يبدو أن إسرائيل تعيش حالة تخبط وإرباك بعد بيان "حزب الله" الذي أقر بالهجوم الإسرائيلي عليه في منطقة جنتا بالبقاع اللبناني، فالجيش الإسرائيلي وُضع في حالة تأهب على امتداد الحدود الشمالية مع لبنان، وعزز قواته العسكرية في المستوطنات، وطلب من مستوطنيه عدم الاقتراب من السياج الحدودي، تحسباً لردّ "حزب الله" على الغارة الجوية التي استهدفت موقعاً له في البقاع اللبناني الاثنين الماضي .
ويعتبر اعتراف حزب الله وتأكيد مصدر رسمي إسرائيلي لمجلة "تايم" الأميركية للغارة الجوية بمثابة "تحولاً تكتيكياً واستراتيجياً"، حيث توعد "حزب الله" بأن العدوان لن يبقى بلا رد، وان المقاومة ستختار الزمان والمكان المناسبين والوسيلة المناسبة لذلك، معتبراً ان ما جرى اعتداء صارخ على لبنان وسيادته وليس على المقاومة فقط.
الغارة الخاطفة التي شنها الطيران الحربي الإسرائيلي لم تنجل بعد كامل فصولها، لأن تداعياتها لم تنته، والهدوء الذي حافظ عليه "حزب الله" طيلة الفترة الماضية قد لا يطول، وهذا يعني أن حسابه المفتوح مع تل أبيب ربما قد فاض كأسه، لذلك "إسرائيل" تأخذ هذا التهديد على محمل الجد، لكنها تجهل كيف سينفذ حزب الله تهديداته بالرد، فهل سيقصف اهدافا في العمق الاسرائيلي بالصواريخ، ام انه سيقدم على تفجير سفارات اسرائيلية او اغتيال مسؤولين اسرائيليين في الخارج.
وتأتي الغارة في خضم فوضى التسريبات عن إمكانية القيام بعملية عسكرية واسعة من الجبهة الجنوبية والقرار الأميركي السعودي بفتحها بحسب تقارير صحفية، ومن المرجح ان تشترك فيها طائرات اسرائيلية بدون طيار، ومجموعات "كوماندوس" حيث تقوم اسرائيل بمناورات على الجبهة مع لبنان بعد وقت قصير من انتهاء المناورات الاطلسية على الحدود الاردنية.
حتى الآن، تم الحفاظ بشكل صارم على هذا التوازن الهش، الذي يمكن أن ينكسر في أي لحظة، وقد يكون البديل بمثابة حرب شاملة لن تكون كسابقاتها لأنها ستطال عدة جبهات (إيران وسوريا وحزب الله وغزة، وسترسم خارطة المنطقة من جديد، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تنامي القوة العسكرية لـ"حزب الله" بعد وصول صواريخ “ياخونت” الروسية البحرية المتطورة، الامر الذي سيشكل تهديدا كبيرا لسلاح البحرية الاسرائيلي ويشله بالكامل.
لقد فاض الكيل بـ" حزب الله"، وبلغ السيل الزبى مع تزايد الهجمات والاستهداف المتواصل من اسرائيل، وتعالت المطالبات بعد هذه الغارات تطالب بالرد والانتقام، وتنفيذ ما توعد به حزب الله من رد، لأن "اللعب بالنار" اليوم بات علنياً، وهذا من شأنه أن يعطي الحزب شرعية مزدوجة لمهاجمة "إسرائيل" دفاعاً عن نفسه، ومفاوضة الحكومة اللبنانية على الاحتفاظ بسلاحه للدفاع عن بلاده.
لا نجادل مطلقا بان "حزب الله" مطالب اليوم بالردّ على الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على سورية ولبنان، ولا بد من وضع حد لها باي شكل من الاشكال فقد طفح الكيل، وعلى هذا الأساس فإن خيار المواجهة أصبح أقرب للتنفيذ، وبات يطرح الآن بقوة، فإسرائيل تلعب بالنار ويجب أن تدفع ثمنا غاليا في نهاية المطاف، فليس أمام حزب الله والمقاومة ما تخسره وربما يكون ما هو قادم من ايام أفضل حالا للمقاومة والأمة الاسلامية فمن وسط الدمار ستخرج النبتة الطيبة، نبته الكرامة والمقاومة وليس هذه ببعيد.