هل ينجح أوباما في الضغط على "أزعر الحارة"...؟؟؟

بقلم: راسم عبيدات

يقال في المأثور الشعبي "يا فرعون مين فرعنك" قال "ما لقيت حدا يردني"،وهذا حال نتنياهو وحكومته دولتهم نشأت على أساس العنصرية وإنكار الآخر،واعتبار كل شيء مباح ومستباح لهم،فهم مهما خرقوا القانون والأعراف والمواثيق والاتفاقيات الدولية،هناك من يوفر لهم المظلة والحماية في وجه أية قرارات او او عقوبات قد تتخذ او تفرض عليهم في المؤسسات الدولية نتيجة خرقهم واستباحتهم للقانون الدولي،وهذا الدعم اللامحدود امريكياً واوروبيا غربياً جعل اسرائيل وزعاماتها يتصرفون ك"ازعر الحارة" يعملون ما يحلو لهم ما دام هناك لا حساب ولا عقاب،بل مدح وتمجيد لما يقومن به.ولذلك وجدنا بأن مهمة كيري وصلت الى طريق مسدود واضحت في مهب الريح،فالمواقف الفلسطينية والإسرائيلية من التسوية ما زالت متباعدة،واسرائيل تريد فقط من المفاوضات فرض الوقائع والحقائق الجديدة على الأرض،وهي اعترفت بشكل رسمي بأن الاستيطان قد تزايد في 2013 بنسبة 123%،وهذا يعني بالملموس بأن اسرائيل وحكومتها تقوضان وتمنعان أي فرصة وأي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967،فهي ما زالت ممسكة في المفاوضات بمواقفها وخياراتها،إستمرار ومواصلة الإستيطان،واعتبار القدس عاصمة أبدية لدولة الإحتلال،بل لكل يهود العالم،والإحتفاظ بالكتل الإستيطانية الكبرى،وإعتراف فلسطيني بيهودية الدولة،وعدم العودة لحدود الرابع من حزيران،والاحتفاظ بوجود عسكري ومدني في الأغوار،وبالمقابل حتى اللحظة فالطرف الفلسطيني يقول بشكل واضح دولة فلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 ،وقبول تبادل متساو للأراضي ولا اعتراف بيهودية الدولة والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة ولا تواجد عسكري ومدني اسرائيلي في الأغوار،ولا تنازل عن حق العودة.
تلك المواقف المتباعدة التي سيحاول اوباما في لقاءاته في واشنطن جسرها بين الطرفين،لكي يتمكن من إخراج اتفاق اطار ينقذ الجهود الأمريكية،التي بات واضحاً أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة،فهناك قضايا كبيرة وجدية تواجه واشنطن الان تتقدم على القضية الفلسطينية،فالتطورات في أوكرانيا وفي سوريا،لها الألوية،حيث الروس يرفضون المقايضة في القضيتين الأوكرانية والسورية،ويقولون بشكل واضح بأن تلك القضيتين،هما امن قومي بالنسبة لروسيا،والقوات الروسية فعلا دخلت الى منطقة القرم،ليس فقط من اجل حماية الأوكران من أصل روسي،بل لكون أوكرانيا الشرقية تشكل امن قومي لروسيا،فيها خطوط الغاز ومصانع الأسلحة الروسية،وهي مطلة على شواطىء البحر الأسود،ودخولها متسلحة بشكل شرعي بطلب الحكومة الأوكرانية الروس بالتدخل لإعادة الأمور الى ما كانت عليه،وكذلك دعم روسي عسكري كبير لسوريا والتي يحقق جيشها انجازات جدية على الأرض،وهي المنفذ الروسي الوحيد على البحر المتوسط.
مسألة الإستعصاء على جبهة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية ستكون مطروحة للحل بشكل جدي عندما تنضج ظروف التسوية بين موسكو وواشنطن،ولكن قبل نضوجها فإن الأمور والسيناريوهات المتوقعة،لكي يتمكن الأمريكان من إنقاذ مشروعهم والمفاوضات من الفشل،وصوغ اتفاق اطار غير ملزم،يمهد لتمديد المفاوضات،هي قيام أمريكا بالضغط على الجامعة العربية من اجل الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل،وحينها يكون الاعتراف الفلسطيني حاصل تحصيل،ولكن اسرائيل هي تريد اعتراف فلسطيني واضح وصريح قبل الإعتراف العربي او حتى الإعتراف الأممي بها،فحتى لو توجهت للأمم المتحدة للإعتراف بيهودية دولتها،فمطلوب منها تحديد حدود دولتها،وهو لا يشكل لها نصراً او مكسبا دون الاعتراف الفلسطيني،وهذا يذكر بما اشترطته اسرائيل للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، ان يجري تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني وتحقق لها ما ارادت في جلسة عقدت في غزة لهذا الغرض في عام 1996 .
أمريكا ستستجمع كل اوراق الضغط والإبتزاز على الطرف الفلسطيني على اعتبار انه الطرف الأضعف،وقوة ضغطها على الطرف الإسرائيلي محدودة،فهي ستستعين بالعرب وبأموالهم لممارسة الضغوط على الطرف الفلسطيني لتقديم تنازلات تتيح اخراج المشروع الأمريكي الى حيز التنفيذ،فالإستعصاء في هذا الملف سيضيف لمتاعب واشنطن المزيد المزيد،فهي حركت القضية الأوكرانية في وجه الروس،لتجبرهم على تقديم تنازلات في سوريا،ولكن واضح بأن روسيا لم تأبه لا بالتهديدات الأمريكية ولا الأوروبية الغربية،فدخلت الى جزيرة القرم،وهي تقول للأمريكان والأوروبيين بان أي تقسيم لأوكرانيا سيتبعه تقسيم خمس بلدان اوروبية غربية على اساس عرقي ومذهبي،ولذلك لا اعتقد بان اوروبا الغربية مستعدة لذلك هي وامريكا،ومن المرجح ان يكون هناك "جينفان" للقضيتين الأوكرانية والسورية في وسط نيسان،ربما يصبح الملف الفلسطيني،جزء من التسويات المطروحة،اذا ما فشلت الجهود الأمريكية،والتي اظن بان نسبة نجاحها متدنية جداً.
ولذلك يصبح من الملح والضروري اذا ما فشل أوباما في الضغط على "ازعر الحارة" من اجل تقديم تنازلات جدية وحقيقة تلامس الحدود الدنيا من الحقوق المشروع للشعب الفلسطيني،فإن الطرف الفلسطيني،عليه
أن يعيد قراءاته وخياراته واولوياته،ويدرس كل الإحتمالات والخيارات على ضوء هذا الفشل،فلم يعد من المجدي عدم الذهاب الى المؤسسات الدولية من اجل إستكمال عضوية فلسطين في مؤسساتها،ورفع قضايا أمام المحاكم الدولية ضد اسرائيل على إستمرار إحتلالها وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني بكافة الأشكال والعناوين.
القدس- فلسطين
5/3/2014
0524533879
[email protected]