ابو عياش يرحل تاركا وراءه كلمات وألحان قاوم فيها الاحتلال

رحل فنان الفقراء كما يطلق عليه " نايف ابو عياش "، اليوم الاثنين، بعد صراع مع مرض عضال بمستشفى الأوروبي في خان يونس جنوب قطاع غزة.

والفنان الشعبي الفلسطيني أبو عياش من مواليد رفح ويرقد في المستشفى منذ شهر كان يعاني من مرض عضال في العظم الى ان اعلن عن وفاته عصر اليوم.

وكان ابو عياش يغني الاغاني الوطنية واستطاع مزج أسماء شهداء الضفة الغربية مع شهداء قطاع غزة في أكثر من أغنية، كما غنى لمعاناة سكان قطاع غزة في ظل الحصار الاسرائيلي المستمر ولانفاق التهريب على حدود جمهورية مصر العربية.

وأحيا ابو عياش الكثير من حفلات الافراح، وكانت تمتاز أغانيه ببساطة المفردات التي يستخدمها ، "هاتلك قزازة، وفيها بنزين، وشوية كلكل مع مسامير، حطلك فيها .. نتفة فتيلة، ولّعها واضرب عالصهيونية" هذه الكلمات التي غناها ابو عياش وكانت تسمي بأغنية "الدلعونة" اشتهر بها خلال الانتفاضة الفلسطينية الكبرى عام 1987، كانت بمثابة تدريب عسكري" على صناعة "زجاجة المولوتوف".

فيما يقول بأغنية اخرى "صوّب رصاصك يا أخي .. صوب الرؤوس الخائنة" كانت عبارات رددها صدى صوته الهادر في مواجهة ظاهرة العملاء في أغنيته الشهيرة "سيري صقور الفتح"، غنى للشهداء وللأسرى، لم يميز بين شهيد وشهيد، بين فصيل مقاوم وفصيل، غنى لياسر عرفات وأبو علي مصطفى وأحمد الجعبري، ومجّد صفقة "وفاء الأحرار"، تباهى بما فعلته كتائب القسام ولكنه لم ينس في آخر أغانيه كان يردد "أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها"، قمة التوحد بين الانتماء الراسخ والوطنية العالية، ولغة ايثار ندرت في زمن المصالح والبحث عن الذات.

أبو عياش المولود في مخيم رفح، عاش طفولة محرومة، تذوق فيها مرارة اليتم، فقط توفى والده مطارداً بعدما كان أحد المقاتلين في كتيبة مصرية خدمت في قطاع غزة ابان حرب العام 1967، وتوفيت والدته ولم يكمل العامين من عمره، وتربى في كنف جدته لأمه، لم يعرف من الدنيا سواها، كانت له كل شيء في إطار أسري خلا من الأعمام والأخوال، عاش وحيداً، لكنه لم ينقطع عن معاناة الوطن وهمومه، وامتزجت معاناته بأوجاع وطنه فولدت فناناً مفعم الاحساس وعالي الابداع.

عرف أبو عياش طريقه إلى الميكروفون مبكراً، فقد كان متفوقاً في الإذاعة المدرسية، غناءً ونشيداً، وكان المعلم الراحل الأستاذ عباس خضر أول من التقط موهبته الفنية، كان الأستاذ عباس مدرساً للغة العربية، ولكنه كان عازفاً على آلة العود، وكان يدير فرقة فنية تحيي المناسبات الاجتماعية، وهكذا أصبح الفتى أبو عياش تلميذاً للأستاذ عباس صباحاً وزميلاً له في فرقته الموسيقية في ساعات المساء.

لم تشفع روح الفنان لصاحبها أبو عياش لدى قوات الاحتلال، فما أن أكمل عامه السادس عشر حتى كان قد التحق بإحدى المجموعات الفدائية، وما لبثت سلطات الاحتلال إلا أن اعتقلته بتهمة مقاومة جنودها، وأمضى ثلاثة أعوام في سجون الاحتلال في مطلع الثمانينيات، ثم عادت واعتقلته من جديد في نهاية الثمانينيات وحتى مطلع التسعينيات، ثم كان الاعتقال الأخير منذ أوائل التسعينيات وحتى العام 1993، سنوات متتابعة من الاعتقال المتواصل، قادته إلى أكثر من معتقل وأكثر من قلعة للأسر، تنقل بين سجون غزة المركزي وعسقلان والنقب الصحراوي، عرف قادة وقامات وطنية ونضالية وعايش أجيالاً من المناضلين الذين ما بخلوا على وطنهم بالغالي والنفيس، بما في ذلك المهج والأرواح.

حرمت السماء الفنان أبو عياش من نعمة الإنجاب، قدر الله الذي لا راد له، وبروح الايثار العالية انفصل أبو عياش عن زوجته بعد عامين من الزواج حتى لا تُحرم من نعمة الأمومة، وعاش بعد ذلك عازباً حتى يومنا هذا، حيث اعلن عن وفاته

 

المصدر: رفح - وكالة قدس نت للأنباء -