استشهد 13 شخصا على الأقل يوم الجمعة 28 نوفمبر تشرين الثاني 2025 بنيران الجيش الإسرائيلي خلال عملية توغل في بلدة بجنوب سوريا "لاعتقال مطلوبين" عززها بقصف جوي، وهو ما اعتبرته دمشق "جريمة حرب مكتملة الأركان".

وبدأت الأحداث فجر اليوم عندما توغلت دورية عسكرية إسرائيلية في بلدة بيت جن بريف دمشق الجنوبي الغربي، وفق مصادر سورية وإسرائيلية.

وأفادت قناة (الإخبارية) الرسمية السورية بوقوع قصف إسرائيلي على بلدة بيت جن عقب محاصرة دورية عسكرية إسرائيلية أثناء توغلها في البلدة واندلاع اشتباك مع الأهالي قبل انسحابها.

وأسفر القصف عن سقوط شهداء وجرحى، بينهم أطفال ونساء، فيما لا يزال آخرون عالقين تحت الأنقاض، وفق القناة.

ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مدير الإحالة والإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة نجيب النعسان، قوله "إن جثامين 13 شهيداً.. تم نقلهم للمشافي حتى الآن في حصيلة غير نهائية لضحايا العدوان الإسرائيلي على بلدة بيت جن".

فيما أكد مدير صحة ريف دمشق توفيق حسابا، للوكالة الرسمية "ارتفاع عدد الإصابات جراء العدوان الإسرائيلي.. إلى 24 شخصا.. في حصيلة غير نهائية".

وكانت حصيلة أولية للهجوم قد أشارت إلى استشهاد عشرة أشخاص.

من جهته، تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن اندلاع اشتباكات عنيفة فجر اليوم في بلدة بيت جن، بين شباب المنطقة وقوات إسرائيلية حاولت اقتحام البلدة وتنفيذ حملة اعتقالات، وترافقت الاشتباكات بقصف مدفعي وجوي، واصفا ذلك بأنه "أكبر عملية عسكرية" منذ سقوط نظام بشار الأسد، قبل نحو عام.

وقال المرصد، ومقره لندن، "إن الاشتباكات والقصف البري والجوي أسفرت عن مقتل 13 شخصًا على الأقل، بينهم 7 مدنيين من ضمنهم نساء وأطفال".

وأكد "أن العدد مرشح للزيادة بسبب وجود 20 جريحًا في حالة خطرة ومفقودين تحت الأنقاض وموقوفين لدى الجيش الإسرائيلي".

وقال رئيس شعبة الإسعاف في مشفى المواساة بدمشق الدكتور حسام سطوف، لوكالة أنباء (شينخوا) "إن 11 إصابة وصلت إلى المشفى، بينهم سيدة متوفية".

وشاهد مراسل (شينخوا) حركة كثيفة داخل قسم الإسعاف في مشفى المواساة أثناء وصول الإصابات من بلدة بيت جن.

وقال السوري علي إياد الصفدي، وهو جريح من بلدة بيت جن، "ليل أمس كان هناك تحليق كثيف للطيران الإسرائيلي، واستمر حتى الساعة الثالثة فجرا، وبعدها قامت القوات الإسرائيلية بإنزال جوي بغية أخذ أحد الشبان، أعقبه مقاومة من المدنيين في البلدة".

وتابع "أن القوات الإسرائيلية بعد الاشتباكات بالأسلحة مع مواطنين من البلدة، شنت هجوما بالطيران المسير وقصفا بالمدفعية على منازل الأهالي استمر حتى السادسة صباح اليوم" بالتوقيت المحلي.

وخلال الساعات الماضية، شهدت بلدة بيت جن "موجة نزوح غير مسبوقة" لعشرات العائلات باتجاه المناطق المجاورة، وفق المرصد.

وأوضح أن القصف تسبب في أضرار جسيمة بالمنازل، ما دفع السكان للفرار حفاظًا على حياتهم، خشية استمرار التصعيد الإسرائيلي المتكرر داخل الأراضي السورية.

