تقرير: التيارات السلفية المتشددة بغزة من اين بدأت وعلاقتها بالقاعدة !

تناقلت المواقع الجهادية على الانترنت شريط فيديو لما قيل بانها جماعات سلفية في قطاع غزة يحمل اسم "النصرة المقدسية للدولة الإسلامية" انتشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ، يوم امس ، ويظهر فيه عدة اشخاص مدججين بالسلاح يعلنون فيه انهم جزء من "الدولة الاسلامية بالعراق والشام"المعروفة بـ(داعش)
و اكد قيادي في الجماعات السلفية الجهادية في قطاع غزة ، أن المسلحين الذين ظهروا في الفيديو ليسوا جماعة جديدة بل هم من صلب قيادات الجماعات السلفية الجهادية في القطاع، و"أن الهدف من إصدار الفيديو النصرة للجماعة المستضعفة في سوريا والعراق وليس تأسيس مجموعة جديدة تابعة لها أو باسمها". وفق قوله.
وأشاد القيادي في تصريح صحفي بما أسماه "جهاد" الدولة الإسلامية في العراق والشام، و"شهدائها ومعاركها وجمع المقاتلين من كل مكان" والذي وصفهم بأنهم يذكرون العالم بـ "زمن الصحابة"، مبينا أن الجماعات السلفية الجهادية في "أكناف بيت المقدس" يألمون لمصابهم وأنهم يشتدون بعزمهم وثباتهم ويحثوهم على مواصلة القتال .كما قال
وحول تاريخ الجماعات السلفية في قطاع غزة ، ومدى ارتباطها بتنظيم القاعدة والتيارات السلفية الخارجية ، والاسباب التي ارتبطت بظهورها، ومدى توسعها في قطاع غزة والعلاقة مع وجودها في سيناء المصرية ، ومدى تقبل المجتمع الفلسطيني لها ، يقول المحلل السياسي الفلسطيني والقريب من الحركات الاسلامية حسن عبده ، ان "الساحة الفلسطينية بقطاع غزة وتحديدا بعد انتخابات 2006م شهدت بروز قوى متشددة ترفض مشاركة الحركات الاسلامية بالحكم."
ويضيف عبده في حديث لـ "وكالة قدس نت للأنباء "، "حاولت هذه التيارات السلفية ، ان تدفع بإعلان قطاع امارة اسلامية ، وهذا الذي نذكره وحدث في مدينة رفح "بمسجد ابن تيمية " وادى الى اشتباك مسلح بين حكومة غزة التي تديرها حماس  والمجموعة التي عرفت بجماعة "ابو موسى" ، والتي كانت تعد من اكبر المجموعات السلفية في غزة ".

لم تكن ظاهرة..
ويضيف عبده "برزت المجموعات السلفية التي تحاكي القاعدة والقوى السلفية الخارجية في قطاع غزة ، لكن لم تشكل هذه المجموعات الصغيرة ظاهرة في مواجهة اسرائيل ، ولم تكن ظاهرة بمعنى ان وجودها يعني مشكلة كبيرة في قطاع غزة."
ويقول " في هذه الفترة كانت اربع مجموعات رئيسية موجودة في القطاع( التوحيد والجهاد وجيش الاسلام وانصار بيت المقدس والسلفية الجهادية "جلجلت" ) ، من بين تلك المجموعات الصغيرة من عمل ضد الاحتلال الاسرائيلي ، كما جرى بمشاركة جيش الاسلام في اختطاف الجندي الاسرائيلي"جلعاد شاليط" ، في حين المجموعات الاخرى منها من تحول للعمل ضد الداخل الفلسطيني ، وتمثل ذلك في عام 2008 – 2009 بتفجير بعض المقاهي والمحلات " الكوافير " والانترنت ".
ويوضح عبده بان " ظهور هذه التيارات السلفية ارتبط بصعود الاسلام السياسي الى الحكم وهو جزء من الحالة العامة في العالم العربي والاسلامي ، و في قطاع غزة كان جزء من هذه المجموعات السلفية منخرط في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ، وكانوا جزء من الحركات الكبرى في الساحة الفلسطينية كحماس والجهاد الاسلامي ومنهم من عمل ضمن اطار كتائب شهداء الاقصى ، لكن بعد مشاركة الحركات الاسلامية بالحكم أي( حماس ) ، ظهرت هذه المجموعات برفضها للديمقراطية والمشاركة في السلطة على اعتبار ذلك عامل مخل بالدين والاسلام ."

