اجتمعت الحكومة الاسرائيلية للبحث في مواجهة سلاح المقاطعة الذي يمثل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل، وكذلك مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس.
يعرف المسؤولون الاسرائيليون أن الساحة الفلسطينية تدب فيها الخلافات والانقسام والبغضاء والتفرد في اتخاذ القرارات، وهم يلعبون على التناقضات القائمة بين الفلسطينيين غير المتفقين على برنامج سياسي واحد وهم في حال من التيه والضعف لا مثيل له ويعانون جراء استمرار الاحتلال وجرائمه.
ويعرفون أيضاً أن الرئيس عباس يفاوض من دون حصوله على اجماع فلسطيني، وعلى رغم أنه صاحب نظرية عدم نزع الشرعية عن اسرائيل، إنما عن الاحتلال، وكأن بينهما فرق، ويحاولون بين فترة وأخرى ابتزازه بالضغط عليه والادعاء أنه ليس شريكاً، ويبحثون عن بديل له، في محاولة لضرب ثقة الفلسطينيين بأنفسهم، وتعزيز الانقسام والفرقة بينهم.
يعرف الاسرائيليون أن الفلسطينيين يقاتلون منذ عقود لتقرير مصيرهم، وأن من حقهم النضال ضد الاحتلال بكل الوسائل المتاحة لديهم، وأنهم يمتلكون الشجاعة لمواجهة الاحتلال على رغم ما يمرون به من فرقة وأوضاع سيئة.
العالم كله يتحدث عن الرعب الذي أصاب الاسرائيليين من شبح المقاطعة والانتفاضة الثالثة التي بدأت باتخاذ الاتحاد الاوروبي قراراً بمقاطعة منتجات المستوطنات، وبدأت دائرته تتسع لتشمل شركات وبنوك اسرائيلية تتعامل مع المستوطنات.
ويجب أن تستمر الحركة النشطة والمتصاعدة منذ عامين في المقاطعة وأهميتها كفعل مقاوم استراتيجي في زيادة عزلة اسرائيل على جميع المستويات، والتحدي القانوني والأخلاقي، ومدى استمرار التزام المجتمع الدولي بخاصة دول الاتحاد الاوروبي في المقاطعة.
وحققت حملة تعزيز المقاطعة والمناخ الايجابي وقرار الاتحاد الاوروبي بمقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، نجاحات مهمة في الجوانب الاكاديمية والثقافية والاقتصادية.
وتشعر إسرائيل بخطر حقيقي من المقاطعة كونها تستمد شرعيتها من البعد الاخلاقي والقانوني والمقاومة الشعبية والمدنية على المستوى الفلسطيني والعربي والدولي، وتستند الى حق الفلسطينيين في مقاومة أخر احتلال في العالم مستمر في غطرسته وقضم مزيد من ما تبقى من فلسطين وبناء المستوطنات ونهب مقدرات الشعب الفلسطيني وموارده.
ما يحتاجه الفلسطينيون في هذه المرحلة الجديدة والمتنامية انهاء الانقسام والبدء من جديد، و توزيع المهام والأدوار على قاعدة اعادة الاعتبار للمؤسسات الفلسطينية، وتعزيز دورها في التواصل مع كل تلك الحركات على المستوى المحلي والعربي والعالمي والعمل معها، ليس من أجل تطويعها أو تعطيلها، بل من أجل تعميق أزمة اسرائيل لمقاطعتها وعزلها دولياً.
ويجب أن لا يغيب عن بال الفلسطينيين أن اوروبا مثل الشخص الذي بلع منجلاً ولا يستطيع اخراجه، ويبقى الخوف أن تقوم بربط الموضوع باستمرار المفاوضات والتوصل الى حل مع الفلسطينيين بناء على خطة كيري، وقد تتراجع عن مواقفها ولا تستمر بهذا الدور الذي جاء تحت الضغط الاخلاقي من قبل حركات المقاطعة الشعبية والمدنية.
الفلسطينيون الآن ليس لديهم غطاءً عربياً ومن دون حلفاء، والبعد الاخلاقي والقانوني لا يكفي، ومن دون نضال حقيقي مستمر قائم على استراتيجية وطنية يدفع الاحتلال ثمنه ستتراجع حال الفلسطينيين الى أسوأ مما هي عليه.
الولايات المتحدة الاميركية هي القوة الوحيدة المتفردة وهي الحليف الاستراتيجي لإسرائيل، وتمتلك من وسائل الضغط على دول الاتحاد الاوربي قد تجعلها تتراجع، فالحقوق لا تسترد بالوعود والتمنيات والركون للعبارات الجميلة، إنما بدفع اثمان باهظة من أجل التحرر من الاحتلال وتقرير المصير، وإنهاء الظلم المقيم المحيق بالفلسطينيين.
مصطفى ابراهيم
8/2/2014
[email protected]
mustaf2.wordpress.com