في سجن عسقلان، أثناء خروج السجناء إلى باحة السجن، جاء ممثل السجناء سفيان أبو زايدة ليزورني في الغرفة 26، ويتفقد وضعي الصحي، في تلك الأثناء، دخل علينا ضابط أمن السجن، وطلب الإذن بالحديث مع ممثل السجناء سفيان أبو زايدة، بهدف تسوية قضية أحد السجانين اليهود الذي اعتدى بالضرب على أحد السجناء الفلسطينيين.
لم يتزحزح السجين سفيان أبو زايدة عن شرطه لتهدئة السجناء، وأصر على ضرورة معاقبة السجان، ونقله للعمل بعيداً عن كل السجون التي تحتوى سجناء فلسطينيين، ما عدا ذلك، فقد هدد سفيان بأن ينال هذا السجان عقاباً قاسياً على أيدي السجناء الفلسطينيين.
وحين طال أمد الحوار دون جدوى، حاول ضابط أمن السجن أن يهدئ من غضب السجين سفيان أبو زايدة، فقال متوسلاً: أنتم العقلاء، وهذا السجان اليهودي مجنون.
رد السجين سفيان أبو زايدة بعصبية وتحدٍ، وقال باللغة العبرية التي يفهمها ضابط أمن السجن: إذا كان لديك مجنوناً واحداً، فإن لدي خمسين مجنوناً.
كان ذلك سنة 1986، زمن المقاومة، عندما كان للعمل المسلح هيبة التضحية، كان ذلك قبل التوقيع على اتفاقية أوسلو، والولوج من بوابات المفاوضات، إلى التنسيق الأمني الذي هدهد من وحشة الاحتلال، ورطب له الأجواء، حتى صارت وسائل الإعلام الإسرائيلية تزغرد طرباً لاستطلاع الرأي الذي أجراه مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، والذي أكد أن 51% من الإسرائيليين تخلوا عن الجنون، وارتدت لهم عقولهم، وسيصوتون مع اتفاق حل الدولتين في حالة تم طرح الاتفاق للاستفتاء الشعبي، شرط أن يكون الاتفاق ضمن المواصفات التالية:
1- إقامة دولة فلسطينية على مساحة 95% من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة بما في ذلك الأحياء العربية في القدس.
2- الاعتراف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي.
3- الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية، الأحياء اليهودية في القدس والحي اليهودي في المدينة القديمة
4- الاحتفاظ بوجود عسكري إسرائيلي في غور الأردن.
5- أن يعلن الفلسطينيون عن نهاية النزاع، وأن يكفوا عن الشكوى والمطالبات.
6- أن يكون حق عودة اللاجئين الفلسطينيين مشروطاً بالعودة إلى الدولة الفلسطينية فقط.
7- أن يكون جبل الهيكل تحت سيادة رب اليهود.
لو كان للشعب الفلسطيني ممثل سجناء مستعد للتضحية بنفسه، وبلا مصالح شخصية تكسر الرقبة، لهدد بإطلاق سراح أيدي مجانين الشعب الفلسطيني، كي يحدوا من التطرف اليهودي الذي تطور حتى صار على هيئة مستوطنين، لهم سبعة شروط لقيام دولة فلسطين.
ولو أحاط خمسون مجنوناً عربياً بكل مستوطن يهودي، لراجع الصهاينة حسابات الربح والخسارة لديهم، ولما فاز في الانتخابات الإسرائيلية أي من المتطرفين المتدينين المتعصبين المطالبين بالاعتراف بدولة اليهود على كل شبرٍ من أراضي فلسطين.
ولو كانت لنا قيادة سياسية بعنفوان الأسرى أو بجنونهم، لما ظل فوق أرضنا غاصبٌ.