صندوق ائتماني للتعافي وإعادة الإعمار في غزة» بالشراكة مع البنك الدولي ليكون قناة إشراف وتنسيق وضمان مواءمة التمويل مع أولويات الحوكمة وبناء المؤسسات على المدى الطويل. ويكمَّل هذا الإطار بمنظومة تقارير مالية ربع سنوية، وتقرير سنوي لأثر المانحين، وتدقيقات مستقلة من طرف ثالث، ولوحة تتبّع مالية علنية تُظهر تخصيصات الصندوق وتقدم الصرف والمعالم التنفيذية لحظياً، بما يعزز ثقة الجمهور والمانحين. 

ويختم النداء الحكومي بدعوة إلى تعهدات مبكرة لتمويل الاحتياجات القصيرة الأجل البالغة 25 مليار دولار، وإلى تحالف دولي طويل الأمد للاستثمار في التحول الاقتصادي، مع إعلان نية عقد «مؤتمر استثمار غزة 2026» لحشد المستثمرين والبنوك التنموية وقادة الأعمال لتمويل مشاريع البنية التحتية والطاقة والاتصالات والتجارة، والانتقال من نهج المساعدات إلى تمكين الموارد الكفيلة ببناء اقتصاد مستدام. 

قطاع الاجتماعيات: الحماية الاجتماعية، الصحة، التعليم، الثقافة

يرتكز محور الحماية الاجتماعية إلى توسيع شبكات المساندة النقدية والمعونات الموجهة للفئات الهشة، بما يحدّ من فقدان رأس المال البشري ويغذّي التعافي المحلي. وتدرج الوثيقة برنامجاً للنقد للأسر المتضررة بتمويل مقدّر بـ3.1 مليارات دولار على مدى خمس سنوات تحت إشراف وزارة التنمية الاجتماعية، مع الدعوة إلى إنشاء صندوق موحّد للحماية الاجتماعية لتنسيق الموارد وتتبع الإنفاق وتفادي الازدواجية. ويوازيه برنامج «مخصصات اجتماعية للفئات الهشة» بقيمة 1.1 مليار دولار يشمل ذوي الإعاقة الشديدة وكبار السن والأيتام والحوامل والمرضعات ومن تسببت الحرب لهم بإصابات مزمنة أو إعاقات دائمة وناجيات العنف القائم على النوع الاجتماعي. 

وتفصّل الوثيقة محفظة صحة بقيمة 7.9 مليارات دولار تعيد بناء الرعاية الأولية والثانوية والثالثية، وتوسّع خدمات الصحة الوقائية والصحة النفسية العامة، وتدعم حوكمة النظام وتنمية موارده البشرية، إلى جانب محفظة تعليم بقيمة 4.6 مليارات دولار تغطي التعليم المدرسي وما قبل المدرسي والتقني والجامعي وحوكمة التعليم. كما تخصص 210 ملايين دولار لإحياء الثقافة وحماية التراث وإعادة تفعيل المرافق والأنشطة الثقافية. وبذلك تبلغ حزمة الاجتماعيات 18.31 مليار دولار.

الإسكان: وعد بالمأوى خلال ستة أشهر وإعادة بناء 320 ألف مسكن

ينصّ الركن الأكبر في الاجتماعيات على تعهّد حكومي بتأمين مأوى لكل مواطن نازح خلال ستة أشهر من التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. وتعرض الأرقام مرجعيات الحجم: 472,660 وحدة سكنية قبل الحرب، 71% منها متأثر، و68% من المخزون مدمر كلياً، و1.46 مليون إنسان بلا مأوى. ويُقسَّم التدخل إلى برنامج «مأوى سريع» بقيمة 5.2 مليارات دولار لتأهيل المساكن المتضررة جزئياً، وتقديم مساعدات الإيجار، ونشر وحدات سكنية متنقلة مسبقة الصنع، وبرنامج «إعادة إعمار المساكن» بقيمة 11.9 ملياراً لإعادة بناء المساكن المهدمة كلياً على مراحل متتالية بما يعيد الاستقرار المجتمعي تدريجياً. ويُقدَّر إجمالي كلفة الإسكان بـ17.1 مليار دولار، مع هدف بعيد المدى بإعادة بناء 320 ألف منزل. 

