أثار توجه الحكومة الأردنية إلى منح أبناء الأردنيات حقوقاً مدنية مخاوف قيادات شرق أردنية محسوبة على الحرس القديم داخل الدولة، رأت في التوجه الجديد مقدمة لاتخاذ قرارات خاصة بـ"توطين" اللاجئين الفلسطينيين المقيمين على الأرض الأردنية، وربطت بينه وبين زيارات وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى المنطقة، وسعيه إلى دفع عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وكان وزير التنمية السياسية الأردني خالد الكلالدة قال أول من أمس إن الحكومة تفاهمت وإحدى الكتل البرلمانية الكبيرة على منح أولاد وأزواج الأردنيات حقوقاً مدنية، لافتاً إلى أن لجاناً ستشكل داخل الوزارات المعنية للبت فيه، واستكمال إصدار القرار من مجلس الوزراء.
وأضاف: "شددنا على وضع نص في متن القرار، يؤكد أن هذه الحقوق لا تعتبر أساساً لمنح الجنسية الأردنية لأولاد وأزواج الأردنيات، خشية الحديث عن الوطن البديل (توطين الفلسطينيين في الأردن)، وحتى لا يؤدي القرار إلى فتح باب التجنيس".
وأثارت تصريحات الوزير عاصفة في البلاد تصدرتها نخبة رسمية تقليدية، لم تتردد في التعبير عن قلقها حيال ملف التجنيس المفترض.
وقاد رئيس الديوان الملكي السابق الجنرال المتقاعد رياض أبو كركي، أحد أبرز شخصيات الحرس القديم داخل "النظام" الرسمي، هجوماً نادراً على القرار الحكومي المرتقب.
لكن الكثير من الساسة الأردنيين المحسوبين على المكون الفلسطيني اعتبروا أن تصريحات أبو كركي - الذي كان رئيساً لطاقم الملك عبدالله الثاني العام الماضي - تعبر عن نظرة "عنصرية"، في حين أن عدداً لا بأس به من هؤلاء يتهمهم الطرف الآخر بـ "تبني مواقف شيفونية تجاه كل ما هو أردني الأصل".
وقال أبو كركي في تصريحات حملت عبارات قاسية وأخرى تهكمية إن حديث الحكومة عن الحقوق المدنية "دعوة صريحة إلى التوطين". وأضاف: "لماذا لا يمنح ابن الأردنية المتزوجة من فلسطيني جواز سفر والده، الذي له كيان معترف به اسمه السلطة الوطنية الفلسطينية". حسب ما جاء في تقرير لصحيفة "الحياة" اللندينة.
وتابع متحدثاً باللهجة العامية: "الأردنيات يخزي العين، لا شغلة ولا مشغلة إلا الخلفة (الإنجاب)".
واستطرد: "بطّلنا نتحمل، بكفينا بلاوينا، مش ناقصنا نلم مما هب ودب".
ورد موسى برهومة، أحد أبرز الشخصيات السياسية الأردنية - الفلسطينية على أبو كركي بالقول: "رئيس الديوان الملكي السابق رياض أبو كركي سكت دهراً ونطق كفراً. يبدو أنه مصاب بفوبيا الآخر، أو أنه يحنّ لمقولة نقاء الجنس الآري".
وأضاف: "القصة لا تعدو كونها حقوقاً إنسانية ومدنية لآلاف الأشخاص المقتلعين من التاريخ والجغرافيا... ومن الرأفة".
لكن الحكومة الأردنية ردت على لسان الكلالدة بالقول أيضا إن "مخاوف الأردنيين تجاه ملفي التجنيس والتوطين مبررة، لا سيما في ظل جولات وزير الخارجية الأميركي على المنطقة، وتصريحات اليمين الإسرائيلي المتطرف الداعية إلى تحويل الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين".