الوضع السياسي و مأزق المفاوضات والانقسام والإحباط كانت معاناتنا الكبرى.
تفجير الخلاف الفتحاوي الفتحاوي الاقصائي والاستئصالي الأخير أصبح الهاجس الأكبر من تلك المعاناة لشعبنا وهو بالتأكيد يؤرق الفتحاويين والوطنيين وحتى الاسلاميين لأنه يتعلق بمستقبل الجميع.
كيف ينظرهؤلاء جميعا للغد الذي من المفترض أن يكون أفضل ويرفع من قيمة المسئولية لديكم بعد كل سنوات الانقسام وتلك اللطمة الكبرى التي تراجعت خلالها المسئوليات الوطنية والحزبية.
هذا الهاجس الذي هو أكبر من المعاناة كما قلنا وضاعف من حالة الاحساس بالخطر والاهتزاز الداخلي للناس هنا في غزة على الأقل وهم يشاهدون "اهتزازا وارتداداته" وهي تتسع دوائرها في الحركة الأم حركة فتح ولجنتها المركزية ومجلسها الثوري وأقاليمها، فهل يشعر بذلك الفتحاويون وويقدرون الخطر الذي يشعر به الفلسطينيون جميعا تجاه اهتزاز فتح التي تستأسد على بعضها ؟
حركتكم " فتح " في خطر كبير في ذهن المقيمين في قطاع غزة بالذات والخصوص فالناس يريدون خلاصا من العنف ليفاجأوا بأنكم أصبحتم في داخلكم في منتهى القسوة والعنف وتنقسمون على فكرة باطلة فيما بينكم، فكيف ستتعاملون مع الشعب لو عدتم للحكم ؟
نعم عندما يكون الفتحاويون بخير يكون الوطن بخير، وعندما يمرض الفتحاويون يمرض الوطن، فما بالك، والفتحاويون أصبحوا لأول مرة استئصاليون واقصائيون في داخل تنظيمهم وهنا لابد لكل فلسطيني أن يتحدث عن فتح، رضي الفتحاويون، أم، لم يرضوا، لأنكم تحت المجهر مرة أخرى في كشف صلاحيتكم لحكم الناس من جديد بعد كل ما حدث لنا.
كانت فتح وكان الفتحايون يتحاكمون بقانون المحبة وحدث ما حدث للبلد قبل سبع سنوات، فكيف هو المستقبل بحالكم الجديد الاقصائي الاستئصالي العنيف المرئي فيكم الآن؟
هل فتح منقسمة بهذه الحدة كما نرى إلى تيارين بغض النظر عن الأحجام؟
غريب هذا الانقسام الثنائي في مقابل أسبابه ولا نرى انقساما حادا بهذا الشكل عبر التاريخ إلا في ظروف عنصرية فقط ولكن نحن جميعا من عرق واحد.
وأين هم أعضاء الحركة المخلصون بعيدا عن هذين التيارين لكي يستشيطوا غضباً على ما وصلت إليه الحال, و يكون لهم موقف أكثر اتزانا ليصلحوا ذات البين ويوازنوا بين الحق والباطل وخاصة في قطاع غزة الذي يشكل المخزون الحيوي للتنظيم ليفهم الناس أن بكم رادع من داخلكم لكي لا تذهبوا بعيدا كما ذهبتم سابقا فأطيح بكم وأطيح بالبلد والقضية.
حقيقة هناك حالة من التغيير على وشك أن يحسمها الناس في ذهنيتهم, و هي مؤشر خطير، يجب أن تنشغل فيه فتح بدل الانزلاق في الحالة الجديدة والتي ستقلل من شعبيتكم لأن شعبنا قد مل ما أنتم متغيرون نحوه من عنف واستئصال في داخلكم، و يبدو أن هذا الخطر غير وارد بحجمه الحقيقي في أذهان وتصرفات قادتكم حتى الآن, و لم تظهر للناس بوادر حركية تدل على فهمكم لجمهور غزة الجديد ما بعد الانقسام، حيث أن بوادر التصحيح هي جزء لا يتجزأ من خطة المفترض وجودها لتنظيم كبير ومطلوبة للنهوض والتعافي ولكن هذه البوادر الحالية التي شاهدناها ونشاهدها تمهد لحالة اشتباك واقتتال وانقسام داخلي لا محاله وليست لنهوض وتعافي.
على ما يبدو أن كمية و شخصيات ونوع العمل المطلوب بعد سبع سنوات من الغياب عن غزة لا تتناسب مع الخطر الذي تعاني منه فتح بل إن الغوص في الاقصاء والاستئصال على ما يبدو هو سيد الموقف في قيادة الحركة.
الصراع الجاري في هذه الحركة، هو ليس سيطرة تيار أو شخصيات معينة على مجريات الأمور في فتح بل هو استمرار غياب ديمقراطية حقيقية في داخل الحركة فالشعب في الانتخابات الاخيرة قد يأس من اصلاحكم لذاتكم وكنتم أقل عنفا من الآن فما بالكم بالقادم، وعلى ما يبدو ستعيدون تقديم هدايا في انتخابات قادمة للآخرين.
أردت بمقالي هذا أن أنبه لشيء أعتبره في منتهى الخطورة بشأن الفتحاويين، تفكيرهم، وعقليتهم، وثقافتهم التي تغيرت وتطرفت وهو ما يجعلني وكثيرين مثلي يتمنوا ألا تعود فتح لحكم الشعب الفلسطيني من جديد ونشعر بالإحباط من هذه الفتحاوية العنيفة التي نرى ملامحها بوضوح يفلق الرأس لكل ذي عقل سليم.
إذا كانت هذه هي العقلية التي سيعود بها الفتحاويون الي السلطة فنحن لا نريد فتح هكذا ونحن سلفاً لا نريد حماس لأنها مارست ما أنتم قادمون لممارسته على شعبنا بهكذا عقليات ولم يعد المواطن منا يخشي من أي سلطة كانت، سابقة أو حاضرة أو لاحقة، لأننا هنا في غزة قد غيرنا التحدي والقسوة والصبر الطويل كثيرا.
هل اتعظتم حقيقة، وحدث التغيير الايجابي في إداراتكم بعد عاصفة غزة أم مازلتم شلل ومجموعات مناطقية فإن كان كذلك فالجمهور سيلفظكم في مدة أقل بكثير مما كانت في جولة الخطايا الأولى إذا عدتم للحكم من جديد.
الواضح أن الأسباب والصراعات التي أطاحت بغزة لم تزل تفعل فعلها، بل، وذهبت الي أبعد مما كان ، والكثير الكثير منها كان أوهاما قد صنعتموها، أو صنعها نهجكم السابق لتبرير التنافس علي المواقع، وأنتم جميعاً تدركون الباطل الذي تتصارعون من أجله الآن، ولكن، لا أحد منكم يجرؤ على الإفصاح عنه، لأنكم تعرفون أنه خطأ، ولكن الكفر عناد، فاشتروا زمنا قادما جميلا لفتح بإنكار الذات والشفاء من الأحقاد وقدموا فتح على المكاسب والمواقع والفرقة والتصنيف، ولا تشتروا مكانا ومكانة وحقدا في فتح فتدمروها.