البنية التحتية: من رفع الركام إلى مطار وميناء وتواصل ترابي مع الضفة

تسجّل الوثيقة محفظة بنية تحتية من 24 برنامجاً بكلفة إجمالية تتجاوز 11.47 مليار دولار، تغطي إزالة الركام والخدمات البلدية والطاقة والمياه والصرف والنقل والاتصالات. وتحتل منظومة النقل النصيب الأكبر بواقع 4.2 مليارات، تليها المياه والصرف بـ2.9 مليارات، فالطاقة بـ1.5 مليار، وإزالة الركام بـ1.5 مليار، والخدمات البلدية بـ0.9 مليار، والاتصالات بـ0.5 مليار. وتؤكد الخطة أن تدخلات الاستقرار السريعة خلال السنوات الثلاث الأولى هي شرط لتهيئة سائر القطاعات، قبل الانتقال إلى حلول «البناء للأفضل» الأكثر صموداً مناخياً وتشغيلياً. 

في إزالة الركام، تُقدّر الكميات بنحو 50 مليون طن، مع خطة لإعادة تدوير 50%–70% منها لاستخدامها في تأهيل الطرق وإنتاج الخرسانة والبلوك، وبكلفة 1.52 مليار دولار، وتوقيت يمتد حتى خمس سنوات للأعمال الكبرى في المساكن الخاصة. وتستند الجدولة إلى انطلاق سريع لإتاحة الوصول الإنساني عبر فتح الشرايين الرئيسية، ثم توسع تدريجي نحو المنشآت العامة والمساكن. 

وفي النقل، يهدف البرنامج إلى إعادة فتح الشبكات وإعادة بناء المعابر وتوسعتها، وترقية البنية للانتقال لاحقاً إلى منظومة حديثة تشمل طرقاً جديدة ووسائط نقل عام وشبكة ترام، إلى جانب مشاريع الميناء والصيد والمطار، وخطط الربط الترابي بين غزة والضفة. وتوضح «الحقائق الميدانية» أن 81% من الطرق تضرر و80% من الجسور تأثر ودُمّر ميناء غزة والمعابر الأربعة وتعرض 85% من المركبات للتلف، ما يفسر حجم كلفة إعادة البناء. وتشير «الحقائق السريعة» إلى 1.71 مليار دولار لإعادة تأهيل وبناء الطرق، و700 مليون دولار للمرحلة الأولى من النقل العام والترام، ضمن تسلسل زمني يبدأ بفتح الطرق ذات الأولوية للوصول إلى الخدمات الصحية والسكن والأسواق ثم التوسّع والتحديث. 

وتستهدف منظومة الاتصالات إعادة بناء بنية رقمية resilient تُعيد خدمات الهاتف والإنترنت وتؤسس لمراكز بيانات وحلول حوسبة سحابية وحكومة إلكترونية وشبكات ألياف واتصال خلوي متقدم، بكلفة 350 مليون دولار مع مكوّنات شراكة مع القطاع الخاص، وبجدول زمني يقود إلى نشر 4G/5G وربط ألياف إلى المنازل وخدمات رقمية حكومية موسعة بين الشهر 36 و60. 

الاقتصاد والأمن الغذائي والقطاع المالي

اقتصادياً، تُظهر المحفظة ثلاثة محاور بقيمة إجمالية 18.4 مليار دولار: الزراعة والأمن الغذائي بقيمة 10.1 مليارات، والتجارة والصناعة 8.3 مليارات، والقطاع المالي 40 مليوناً. وفي قلب الاستجابة الغذائية، يموَّل برنامج أمن غذائي بـ6.7 مليارات دولار لتغطية الاحتياجات الغذائية لمدة 12 شهراً وإعادة تأهيل منظومة المخابز والمتاجر ومستودعات السلع الأساسية، بما يقلّص الاعتماد على الإغاثة ويعزّز صمود توزيعات الغذاء. 

وعلى مستوى المنظومة المالية، تُطرح تدخلات لإعادة تأهيل البنية المصرفية والبنية التحتية للدفع والتحويلات الرقمية واستدامة الخدمات، بكلفة تناهز 23.5 مليون دولار للتعافي التشغيلي لإعادة فتح الفروع وأجهزة الصراف وإدخال السيولة، تواكبها حزمة «استدامة» بـ11.5 مليون دولار تشمل إعادة هيكلة الديون وإنشاء صندوق لتغطية خسائر الائتمان وتمكين المصارف من وقف الاقتطاعات ومنح قروض جديدة في المرحلة اللاحقة. وتؤكد الوثيقة أن التمويل سيُدار بقنوات شفافة متسقة مع الأولويات، وبمساءلة تعزّز استجابة القطاع المالي لاحتياجات الأسر والقطاع الخاص. 

