لا بديل عن تكامل الجهد الشعبي لمواجهة مخططات تهويد وأسرلة القدس

بقلم: راسم عبيدات

الإحتلال الصهيوني ماض في مخططات تهويد مدينة القدس موظفاً ومسخراً لذلك كل طاقاته وإمكانياته واجهزته،لإستخدامها في شن حرباً شاملة على المقدسيين على كل الجبهات،بحيث يشل حركتهم ويجعلها محدودة في التصدي لكل إجراءاته وممارساته القمعية بحقهم،فعلى سبيل المثال لا الحصر وجدنا ان الإحتلال لجأ مؤخراً الى شن حرب شاملة على الحجر الفلسطيني،بحيث يقوم بهدم اكبر عدد من المنازل في اكثر من منطقة وحي وبلدة مقدسية،ودون ان يتيح للسكان المنوي هدم منازلهم إمكانية التوجه للمحاكم لوقف مؤقت لهدم منازلهم،حيث تنتشر قوات الإحتلال حول البيوت المراد هدمها من بعد صلاة الفجر مباشرة،وبما يعني إغلاق اي إمكانية لتقديم التماس أو إستئناف على عملية الهدم،وحجم القوات التي يحضرها الإحتلال للهدم كبيرة جداً،وبما يجعل عملية التصدي والمواجهة مع القوة القادمة للهدم محدودة ومقتصرة في احسن الأحوال على اهل البيت وجيرانه المقربين،حيث التوقيت في عملية الهدم كذلك يشكل عاملاً اضافيا ويلعب دورا في محدودية التصدي والتضامن الشعبي.
والمذبحة بحق الحجر الفلسطيني المتصاعدة،ليست هي الإنتهاك الوحيد لحق المقدسيين في السكن،بل حلقة من حلقات التهويد والأسرلة التي ينفذها الإحتلال ضد أهل المدينة العرب المقدسيين،ضمن سياسة الطرد والتهجير والتطهير العرقي،والإخلال في ميزان المدينة الديمغرافي لصالح المستوطنين بشكل كبير،وبما يجعل العرب في القدس جزر متناثرة وغير متواصلة في محيط اسرائيلي،وفي هذا الإطار وجدنا بانه تجري عمليات تكثيف للإستيطان في قلب الأحياء العربية،حيث يجري الحديث عن مصادقة بلدية الإحتلال على مشروع استيطاني ضخم في قلب حي الشيخ جراح العربي،يتضمن اقامة مدرسة دينية وكنيس يهودي بإرتفاع تسعة طوابق ومركز تهويدي على مساحة أربع دونمات من أراضي الشيخ جراح،الذي يجري مصادرة اراضيه ومنازله لصالح المستوطنين،رغم اوراق الملكية "الطابو" التي يمتلكها السكان العرب،وليس هذا فحسب بل هناك ما يسمى بجمعية "حفظ تراث الهيكل"،تنوي إقامة ما يسمى ببيت الجوهرة اليهودي المكون من خمسة طوابق،منها طابق ونصف تحت الأرض،وهي لا تبعد سوى (250 )م عن المسجد الأقصى وحائط البراق،وهذا المبنى سيشتمل على مكتبة وصالات عرض وقاعات افلام ومحاضرات،وعرض لمقتنيات وآثار يهودية مزعومة وغيرها،وهو سيستخدم لمراقبة كل ما يجري من حركة داخل المسجد الأقصى،وبما يشكل خطراً على المصليين وغيرهم.
وفي المقابل،بدات خطة واسعة تشارك فيها وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية وبلدية الإحتلال ودائرة معارفها،من اجل أسرلة كامل العملية التعليمية في مدينة القدس،بحيث تجري عملية ربط العملية التعليمية من مرحلة الحضانات ورياض الأطفال بالمنهاج الإسرائيلي،فهناك (481) صف روضة وحضانة منها (100) تابعة لبلدية الإحتلال،والباقي خاصة جميعها تتلقى تمويل وخدمات من بلدية الإحتلال ودائرة معارفها،وهذا سيكون مقدمة لأسرلة شاملة للعملية التعليمية في القدس.
