الشعب الفلسطيني ليس سيئاً

بقلم: فايز أبو شمالة

يطيب للبعض أن يهاجم الشعب الفلسطيني، وأن يتهم الناس بالأنانية والتخلف، وعدم الاستعداد للتضحية، وأنهم جاهزون للتفريط بالحقوق، وأن الشباب الفلسطيني ضائع، يحترق على نار الواقع البائس، وأن الشعب الفلسطيني شعب غير وفي، ولا يستحق التضحية، وغير جدير بالحرية، لأنه شعب متسول، وطابت له حياة الخمول والكسل، وأن كل التنظيمات الفلسطينية قد فقدت الأهلية، ولا يشغل القادة إلا الحفاظ على الكراسي.
هذا الخلط بين الصالح والطالح، وبين الواقع والحلم، وبين المضحي والمتكسب، فيه تجنٍ على حقيقة الشعب الفلسطيني، وفيه مغالطة كبيرة، ولا يعكس إلا نفسية زمرة من المنتفعين الذين لم يمارسوا الوطنية، ولم يشاركوا في المقاومة، ولم يتذوقوا حلاوة التضحية، بالتالي راحوا يبررون قصورهم من خلال اتهام الشعب الفلسطيني بالقصور، وراحوا يبررون لأنفسهم عدم المشاركة في المقاومة، وعدم السماح لأبنائه بالعطاء، من خلال التقليل من شأن المقاومين، واتهام المجتمع الفلسطيني كله بالصفات التي سكنت سلوكهم، حتى صارت العلاقة مع الإسرائيليين ـ من وجهة نظرهم ـ هي أقصر الطرق للحياة الكريمة.
إن الذي يحتقر طاقة الشعب الفلسطيني وعطاءه، هو حقير بذاته، وأن الذي يقلل من شأن تضحيات الفلسطينيين لا يكشف إلا حقيقة روحه التي تنمو في العفن، وأن الذي يقلل من سقف التطلعات السياسية للشعب الفلسطيني، ويهبط بأحلام الشعب وأمانيه إلى الحضيض، لهو الشخص التافه الذي يعيش على هامش التكسب والارتزاق الرخيص.
لقد قارع الشعب الفلسطيني الصهاينة وعنصريتهم مئة عام ولم ينكسر، ويقارع الشعب الفلسطيني المتآمرين على قضيته رغم اختلاق مشاربهم، ولم ينهزم، ويقارع الشعب الفلسطيني رأس المال اليهودي، ويتحدى نفوذهم المتشعب في كل المؤسسات الدولية ولم ينكفئ، ويقارع الشعب الفلسطيني الأطماع الغربية في المنطقة العربية دون أن تلين له قناة، ويقارع الشعب الفلسطيني ذوي النفوس الضعيفة الخبيثة من بين ظهرانيه، ولم تفتر عزيمته.
لقد ضحى الفلسطينيون بأرواحهم وأموالهم ولم يرتجفوا، وفجر الفلسطينيون ثوراتهم وانتفاضاتهم ولم يبخلوا، ولن يرتعبوا من كثرة العطاء، بل وتقاسم الفلسطينيون اللقمة في الملمات، ولم تتمزق روحهم المتمردة، ولم يرتد الفلسطينيون عن مشوارهم المقاوم، وما زالوا يتطلعون إلى اليوم الذي سينتهي فيه الانقسام في الرأي والمواقف، ليلتقي عموم شعب فلسطين على برنامج واحد ووحيد، برنامج يعلو من شأن التضحية، ويطيح برأس الانتفاع، إنه برنامج المقاومة الذي يحك على معادن الرجال، ويرتقي بمزاج الشعب الفلسطيني فوق المحال.