الحكومة المركزية والحكم المحلي وسيادة القانون

في قطاع الحوكمة، تسعى البرامج إلى استعادة القدرة المؤسسية للحكومة المركزية وتعزيز جاهزية البلديات ورفدها بأنظمة حوكمة رقمية وتمويلية حديثة، بما في ذلك منصات الحكومة الإلكترونية ونظم المعلومات الجغرافية للحوكمة الحضرية وإدارة الخدمات. وتعرض «الحقائق السريعة» لبرنامج «الحوكمة الرقمية والاستدامة المالية» لهيئات الحكم المحلي بتمويل 20 مليون دولار لتعميم الأتمتة والتحول الرقمي وتحسين الشفافية. كما تحدد مخرجات إعادة تشغيل مرافق الحكم المحلي ورفع كفاءة الكوادر وجدولة مرحلية لإعادة البناء والتجهيز والتشغيل على مدى خمس سنوات. وتبلغ حزمة الحوكمة في مجملها نحو 1.78 مليار دولار موزعة على ثمانية برامج تشمل المؤسسات المركزية والحكم المحلي وسيادة القانون وحقوق الإنسان. 

وفي مكوّن سيادة القانون، تُقرّ حزمة إصلاح وعدالة انتقالية ورقمنة للمنظومة القضائية وتحديث للبنية التحتية وتكامل تشريعي مع الضفة، بما يضمن اتساق القوانين المدنية والتجارية والجزائية عبر الأرض الفلسطينية، وإنشاء دوائر متخصصة مؤقتة لمعالجة القضايا العاجلة والملفات التي فقدت سجلاتها بسبب تدمير المرافق القضائية. 

إدارة المخاطر والمتابعة والتقييم

تُطلق الوثيقة إطاراً ممنهجاً لإدارة المخاطر يدمج التعرف على المخاطر وتخفيفها والتكيف معها عبر جميع مراحل التخطيط والتنفيذ، وتقوده وزارة التخطيط بالتنسيق مع الوزارات والشركاء. ويعرض الإطار فئات المخاطر السياسية والاستراتيجية، ومخاطر الوصول والأمن، والقدرات المؤسسية، والحوكمة المالية والائتمانية، والعدالة الاجتماعية والشمول، والشراكات والتنسيق، والمخاطر البيئية والمناخية، مع آليات تخفيف محددة لكل فئة. وتؤكد المتابعة الدورية عبر مراجعات ربع سنوية وتخطيط معدّل حسب المخاطر، وربط ذلك بلوائح تشغيلية ومؤشرات أداء ولوحة متابعة مشتركة. 

وبالتوازي، تُنشئ الحكومة منظومة شفافية ومساءلة عامة لقياس الأثر وتعزيز الثقة، تضم تقارير مالية ربع سنوية وتقريراً سنوياً لتأثير المانحين وتدقيقات مستقلة ولوحة تتبّع مالية علنية في الزمن الحقيقي لتخصيصات الصندوق وتقدم الصرف ومراحل التنفيذ، بما يضمن كفاءة الاستخدام ووضوح مؤشرات الأداء وتوجيه الموارد إلى الأولويات القصوى. 

من الإغاثة إلى الإعمار: انتقال منظّم يقوده التمويل الموثوق

يربط البرنامج بين الاستجابات العاجلة والتحولات الهيكلية طويلة الأجل. ففي المدى القصير، تُوجَّه موارد بقيمة 25 مليار دولار لاستعادة المأوى والخدمات الأساسية وبرامج الإنعاش الاقتصادي، على أن يعمل الصندوق الائتماني كآلية شفافة لمواءمة الموارد مع الأولويات، وتمكين الجهات الحكومية والشركاء وقطاع الأعمال من الاستثمار في مشاريع ذات أثر سريع وموثوق. وعلى المدى الأبعد، ينتقل التركيز إلى إعادة البناء الشامل والتحول الرقمي والطاقة المستدامة وربط غزة بشبكات التجارة، مع حشد استثمارات دولية عبر مؤتمر 2026 لتعزيز فرص العمل وبناء مركزية غزة التجارية والابتكارية في المنطقة. 

خلاصة

يعرض «برنامج تنفيذ التعافي وإعادة الإعمار في غزة» هندسة عملية لإعادة بناء حياة الناس والخدمات والمؤسسات، من المأوى والغذاء والصحة والتعليم إلى الطرق والمياه والطاقة والاتصالات، بمنهجية تنطلق من تقدير دقيق للدمار والاحتياجات إلى تصميم محفظة تدخلات قابلة للتنفيذ ومُمولة بشفافية ورقابة عامة. وهو رهان على أن الشراكة الدولية حين تقترن بحوكمة وطنية قوية ومسار أمني وقانوني موحّد، يمكن أن تحوّل الإغاثة إلى تعافٍ، والتعافي إلى ازدهار مستدام، وأن تجعل من إعمار غزة فرصة لبناء مستقبل أكثر صلابة وعدلاً واستقراراً للشعب الفلسطيني والمنطقة بأسرها. 

المصدر: خاص وكالة قدس نت للأنباء - رام الله