اسرائيل تستفيد..
ويتابع المحلل السياسي الفلسطيني حديثه قائلا "ثم بدأت هذه المجموعات تتكور وتنشئ حالة خاصة بها تريد من خلالها ان تفرض رؤيتها على المجتمع واستمرت هذه الحالة والتي كان يتم احتوائها والتعامل معها من قبل حركة حماس بغزة ، ولم تشكل ظاهرة خطيرة داخل القطاع، لكن اسرائيل كانت دائما تحاول ان تستفيد من هذه المجموعات السلفية بالربط بينها وبين الارهاب العالمي الموجد جزء منه في سيناء ، وتحاول ان تلصق تهمة الارهاب العالمي بحركات المقاومة الفلسطينية ".
وبرأي حسن عبده "هذه التيارات لا يوجد دليل على ارتباطها بأي قوى سلفية بالخارج كالقاعدة ، لكن تحاكي من خلال اسلوب عملها فكر القاعدة ، وتمثل ذلك في "غزوة الخيول " التي ذهب فيها مجموعة من ثمانية عناصر سلفية يركبون خيول ويحملون متفجرات باتجاه احد مواقع الاحتلال الاسرائيلي الحدودية مع قطاع غزة ، وهذه الغزوة كانت مصورة واعتبرت في ذلك الوقت من اجل مبايعة القاعدة في عام 2009."
ويقول " اسرائيل تستفيد من هذه المشاهد وتغذي هذه الظاهرة لأهداف سياسية لتبرير أي عدوان على قطاع غزة ، والتسويق للعالم ان الحركات المقاومة الفلسطينية مرتبطة بالإرهاب العالمي ".
واستكمالاً لتاريخ هذه التيارات في قطاع غزة يضيف عبده ، "بعد هذه الفترة قيل ان تلك التيارات عملت بشكل شبه موحد في قطاع غزة ، ونظرا لتطبيق الخناق عليها من قبل حكومة غزة "التي تديرها حماس" ، وملاحقتها بسبب اعمال العنف التي قامت بها ، انطلقت هذه المجموعات باتجاه سيناء ، وعملت تحت مسميات مختلفة ، ووجدت في سيناء بيئة ملائمة لها ، والتقت مع مجموعات مصرية وجهادية عديدة وبدأت تعمل تحت مسمى "انصار بيت المقدس " .
ويوضح " بعد اغلاق الانفاق الحدودية ومراقبة الحدود بين قطاع غزة والجانب المصري اصبح من الصعوبة على تلك المجموعات السلفية التنقل بين الجانبين ".

معركة استخبارات..

ويعتبر عبده ما نشر ، يوم امس ، من فيديو مصور يظهر مجموعة اشخاص يعلنون بانهم جزء من "الدولة الاسلامية بالعراق والشام" ، هي زوبعة اعلامية ، وان "المستفيد الوحيد منها اسرائيل ، لاستخدامها في التحريض ضد قطاع غزة " لافتا الى ان تلك المجموعات لم تشارك في الحرب الماضية بأي عمل ضد اسرائيل .
ويرى بان" انتشار هذه المجموعات في المنطقة بسوريا والعراق وسيناء ودخولها الى لبنان ، يؤكد بان ما يجري هي معركة اجهزة استخبارات عالمية وهي المنشأ لها والممول، فأحيانا تعمل هذه التيارات السلفية مع بعضها ثم تنقلب وتعمل ضد بعضها كما يجرى بين جبهة النصرة وداعش في سوريا ولا يوجد في أيدولوجيتها مواجهة اسرائيل ".
من جانبه يقول المحلل والكاتب الفلسطيني طلال عوكل، "بشكل عام بالمنطقة العربية هناك تزايد وتوسع وتقدم في نشاط عمل التيارات السلفية الجهادية التكفيرية سواء تحت اسم القاعدة او مسميات اخرى ".
ويرى عوكل في حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، " ان تاريخ الساحة الفلسطينية لم يعرف مثل هذه الظواهر سابقا عدا حركات الاسلام السياسي المعروفة ، كحماس والجهاد وحزب التحرير ، لكن مع بداية انتفاضة الاقصى وطغيان العمل المسلح مقابل مواجهة العنف الشديد من الاحتلال الاسرائيلي ، توفر مناخ عمليا لنشوء مجموعات أولية للتيار السلفي ، توسعت وظهرت بالتحديد بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في عام 2007م ".
ويضيف " المناخ العام خلق مناخ مناسب جدا لظهور مثل هذه المجموعات سواء بما يتعلق في المساحة التي اعطيت لدور الاسلام السياسي ،او ما يتعلق في حيازة السلاح لمقاومة الاحتلال عسكريا ، لكن كل ذلك كان يتم تحت اعين حركة حماس وليس بعيدا عنها ".