فيما أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم تنفيذ عملية في قرية بيت جن لـ"اعتقال مطلوبين"، مشيرا إلى إصابة ستة من جنوده.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي، في بيان على منصة (تلغرام) إن قواته نفذت "خلال ساعات الليلة الماضية.. واستنادًا إلى معلومات استخباراتية جمعت خلال الأسابيع الأخيرة.. عملية لاعتقال مطلوبين من تنظيم الجماعة الإسلامية".

وتابع "أن المشتبه بهم عملوا في قرية بيت جن جنوب سوريا، وشاركوا في تطوير مخططات إرهابية ضد مواطني دولة إسرائيل".

وأضاف أنه خلال العملية أطلق "مخربون" النار باتجاه القوات، فردّت بإطلاق النار، وبالتوازي قدم إسناد ناري جوي للقوات في المنطقة، مؤكدا "اكتمال العملية، واعتقال جميع المطلوبين، والقضاء على عدد من المخربين".

وأشار الجيش إلى إصابة ستة جنود خلال العملية، بينهم ثلاثة إصاباتهم خطيرة، لافتا إلى نقل المصابين لتلقي العلاج في المستشفى.

وأكد الجيش أن قواته "منتشرة في المنطقة، وستواصل العمل ضد أي تهديد يستهدف إسرائيل ومواطنيها".

ولاحقا، قال الجيش إن قواته "اعتقلت ثلاثة مخربين يشتبه في ضلوعهم بمخططات إرهابية"، مشيرا إلى أن القوات "خاضت اشتباكًا من مسافة قريبة وجهاً لوجه مع مخربين وقضت عليهم".

وبث الجيش صورا ومقاطع فيديو ليلية قال إنها "مشاهد من كاميرات الجسم" خلال الاشتباك في بلدة بيت جن، يسمع فيها أصوات إطلاق نار.

وأدانت وزارة الخارجية السورية القصف الإسرائيلي "الوحشي والمتعمد" على بلدة بيت جن، معتبرة أنه يشكل "جريمة حرب مكتملة الأركان".

وقالت الوزارة في بيان اليوم "إن سوريا تدين بأشد العبارات الاعتداء الإجرامي الذي قامت به دورية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي من خلال توغلها داخل أراضي بلدة بيت جن في ريف دمشق واعتدائها السافر على الأهالي وممتلكاتهم، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مباشرة نتيجة تصدي أهالي البلدة للدورية المعتدية وإجبارها على الانسحاب من الأراضي السورية".

وتابعت "أن إقدام قوات الاحتلال عقب فشل توغلها على استهداف بلدة بيت جن بقصف وحشي ومتعمد يشكل جريمة حرب مكتملة الأركان".

وحملت الخارجية السورية السلطات الإسرائيلية "المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الخطير، وما نجم عنه من ضحايا ودمار"، محذرة من "أن استمرار هذه الاعتداءات الإجرامية يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة".

وطالبت مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بالتحرك العاجل لوضع حد لـ"سياسة العدوان والانتهاكات المتكررة" الإسرائيلية، مؤكدة "أن سوريا ستواصل ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن أرضها وشعبها بكل الوسائل التي يقرها القانون الدولي".

من جانبه، أدان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، عبر صفحته على منصة (إكس) "الاعتداء الإسرائيلي"، محذرا من "أن استمرار الاعتداءات يشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن الإقليمي، ويستوجب موقفاً دولياً حازماً لوقف هذه الانتهاكات".

ودعا الشيباني الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والأمة العربية والإسلامية إلى تحمّل مسؤولياتهم إزاء الانتهاكات المتكررة، معتبرا "أن الصمت الدولي يشجع المعتدي على ارتكاب المزيد من الاعتداءات بحق المدنيين".

بدورها، أكدت نائب المبعوث الأممي إلى سوريا نجاة رشدي، في بيان عبر منصة (إكس) التزام الأمم المتحدة الراسخ بسيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، ودعت إلى الوقف الفوري لجميع هذه الانتهاكات.

ومنذ إسقاط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، شن الجيش الإسرائيلي مرارا وتكرارا غارات جوية على مواقع عسكرية ومراكز أبحاث علمية ومستودعات أسلحة في سوريا، وتوغلت قواته في المنطقة العازلة وفي عدة نقاط في جنوب سوريا.