عاش الـ22 من شباط يوماً وطنياً لانطلاقة الجبهة الديمقراطية

بقلم: وسام زغبر

تعبر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عامها الـ46 على طريق النضال والمقاومة ضد الاحتلال والاستيطان والحصار الإسرائيلي مع الحفاظ على الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية المشروعة.
الجبهة الديمقراطية فصيلاً يسارياً ديمقراطياً تأسست في 22 شباط/ فبراير 1969 تحمل هموم الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات وتقف إلى جانب الطبقة العاملة وصغار الموظفين والتي تحملت الصعاب في الدفاع عن خطها الكفاحي ومبادراتها وبرامجها السياسية والنضالية، وكانت الرائدة في فصائل العمل الوطني والإسلامي في المراجعات النقدية وطرح المخارج لكافة المعضلات الوطنية التي تجابه قضيتنا الوطنية الفلسطينية.
الجبهة الديمقراطية في عيدها الـ45 الذي يصادف الثاني والعشرين من شباط/ فبراير من كل عام فصيلاً فلسطينياً يسارياً يجمع بين سياسة السلاح وسلاح السياسة والتأكيد على حقوق شعبنا الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود 4 حزيران 1967 وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها منذ العام 1948.
الجبهة الديمقراطية لا تنسى مناضليها ومؤسسيها بل وكرمت شهداءها وأسراها البواسل في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث كرمت أسيرها الشهيد عمر القاسم في منحه عضوية اللجنة المركزية، وكذلك الأسير إبراهيم أبو حجلة في عضوية المكتب السياسي والأسير المحرر سامر العيساوي عضوية اللجنة المركزية... والقائمة تطول...
الجبهة الديمقراطية اختارت البندقية والنضال المسلح إلى جانب البرنامج السياسي في طرحها لبرنامج النقاط العشر/ البرنامج المرحلي في البيان الصادر عن دورة اللجنة المركزية الثانية في نوفمبر/ تشرين ثاني 1973 بعد حرب أكتوبر 1973 ليعتمد في دورة المجلس الوطني الفلسطيني الـ12 في حزيران/يونيو 1974 تحت عنوان "برنامج النقاط العشر" الذي تحول بعد الدورة الـ14 للمجلس الوطني الفلسطيني عام 1979 إلى برنامج للإجماع الوطني. ولكن اتفاق أوسلو استعاض عن البرنامج المرحلي ببرنامج الحلول الجزئية فأقر الشروع بترتيبات السلام قبل إدراك مضمونه فأعترف بحق إسرائيل في الوجود بأمن وسلام قبل أن يعترف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بل وأسقط خيار الانتفاضة الشعبية.
الجبهة الديمقراطية دعمت مبادراتها وبرامجها السياسية بنضالها وكفاحها المسلح. ففي طرحها للبرنامج المرحلي/ النقاط العشر، خاضت العديد من العمليات النوعية والبطولية وكان أبرزها عملية معالوت/ ترشيحا الأولى في 15/5/1974 ثم عملية طبريا في 23/5/1974 وعملية مستعمرة هاؤ وفكشول وفسوطة وبيسان في عام 1974، إلى جانب عملية صفد والقدس ومستوطنة رامات مكشيميم في عام 1975 إلى عملية معالوت الثانية.
فبيان الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التأسيسي الذي صدر في 21/2/1969 والتي أعلنت فيه قطع علاقاتها كلياً عن الجناح اليميني ورفعت شعارات الجبهة الوطنية العريضة التي تضم كافة القوى الطبقية والسياسية المعادية للاستعمار والصهيونية والرجعية وصولاً لوحدة وطنية فلسطينية حقيقية وثورية على طريق حرب التحرير الشعبية وحل معضلات تحررها الوطني في ظل دولة فلسطينية ديمقراطية شعبية وعلى خط مجابهة الصهيونية والامبريالية العالمية وقوى الثورة المضادة مع جميع القوى المعادية للامبريالية والرجعية في العالم.