فوضى تدمرية..
ويتفق عوكل مع المحلل عبده، بان هذه المجموعات السلفية لا يوجد لها علاقة في "الدولة الاسلامية بالعراق والشام " مستدركا " لكن بغض النظر عن انها مرتبطة بالقاعدة او ليست مرتبطة ، فالقاعدة ليس تنظيما مركزيا وكل ما يعتمد لغة القاعدة ومناهجها يمكن ان يعتبر قاعدة عملياً"
ويؤكد ان" هذه المجموعات تتبني في أيدولوجيتها تغيير المجتمعات ولا تحمل مواجهة اسرائيل على اجندتها، وتأخذ طابع تدميري الى حد كبير بدون ان تصل الى هدفها المنشود ، فلا هي تستطيع ان تقيم النظام الاسلامي البديل ولا النظام الديمقراطي الذي تعارضه وتخلق حالة من الفوضى التدمرية " .
وعن مدى تقبل المجتمع الفلسطيني لهذه التيارات السلفية ، يرى عوكل " ان وجود والتحام الفصائل الفلسطينية لا يعطي مجال لنشوء حركات متطرفة "تسود" ، في المجتمع ، كما ان الفلسطينيين لا يميلون نحو اعتماد العنف والصراع في امور تنهكهم خصوصا بعد حالة الرفض الشعبي للانقسام كما ان المواجهة العسكرية مع اسرائيل باتت مكلفة جدا ".
وكانت منتديات جهادية تابعة لتنظيم القاعدة، نشرة ، امس الثلاثاء ، مقطع فيديو قالت إنه لعناصر تتبع لجماعات سلفية جهادية في غزة تقوم بمناصرة ومبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" المختصر باسم "داعش".

قصص مفبركة..
ويظهر في الفيديو الذي تم نشره على موقع "اليوتيوب" عن طريق المنتديات الجهادية، 10 اشخاص مدججين بأسلحة مختلفة، ومن حولهم ما يعرف برايةتنظيم القاعدة أو "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، ويلقي أحدهم كلمة بدأها بالحديث عن بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث المسلمين على نصرة بعضهم البعض.
وأعلن المتحدث مبايعة المجموعة المسلحة لـ "أبي بكر الحسيني القريشي" (أبو بكر البغدادي) ما يسمي نفسه قائد "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، مطالبا كافة الجماعات المسلحة الإسلامية وكذلك أهل الشام ومن قال عنهم "المجاهدين في ثغور الإسلام" بنصرة "داعش" والبراءة ممن يعاديهم.
من جهته قال القيادي في حركة حماس، صلاح البردويل، إن قطاع غزة يخلو من أية عناصر وصفها بـ "المتطرفة"، ذات علاقة بتنظيم القاعدة أو ما يعرف بدولة العراق والشام "داعش".
واعتبر البردويل في تصريحات اعلامية، أن الحديث عن وجود مثل هذه الجماعات في غزة هدفه استعداء "حماس" والمقاومة وتشويهها ليس إلا..
وأضاف "إن قطاع غزة منطقة صغيرة لا تتسع لنشأة جماعات متطرفة ذات علاقة بالقاعدة، وفيها حكومة لها أجهزة أمنية، وفيها مقاومة متفاهمة وموحدة ميدانيا"، معتبرا أن ما يتم تداوله بهذا الخصوص "قصص مفبركة هدفها إلصاق حماس والمقاومة بالقاعدة وبالتالي الإرهاب، ولكن لا أحد يستطيع إنكار أن فصائل المقاومة هدفها دحر الاحتلال".

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء -