الحكم الذاتي.... صناعة ماسونية صهيونية

بقلم: عبد الحليم أبوحجاج

كشفت بروتوكولات حكماء صهيون – خبثاء بني صهيون – عن مخططاتهم لإخضاع الشعوب والسيطرة على العالم ؛ وذلك بتدبير الوسائل للقبض على زمام السياسة العالمية ، وإفشاء التخريب المنظم للبلاد وإفساد العباد من خلال القبض على الصيرفة والصاغة ، والسيطرة على الثروات المالية والموارد الطبيعية والأيدي العاملة ، ومن خلال التحكم في وسائل الإعلام والفنون وتوجيهها الوجهة التي تخدم أغراضهم وتحقق أهدافهم .

ولقد كانت هذه البروتوكولات سرية جداً، وهي في مجملها محاضر جلسات وتعليمات صادرة عن المنظمات النورانية اليهودية (أعضاء المحافل الماسونية ) التي التقى أعضاؤها الإثنا عشر – الأثرياء المتنفِّذِون - بدعوة من ماير باور (روتشيلد الجَد ) وبرئاسته سنة 1773م في فرانكفورت بألمانيا ، وموجهة إلى ماسونيي الشرق الأكبر في فرنسا ، ولكن شاء القدر أن تنكشف هذه البروتوكولات سنة 1785 م ، عند ماتم ضبطها بصحبة أحد الفرسان الذي – يقال إنه – أُصيب بصاعقة قضت عليه ، وهو في طريقه بين فرانكفورت وباريس .فانكشفت معها نوايا ومخططات وأساليب الأيدي الخفية لجماعة النورانيين المُرابين اليهود (أعضاء الجمعيات الماسونية اليهودية). ولقد قام قادة الجمعيات الماسونية اليهودية بالتخطيط للمؤامرات ، وتصميم هياكل الانقلابات والثورات ، وذلك بخداع الشعوب والسيطرة عليها بالمال الذي يحتكرونه في أيديهم إيذاناً بقلب نظم الحكم . فبدأوا بخلق الأجواء وتحضير الظروف المناسبة لإشعال لهيب الثورة الفرنسية ، فهيأوا الناس لإثارة أعمال العنف والشغب المدمِّر في جميع أنحاء فرنسا ، وأعدوا ما استطاعوا من الوسائل والأساليب وصولاً إلى أهدافهم بإنجاح المستثارين في ثورتهم على المَلَكية الفرنسية ، فأعلنوا عن مبادئها البراقة ، واخترعوا لها شعاراً جذاباً رفعوه للناس : الحرية والمساواة والإخاء . وتم لهم ما أرادوا سنة 1789 م . ثم تلتها الثورة البلشفية الروسية سنة 1917 م بتخطيط المجمع النوراني اليهودي الذي صمم العقيدة الإلحادية المادية ورسم أبعادها ، وأوعز لكارل ماركس سنة 1848م بكتابة البيان الشيوعي (المانيفستو ) الذي كان بإشراف الماسونيين اليهود الذين خدعـوا به الشعوب ، فانخدعت به الشعوب . ولقد سبقت ولحقت هاتين الثورتين ثورات وانقلابات وحروب أهلية دموية كثيرة ، تخللتها وأعقبتها أعمال عنف وفوضى هدامة تحت مسمى الحرية والديمقراطية التي انخدع بهما (الغوغائيون) أيضاً .

ولقد استطاع اليهود الماسونيون أن يصلوا إلى غاياتهم ، إذ تمت لهم السيطرة على العالم من خلال وسائلهم باحتكار الصيرفة المالية وامتلاك الذهب والموارد الطبيعية والاصطناعية ، والتحكم في الماء والغذاء ، كذلك بتخريب اقتصاد الدول لتبقى دولا استهلاكية غير منتجة حتى تبقى تحت السيطرة ، وحتى تظل في حاجة إليهم وإلى قمحهم وأموالهم التي تأخذها حكوماتها منهم عـن طريق القـروض طويلة الأجل، بفـوائد تصاعـدية رَبَوِيَّة مرهـقة ، لا تقـدرعلى سدادها . وهم يريدون رسم خريطة جغرافية - سياسية جديدة للعالم كله حسبما تقررها الجمعيات الماسونية اليهودية لصالح المنظمات الصهيونية ، وذلك بإثارة الفتن وتصدير النزاعات الطائفية والعِـرقية وإشعال الحـروب الأهلية ، فاستطاعـوا أن يخلقـوا دولاً جديدة على حساب دول مستقرة ، بالتقسيم ورسم حدود دولية جديدة ، أو بالغزو العسكري المسلح ، أو بنهـب الأوطان وتشريد أهلها كما حـدث لفلسطين ولأهل فلسطين ، أو بالحروب الأهلية والانقلابات على الحكام الموبوئين ، لتبقى البلاد في دائرة العنف والتشرذم ، وفي دوامة الصراع على السلطة .

