السيد كيري وزير خارجية الولايات المتحدة، نتمنى له النجاح في مهمته أكثر من أي وزير خارجية سبقه، منذ هنري كسنجر إلى مدام كلينتون، فقد عنوا أنفسهم بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقد أخفق الجميع منهم بإيجاد نهاية وتسوية لهذا الصراع المزمن، ونتمنى للسيد كيري أن لا يلاقي الإخفاق نفسه ...!
سيد كيري عليك أن تتوقف عند أسباب الإخفاق والفشل الذي مني به سابقوك في هذه المهمة، وأن تتلافى الوقوع بها ثانية وتقوم بتكرارها، ونحن نعرف أن الدبلوماسية الأمريكية منشغلة بكثير من الملفات المتفجرة في الشرق الأوسط وغيره، فإن تحقيق الإنجاز والنجاح لك وللدبلوماسية الأمريكية تحتاج منك أن تكون أكثر تبصراً وحكمة وعدلاً من سابقيك، لقد كان السبب الرئيسي لإخفاق من سبقك في هذا الشأن هو مجافاتهم للقانون الدولي ولقواعد الشرعية الدولية ولقرارات الأمم المتحدة التي تحكم هذا النزاع، والنزول عند رغبة الكيان الصهيوني وأمراضه النفسية وهواجسه الأمنية، وإجازة جرائم الحرب من استيطان وجدران وضم للأراضي، وإسقاط للحقوق المشروعة للفلسطينيين ...!
لذلك نود أن نسجل نقطة نظام قبل أن تنتهي سيد كيري من صياغة ((إطار الإتفاق)) الذي تزمع عرضه على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، بهدف إبقائهما على طاولة المفاوضات إلى ما لا نهاية، دون أفق ملموس وحقيقي لتوصلهم إلى حلٍ أو تسوية تنهي الصراع ...!
سيد كيري إن القليل الذي رشح عن ((إطار الإتفاق)) من التصريحات القليلة التي نطقتم بها لا توحي على الإطلاق أنكم جادون في التوصل إلى تسوية حقيقية تنهي الصراع، فلماذا كل هذا الجهد الذي لن يتمخض عن أي شيء يذكر، إنك تحمل حقيبة الخارجية والعالم يموج بالمشاكل والقضايا وأقدم هذه المشاكل والقضايا هي قضية فلسطين، فقد شغلت عصبة الأمم ثم هيئة الأمم وصدر بشأنها العديد من القرارات، فالشعب الفلسطيني موجود منذ آلاف السنين في وطنه فلسطين ولم تنقطع صلته بوطنه، وعدَّت فلسطين من الأقاليم (أ) التي تستحق تقرير المصير في صك الانتداب لعام 1921م ومن ثم صدر قرار التقسيم عن الجمعية العامة في 29/11/1947م ونص على إقامة دولة فلسطين، وفي 02/11/1967م صدر القرار رقم 242 عن مجلس الأمن لمعالجة العدوان الإسرائيلي وتصدّر ديباجته عدم جواز ضم أراضي الغير بالقوة، وفي عام 1974م اعترف بالشعب الفلسطيني وبممثله الشرعي والوحيد م.ت.ف. وصدرت القرارات التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وفي 29/11/2012م تقدم الزعيم الفلسطيني محمود عباس للأمم المتحدة بطلب العضوية في الأمم المتحدة لدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية وحل مشكلة اللاجئين حلاً عادلاً وفق الشرعية الدولية، وحظي الطلب الفلسطيني بموافقة فاقت المتوقع، إن تجاهل كل هذه الوقائع والحقائق في صياغة إطار الإتفاق، هو سبب الإخفاق الذي ينتظر مهمتك كوزير خارجية، إضافة إلى هبوطك عند مستوى الهواجس التي يعاني منها الكيان الصهيوني وقياداته، إن نقطة النظام هذه التي نقدمها لكم تهدف مساعدتكم في بناء أفكاركم وتصوراتكم التي يجب أن تستندو إليها وتبعدكم عن الفشل وتقربكم من النجاح، وتمكن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من الاستمرار في عملية تفاوضية تكون هادفة وتعيد الحقوق المشروعة لأصحابها بما يتفق وقواعد القانون الدولي التي يجب أن يحتكم إليها في إنهاء الصراع، لا وفق الأمزجة والهواجس الأمنية والمرضية للعقلية الصهيونية ...!
د. عبد الرحيم محمود جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
E-mail: pcommety @ hotmail.com
الرياض 16/02/2014م الموافق 16/04/1435هـ