لا تزال مريم تلازم والدتها أينما ذهبت ,لتصرخ بمجرد أن افتح عينيها ولا تجدها بجانبها ,لترتسم علامات الخوف والقلق بشكل دائم على وجهها وحدقت عينيها رغم أنها لم تتجاوز الأربع سنوات فقط .
حالت مريم كحال الكثير من الأطفال المشردين من دولة سوريا إلى قطاع غزة ,تلك البراعم التي تفتحت على الخوف، وعلى أهوال الحرب وأصوت الطائرات التي لا تزال في مسامعها حتى بعد نزوحهم من ديارهم، كما أنها تهتز وترتعش كلما سمعت أصوات غريبة.
ولدت مريم الحاج في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق ولتنتقل مع والدتها ووالدها إلى مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة بجنب أقاربهم ,لتسكن في منزل خالي من أي قطع للأثاث ,حيث خرجت من سوريا بدون أن تنقل معها أي من احتياجاتها الأساسية والغير أساسية .
ولسوء الأحوال المادية لم تستطع العائلة شراء أي مستلزماتها المنزلية ولتسكن على بساط وفرشتين وبعض أدوات المطبخ تم التبرع لهم من بعض أفراد العائلة لهم .
ورغم مرور سنتين على استقرارهم في قطاع غزة إلا أن مريم مازلت تعاني الكثير من المشاكل النفسية والجسدية ,لقول والدتها مريم " الخوف هو المسيطر عليها طوال الوقت ,ونحاول التخفيف عنها بالتواجد بجانبها بشكل مستمر إلا أن تأثير الحرب على سوريا كان له اثر كبير على نفسيها مع أن عمرها كان صغيرا ,والمفروض أن لا تتأثر بهذا الشكل ولكن حجم ما تعرضنا له كان أيضا اكبر ".
وتبين انه الخوف هو المصاحب الدائم لمريم ولتعاني من التبول اللا أرادي وعدم القدرة على الإخراج مما تسبب بحاجتها إلى عملية جراحية ، لتضيف " ابنتي تغيرت كثيرا وأصبح حديثها اليومي يتمحور حول مخاوفها وما حدث في منطقتنا من اشتباكات وقتل وانفجارات، وأحاول بشكل دائم إيقافها وإشغالها بأية لعبة أو حديث لإخراجها من هذه المخاوف التي تكاد أن تدمر عقلها الصغير المحمل بأفكار أكبر منها بكثير".
وبدا يتغير حال الطفلة بعد أن تم استيعابها في مشروع العاب أيفري فلسطين حيث أشرفت على حالة الطفلة المنشطة النفسية فداء عمر لتقول " بطريق الصدفة تعرفت على والدة مريم لتشرح لي الحالة واطلب منها أن ترسلها لتشارك في المشروع ولصغر سنها تحدثت مع المنسق وطلبت منه أن يتم قبولها لأبدا معها في التفريغ النفسي ".
وتوضح أن حاله مريم كانت صعبة جدا فالخوف والخجل والقلق والوحدة ,كان المسيطر عليها ولا تبتسم أبدا وبمجرد أن تحضر على المكان لا تتحرك من جانب عمر ,ولتضيف " بدأت في دمج الطفلة في اللعاب المختلفة التي يتم تطبيقها في المشروع ليتغير حلها بشكل بطيء ولكن يعتبر تغير ملحوظ وخاصة أنها دمجت مع الأطفال وظهرت الابتسامة على محياها وأصبحت تنام بشكل أفضل وبدون فزع طوال الليل ".
وتقر من جانبها والدة الطفلة انه ومنذ مشاركة طفلتها في المشروع أصبحت أكثر راحة من قبل وتقبل للأطفال في مثل عمرها كما أنها تبتسم وتلعب بشكل اكبر عما كانت عليه ,وتتمني أن تتحسن طفلتها بشكل اكبر مع توفير احتياجاتها في المنزل ودعمها نفسيا في المشروع .
وتنفذ عمر برنامج خاصا ضمن المشروع وهي جلسات دعم وأنشطة اجتماعية ونفسية وصحية وترفيهية لصالح الأطفال في منطقة خان يونس ، مما يساعدهم على تكيّفهم السليم مع الظروف المحيطة بهم ،باستخدام العديد من اللعاب والأنشطة المختلفة لتي يحتاجها يفتقدها شريحة كبيرة من الأطفال .
ومن جانبه قال طلعت بظاظو المنسق التربوي لمؤسسة الأطفال التربية واللعب أن المشروع جاء من اجل تقديم خدمة مميزة للطفل عبر توفير مكان امن يستطيع أن يمارس هوايته وألعابه بأمان بعيد عن الخطر حيث تم بناء مكتبة العاب للأطفال مع وجود منشطين نفسيين واجتماعيين .
وأكد على أهمية بناء مكتبة العاب للأطفال، فالأطفال هم الأكثر حاجة إلى التعبير واللعب والتفريغ النفسي، وأضاف "مكتبة الألعاب التربوية تمثل مجموعة من الزوايا التربوية والترفيهية التي تهدف إلى تنمية قدرات الأطفال من مخيم خان يونس، وتعليمهم وتثقيفهم والترفيه عن أنفسهم. وتشمل المكتبة زوايا عدة منها زاوية الألعاب التربوية ، زاوية الألعاب الشعبية ، زاوية الرياضة، زاوية التعبير المسرحي و السيكودراما، زاوية التعبير الأدبي".
ويذكر أن المشروع مكتبية العاب أيفري فلسطين بدعم من مؤسسة أيفري فلسطين الفرنسية بالتعاون مع مؤسسة الأطفال التربوية واللعب واللجنة الشعبية للاجئين ونادي شباب خان يونس