ولقد كان الغزو الثقافي أخطرها على الشعوب التي تمتاز بالتخلف الفكري واضمحلال الوعي الاجتماعي ، فيتخذ هؤلاء الناس من المظاهر الحضارية الغربية منارة لهم ومنهاجاً ، يقلدون أصحابها في طرائق تفكيرهم وفي أساليب حياتهم من دون تمحيص أوغـربلة ، فتعميهم الأضواء الساطعة ، ويقعون فريسة جهلهم وتخلفهم .

فليسمح لي القارئ أن أجتزئ بعض فقرات من البروتوكول الأول ليقف على الفكر الشيطاني لخبثاء بني صهيون ، وليرى كيف كان ما يسمى (الحكم الذاتي ) وسيلة من وسائلهم القابضة على روح الحرية ، ووسيلة خادعة لاصطياد الثوار وحبسهم وتصفيدهم ، ولف حبال المشانق حول رقابهم ؛ تمهيداً لوأد روح الاستقلال في نفوسهم ، وإن الحكم الذاتي الذي وُصِف للفلسطينيين في غـزة والضفة الغربية خـير شاهد عـلى خبث نواياهم ، وخير دليل على جهلنا وغبائنا . والآن اقرأ معي ، وقارن بين هذه الأفكار الشيطانية وبين التطبيق العملي على أرض الواقع الفلسطيني بعد أوسلوا ، فيقولون في البروتوكول الأول : "... وفكرة الحرية مستحيلة التحقيق على الناس ، فإنه ليس فيهم مَن يعرف كيف يمارسها بحكمة وأناة . فإنكم إذا سلَّمتم شعباً الحكم الذاتي لوقت محدود ، فإنه لا يلبث أن تغشاه الفوضى ، وتختل أموره ، ومن هذه اللحظة فصاعـداً يشـتد التناحر والتنازع بين الجماعات والجماهـير، فتتفاقم الخلافات حتى تقع المعارك بين الطبقات ، وينقسم الشعب على نفسه من داخله انقساماً يُفضي به إلى الصراعات المتعـددة . وفي وسط هـذه الاضطرابات والاختلافات تندلع النيران فـتحرق الحكومات ، فإذا بها كومة رماد ، ويزول أثرها كل الزوال . وهذه الحكومات مصيرها الاضمحلال ، سواء عليها أَدَفَنَتْ نفسها بالانتفاضات الآكلة بعضها بعضاً من الداخل ، أم جرَّتها هذه الحروب الأهلية إلى الوقوع في براثن عدو خارجي ، ففي الحالتين فإنها تُصاب في مقتلها ، فتغـدو أعجز من أن تقوى على النهوض لتُقـيل نفسها من عـثرتها ، وتلك هي اللحظة المناسبة لنا حين تقع في قبضتنا ، وحينئذ يأتي دَور سلطة رأس المال ، والمال كله في أيدينا ، فتكون حينئذ جاهزة ، فتمد سلطة رأس المال إلى تلك الحكومات الجديدة الآيلة إلى السقوط ، تمد لها حبلاً خفياً ( أو عُوداً ) ، لامفر لها من أن تتعلق به طوعاً أو كَرهاً لحاجتها الماسة إلى المال ، فإن تفعل ذلك هَوَت إلى القعر ، وإن لم تفعل تغرق في اللجة لا محالة . " ا . هـ النص .

هذا هو السيناريو الصهيوني الذي طُبـِّق على الشعب الفلسطيني في إطار سلطة الحكم الذاتي في الضفة الغربية وغزة ، ولا تعليق عليه، فهو واضح من خلال الممارسة الفعلية والنتائج السلبية . ثم يقول البروتوكول الأول في فقرة أخرى : " لا علاقة للسياسة بالأخلاق على الإطلاق ، ولا التقاء بينهما . إن الحاكم الذي تتحكم في تصرفاته اعتبارات الأخلاق الصحيحة لا يمكن أن يكون سياسياً ناجحاً بأي حال ، ولا يمكن أن يسلس له الاستقرار فوق عرشه على الإطلاق " .