الجبهة الديمقراطية كان لها باع طويل في المراجعات النقدية لكل مرحلة من مراحل النضال المختلفة وأبرزها في أيلول عام 1970 وأحداث جرش/ عجلون عام 1971 والتي تكبدت المقاومة الفلسطينية خسائر فادحة على الساحة الأردنية، وكان النقد للسياسة التي انتهجتها المقاومة الفلسطينية بما فيها الجبهة الديمقراطية في محاولة الغوص برؤية تحليلية لعمق الواقع المعقد للعلاقات الأردنية- الفلسطينية لتنطلق فيما بعد نحو البرنامج المرحلي.
الجبهة الديمقراطية عارضت مفاوضات مدريد وأوسلو وقالت حينها أنهما يعملان على تجزئة الحقوق الفلسطينية ويضمنان اعترافاً صريحاً من منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل كدولة في حقها العيش بأمن وسلام دون الاعتراف الإسرائيلي بحقوق الشعب الفلسطيني العادلة.
الجبهة الديمقراطية طرحت العديد من المبادرات والحلول للانقسام الفلسطيني الداخلي الذي قامت به حركة حماس في غزة في 14/6/2007 ووضعت المخارج والحلول لإنهاء الانقسام العبثي والمدمر للقضية الوطنية الفلسطينية والمشروع الفلسطيني برمته لصالح لغة المصالح وتقاسم السلطة والنفوذ بين حركتي فتح وحماس، بل وكان آخرها مبادرة الجبهة الديمقراطية في دورة لجنتها المركزية في منتصف شباط/ فبراير 2014 والتي دعت من خلالها حكومة إسماعيل هنية إلى تقديم استقالتها وفي اليوم التالي تقدم حكومة الحمد الله استقالتها عملاً باتفاق الإجماع الوطني مايو/ أيار 2011 وتفاهمات فبراير/ شباط 2013 على أن يبادر الرئيس محمود عباس بتشكيل حكومة التوافق الوطني مهمتها الإشراف على الانتخابات وضمان نزاهتها، كذلك دعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير إلى الاجتماع لوضع الآليات اللازمة لذلك وتحديد سقف زمني لإجراء الانتخابات.
فيما تدعو الجبهة الديمقراطية إلى وقف المفاوضات ورفض خطة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على اعتبار أن خطة كيري هي لإدامة وتمديد المفاوضات في شروطها وأسسها الراهنة لصالح العدو الإسرائيلي، فيما المصالح والحقوق الوطنية الفلسطينية تنزلق نحو مستنقع ألغام وثيقة كيري التي تحمل اعترافاً بإسرائيل دولة للشعب اليهودي وتسرع الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة بوتائر متسارعة وتتجاهل القدس واللاجئين وقضية الأسرى.
وفي المقابل تطرح الجبهة الديمقراطية البديل للمفاوضات العقيمة التي فشلت فشلاً ذريعاً بل وأثبتت فشلها أمام تنازلات الفريق المفاوض الفلسطيني وضياع أدوات نضاله بل وذهب بعيداً في تراجعه عن الإجماع الوطني الفلسطيني، وهي وقف مفاوضات تبادل الأراضي ومواصلة تدويل القضية والحقوق الفلسطينية وانضمام فلسطين إلى المؤسسات الدولية بالاستفادة من عضويتها المراقبة في الأمم المتحدة في نوفمبر 2012 بل واستئناف الهجوم السياسي والنضالي لعزل إسرائيل ونزع الشرعية عن الاحتلال وممارساته ومحاسبته عن انتهاكاته وأعماله العدوانية ضد شعبنا الفلسطيني. فيما تتواصل كافة أشكال المقاومة والنضال ضد الاحتلال والاستيطان ومواصلة النضال من أجل سياسة اجتماعية واقتصادية بديلة تعزز صمود شعبنا في وجه الاحتلال وتوفر العدالة الاجتماعية للفئات الأكثر تضرراً ودعم صمود شعبنا في القدس العربية والمحافظة على ديموغرافيتها وعروبتها.
ففي ذكرى الانطلاقة المجيدة تحية المجد لشهداء شعبنا وثورتنا الأبية ولأسرانا في سجون الاحتلال ولجرحانا وكافة مناضلي شعبنا في الوطن والشتات.. عاشت الذكرى ودامت الثورة...
• صحفي فلسطيني- قطاع غزة.
[email protected]