كل هذا الذي يجري في القدس من تهويد وأسرلة وتطهير عرقي،لم يكن كاف او جرس إنذار للمقدسيين بمختلف ألوان طيفهم ومؤسساتهم،من اجل توحيد جهدهم المبعثر والمشتت من اجل ان تكون هناك مواجهة جادة وفعلية لمشاريع ومخططات الإحتلال،بل إستمرت في العمل بشكل منفرد واحياناً متعارض،وحجم الأنشطة وعدد المشاركين فيها من المقدسيين القليل نسبياً،يعكس حالة من اللامبالة وفقدان الثقة،بكل ما هو قائم وبغض النظر عن التسميات رسمية سلطوية او شعبية جماهيرية،فهو يرى بأن تلك الأجسام والعناوين والمرجعيات تتناحر وتتنازع فيما بينها،على ان تكون العنوان او المرجعية او الحاضنة،ودون أن يستتبع ذلك جهد حقيقي وفعل على الأرض يسهم في دعم صمود وتثبيت صمود المقدسيين على أرضهم وفي قدسهم،فعلى سبيل المثال لا الحصر تجار السياحة"السنتواريه" في البلدة القديمة لديهم همومهم ومشاكلهم وجزء من محلاتهم مغلق،بسبب ضعف الحركة التجارية وآخر بسبب الضرائب الكبيرة والباهظة المفروضة عليهم من مسقفات"أرنونا" ودخل وغيرهم والتي تفوق قدرتهم على الدفع،وأصحاب البيوت المهددة بالهدم بسبب ما يسمى بالبناء غير المرخص،همومهم ومشاكلهم كبيرة جداً غرامات باهظة واجراءات بيروقراطية تمتد لأكثر من عشرة او خمسة عشر عاماً تستنزف الكثير من اموالهم،والتي جزء كبير منها مستدان،ودون ان يتمكنوا من الحصول على رخص،ولتهدم بيوتهم في نهاية المطاف،والمقترضين من مجلس الاسكان لديهم مشاكلهم في رفع القضايا امام المحاكم الإسرائيلية على غير الملتزمين منهم بالدفع،ورغم كل المحاولات التي بذلت من أجل وضع حلول منصفة للمواطنين والمجلس في هذا الجانب،إلا انها كانت تصطدم بما يشهده المجلس من انقسام وخلاف بين شركة الاسكان في القدس ومجلس الاسكان في رام الله،وكذلك حال المستشفيات العربية في القدس المقاصد والمطلع اضرابات واعتصامات،وعدم وفاء من السلطة بمسؤولياتها تجاه تلك المؤسسات...وغيرها الكثير الكثير.
كل هذا يتطلب ان نغادر لغة الفئوية والشخصنة وإدعاءات الأبوة،علينا ان نبحث عن شكل تنظيمي جديد يوحد ويستوعب كل اللجان والهيئات الموجودة والقائمة في هيئة موحدة يجري الاتفاق والتوافق عليها،بحيث توزع فيها الأدوار والمسؤوليات وملفات العمل،بحيث يكون هناك تكامل في الجهد والعمل وتوحد في كل القضايا فعلي سبيل المثال تكون لجنة خاصة بالتعليم ولجنة خاصة بالاستيطان ولجنة خاصة بأصحاب البيوت المهدومة....الخ،هذه اللجان تكون مهمتها المتابعة والعمل في هذه الجوانب،وتكون لجنة او هيئة تنفيذية،يناط بها وضع خطط وبرامج ورسم استراتيجيات العمل وسبل المواجهة والتصدي والصمود،وإلا بدون ذلك سنستمر في الندب والبكاء،والجدل البيزنطي حول الجنس الملائكة ذكر ام انثى،والإحتلال يستكمل تهويده وأسرلته للمدينة.

القدس – فلسطين
14/2/2014
0524533879
[email protected]