واقرأ أيضاً في الفقرة التالية ما يخططونه لإيقاع الشعوب في مستنقع الخمر والرذيلة ليسهل السيطرة عليها واقتيادها إلى التهلكة ، حيث يقولون : " إن شعوب الجويـيـم ( الأمم الأخرى غير اليهود ) هي التي تنعم بالغوص في مستنقع إدمان شرب الخمور . إن شباب الجوييم هم الذين يستمتعون بالمشروبات الكحولية المُسكِرة ليزدادوا حمقاً وغباء لاستغراقهم في الدراسات الكلاسيكية التي لا طائل تحتها منذ نعومة أظفارهم ، ولانزلاقهم إلى شتى مظاهر السلوك اللاأخلاقي الذي يوفره لهم عملاؤنا من معلمين وخَدَم ومربيات في البيوت التي يمتلكها أغنياؤهم ، وعلى أيدي الموظفين اليهود الذين يُضطرون إلى توظيفهم لإدارة أعمالهم ، وعلى أيدي نسائنا اليهوديات العاملات في بيوت اللهو والدعارة وفي المسارح والسينما حيث يلهو أفراد الأغلبية الساحقة من شعوب الجوييم . وفي خاتمة هذه القائمة أُضيف ما يُطلق عليهن لقب ( سيدات المجتمع ) أو (صاحبات الصالونات ) لاصطياد عشاقهن المغرمين بهن ، الطيعين نحو الفساد والترف والرذيلة من كبراء رجال الحكومات والمتنفذين في شعوبهم " .

ثم يتحدثون عـن تفشي وسائلهم الهدَّامة في المجتمعات الآمنة لإفساد الشعوب حيث يقولون : " .... ويجب علينا بناء على ما أسلفنا ألا نتردد في استخدام الغش والرشوة والسمسرة ، وألا نأنف من الخيانة عندما تقربنا من بلوغ أهدافنا ، وفي عوالم السياسة يجب ألا يتردد المرء إطلاقاً في الاستيلاء على ممتلكات الآخرين من أجل إذلالهم وإخضاعهم لنا " .

ثم يتبجحون قائلين : " ... ومنذ عصور طويلة مضت كنا – نحن اليهود – أول من صك كلمات (الحرية والمساواة والإخاء ) ليتشدق بها الدهماء آنذاك ، وليُردِّدوها كالببغاوات منذ تلك الأيام التي انقضت عليها عصور الزمان ، دون أن يفقهوا معانيها ، مبددين بذلك خير العالم واستقراره .... ، ولقد جلبت لنا تلك الكلمات الثلاث وهي الحرية والمساواة والإخاء، جلبت لنا أعداداً كبيرة من الناس من كل أرجاء الأرض لينضموا إلى صفوفنا بفضل عملائنا المعصوبي العيون في كل مكان ، لكي يحملوا جميعاً لواء قضيتنا بحماس بالغ ، بينما كانت نفس هذه الكلمات الثلاث هي السوس الذي ينخر في عظام الجوييم ويبدد خيرهم واستقرارهم ، وسِلمهم وهدوءهم وتضامنهم ، مما يفضي إلى نسف دولهم من أساسها " . وأخيراً يعترفون : " إن فكرة الحرية الجوفاء قد مكنتنا من أن نقنع الجماهير بأن حاكمهم ليس إلا مشرفاً على إدارة الدولة ، وممثلا لأصحاب المصلحة في البلاد ؛ أي : ممثلا للشعب ، ومن ثَم يمكن للشعب أن يخلعه من منصبه بنفس السهولة التي يخلع بها الرجل قفازيه القديمين ليلقي بهما جانباً ويستبدل بهما قفازين آخرين . إن هذه الإمكانية التي أصبحت متاحة لنا لكي نُقصي ممثلي الشعب من أماكنهم في الحكم ، قد جعلت تعيينهم أيضاً في أيدينا ورهن إشارتنا " .

أيها القارئ العزيز : لقد اشتهينا – نحن الفلسطينيين – أطايب الطعام ، دفعنا فيه ثمناً غالياً وباهظاً ، وانتظرناه طويلا طويلا، كابدنا لأجله كثيراً كثيراً ، وتجرعنا الآلام والأحزان ، فجاءونا بخبز كَذِب على طبق تملؤه الأكاذيب ، صنعوه في أوسلو وعمَّدوه في واشنطن ، وحملوه إلينا من هناك مروراً بالحواضر والبوادي العربية ، ومازلنا نكذب على أنفسنا حين تنطلق أصواتنا من حناجرنا : مات الملك ... يحيا الملك ، ولم نخجل ولا نستحي، حين لا مناص من الخجل والاستحياء.