مع أن 5% من الامريكين فقط يتمتعون بالسيطرة على 85% من الثروة العامة في البلاد، بينما يتقاسم ال 85% الأخرون ال15% المتبقية، إلا أن 50% من الشعب الأمريكي وهم النسبة الأقل حظاً ودخلاً في البلاد يحصلون على دعم حكومي شامل يتمثل في شملهم ضمن برنامج التأمين الصحي المجاني (Medicaid)الشامل لكل شيء حتى اعقد العلمليات الجراحية ومراحل العلاج طويلة الأمد والنقاهة وغيره، كذلك يحصل هؤلاء من خلال برنامج ال (Food Stamp) على مبالغ مالية شهرية لشراء الطعام ويحدد المبلغ حسب حجم العائلة، بالإضافة الى ان الحكومة تدفع للمستفيدين من هذه البرامج تكاليف أيداع أطفالهم في الحضانات الخاصة وتوفر لهم تعليماً أساسياُ مجانياً وجامعياً شبه مجاني، بالإضافة للمساعدات المالية الكثيرة التي يحصل عليها الطالب الجامعي للمساعدة في تأمين السكن وشراء الكتب وغير ذلك!
أما ال 35% الآخرون الذي لا يحصلون على هذه الخدمات الكلية بسبب إرتفاع نسبة دخولهم عن المتوسط، فإن بعضهم يحصل عليها بشكل جزئي وبعضهم من أصحاب الدخول المرتفعة لا يحصل على خدمات التأمين الصحي المجاني ولا على مساعدات الغذاء المالية اعلاه، وهؤلاء هم الطبقة الوسطى وحاضنة الحزب الديمقراطي الذين يطالبون دائماً بنظام عدالة إجتماعية أوسع ولا يكفون عن إنتقاد "وحشية" النظام الرأسمالي!!.
أما في بلاد العرب والمسلمين يا سادة، فإنه يعيش 70% تحت خط الفقر المطقع، ولا توفر لهم حكوماتهم سواء الثورية منها او الدينية أو الملكية الوراثية أي برامج دعم ورفاه إجتماعي وغذائي وطبي كالتي توفرها الراسمالية "المتوحشة" لمواطنيها، ومع ذلك تعيش هذه الجماهير ليل نهار على إستهلاك شعارات شتم الرأسمالية الأمريكية "المتوحشة" !!!
في هذه الدول الثورية أو تلك الدينية، يمكن إنتشال عائلة كاملة من اخطار الفقر والنقص الغذائي و الطبي بمبلغ زهيد قد لا يتجاوز 200 دولار شهرياً، بينما تنفق أفقر حكومات هذه الدول مبلغ 5 مليون لإنتاج مسلسل سينمائي هنا و 3 مليون لإقامة مهرجان فني أو غنائي أو حتى مؤتمر ديني هناك!
أما الجمعيات الخيرية فتنشط جداً في جمع الأموال لبناء المساجد أو الكنائس والمزارات والمقامات وكأن الله هو الجائع الأكبر في تلك البلاد، وليس سواد جماهير الأمة!
لقد زرت البيت الأبيض في واشنطون وهو عبارة عن فيلا صغيرة الحجم أمامها حديقة خضراء بسيطة جداً تحيط بها بعض الزهور، وأمام الباب الخلفي للبيت يوجد طاولة خشبية مربعة يتم عليها التوقيع على أخطر وأهم الإتفاقات والمعاهدات الدولية في العالم، ومع ذلك فإن حجم هذا البيت يا سادة لا يتجاوز حجم صالة الإستقبال في احد المقرات الرئاسية لرئيس عربي مسكين من فئات محمود عباس وإسماعيل هنية، ولن يكون له حجم أصلاً إذا قارناه بقصور حكام من طراز ملوك وشيوخ وأمراء السعودية وقطر والكويت!!!
حقاً، كم هي متوحشة الرأسمالية الغربية!!!