النملة والفيل

بقلم: مأمون شحادة

صحيح أن النملة صغيرة بحجمها، الا أنها ربما تصبح كبيرة بحجم الفيل وفقاً للتطورات الزمانية والمكانية وارتباطاتها بالمخيال والخيال والرؤية.
ان مجتمعاتنا اليوم تعاني من بروباجندا تجعل من النملة فيلاً لتضخيم الحدث والاهداف، فالثرثار سيد هذا المصطلح، فإن اعطاك الاخير سراً، فكن على قناعة بانك لست اول من يعلم، ذلك لان الفكر المجيّر يساوي الوعي المفقود.
النملة مشابهة لحجم الفيل تبريراً، فالفشل السياسي يبرر بدواع اقليمية، والفشل الطبي يبرر بالخطأ، والنميمة والغيبة تبرر بالسمر وجلسات المودة، واستخدام الصفات الطيبة بوجه مغاير قد يفسرها البعض بصورة خاطئة.
ومن مفارقات البروباجندا الاجتماعية، انك حينما تكون قويا يصفق لك كل صاحب منفعة ويجعل لك الاسود ابيضاً، وحينما تنهار قوتك تصبح مرتعاً للطعنات والتأويلات ويصبح الابيض اسوداً، فالناس مثل الاعمدة الفخارية، كلما نقشت عليها شيئاً ازدادت خبرتك وترنحت بين الالم والامل.
اما سياسيا، ًمن ينظر الى العالم، يعرف ان النتيجة اصبحت 4+9=77، وربما تتطور الى 2+8=1000، وكذلك سيل الحروف والارقام وصولاً الى كل الاحتمالات، حيث نسينا ان الفكر والجوهر كالحرف والكلمة، كلما ازدادت الفكرة اتساعاً كلما نضج الجوهر الفعلي وليس الوهمي.
القارئ ربما يطرح سؤالاً متأدلجاً، هل المشروع الاعلامي العالمي يتجه نحو الاستفسار الحقيقي وتنمية التوعية؟
الجواب ربما يتقمص دور المسطرة التي تستطيع قياس الخشب والحديد وغير ذلك، وليس قياس العقول، فالتنمية لا تقاس بطول المسافة الزمنية، بل برجاحة الفكر التنموي الذي يرسم معالم تلك المسافة، والانسان يخطئ حينما يقتبس المخيال لتأويل الخيال.
امام هذا، نتذكر ما قاله الكاتب والمفكر الصيني "سون أتزو": ان مزج الالوان معاً يخرج لنا تدرجات لونية بأكثر مما يمكن رؤيته".
فهل ينطبق ما قاله الكاتب "تزو" على الحالة الاعلامية العالمية؟ ام ان تقمص الدور السوريالي اصبح ظاهرة تخيّم على كافة اروقة الخماسية الاستقصائية لمعنى الصحافة؟
اذن، نلخص نظرية النملة والفيل بما قاله الدكتور ابراهيم الفقي رائد التمنية البشرية: "ان 80% من تفكير الانسان سلبي، وان الخوف والقلق سمة من سمات هذا الزمان".

كاتب صحافي ومحلل سياسي