احباط وانزعاج مبطن يلف موظفي حكومة غزة بسبب الرواتب!

لم يتلقوا موظفو حكومة غزة التي تدرها حركة حماس رواتبهم الشهرية منتظمة منذ 11 شهرا، فبالكاد يحصلون كل فترة طويلة تصل الى 50 يوما على سلفة مالية تقدر بـ 280 دولار امريكي وبالعملة المتداولة بغزة 1000 شيقل اسرائيلي، هذا الحال لم يجد أي صدى لدى المسؤولين في الحكومة التي هي نفسها تعاني أوضاع قاسية بفعل الحصار المفروض على قطاع غزة من كل الجهات .

وسط حالة من الصمت والحسرة يواصل الموظفون شق طريقهم الى عملهم مزاحمون الديون التي اثقلت كاهل كل موظف يكتوي بنار اخر الشهر الذي ينتظره لمدة طويلة داعيا ربه بكل خشوع وصدق ان يجد ضالته في هذا الشهر.

ام رامي وهي موظفة حكومية لها طفلين تقول، "انا استدين من حماتي المواصلات كل يوم بسب تأخر الرواتب اتمنى ان يشعر بنا الوزراء".

وتضيف ام رامي لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، والتي تأكدت مليا عدم وجود احد بجوارنا اثناء الحديث في موقع عملها وسط القطاع" لو حماتي مش كويسة كان زمان(...)الحياة صعبة والوضع لا يحتمل اكثر، حتى الحديث عن الرواتب اصبح امرا مزعجا وتذكره اكثر ازعاجا".

ويجد موظفو حكومة غزة حرجا كبيرا في الحديث عن تأخر صرف الرواتب لرؤساء اعمالهم، خشية من تعرضهم للمساءلة وانهم لا يلتزمون بالصبر ،"هذا الصبر الذي اوقع كل ذي ضيق في حرج نفسي ومادي كبير"، حسب رائد عكاشة من بلدة جباليا شمال القطاع.

في ظل هذه الاوضاع، يرون ان الحالة السيئة للعلاقة بين حكومتهم والجارة مصر كان لها اثر كبير على قطاع غزة من خلال هدم انفاق التهريب الرابطة بين صحراء سيناء وغزة والتي كانت تمثل المورد الرئيسي للحكومة كباب للتغلب على الحصار الاسرائيلي المفروض على القطاع منذ 2007.

السيدة عفاف (34عاما)  متزوجة ولها 5 اطفال تروي لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" تفاصيل معاناتها وتقول "زوجي موظف في حكومة غزة، يتم خصم عنه قرابة 70% من راتبه، وانا من المفترض ان يتم رفع علاوتي ولم تحصل بعد، نحن كنا نامل ان نبتاع شقة سكنية والخروج من منزل العائلة، ولكن الوضع هنا قاهر وصعب لا رواتب لا عمل لا سلف حتى وان وجدت لا تسطيع ان تفعل بها غير جعلها للمواصلات هذا امر محبط للغاية، لا ادري ماذا افعل، لو تحدثنا يعتبروا ذلك حراما"، وتقول السيدة عفاف متحسرة "انا لا ادري ما هو الحرام الصحيح".

اما البائع المتجول احمد الراعي من بيت لاهيا شمال القطاع فيقول لمرسلنا " رواتب حماس لا تحرك السوق ابدا، وكأنهم لم يتلقوا رواتب(..)الناس صار وضعها صعب يجب ان يكون هناك حل، لان صاحب المسؤولية يجب ان يتحلى بقدرة على حل الصعاب المالية للناس والا يجب ان يذهب ويأتي غيره اكثر كفاءة". حسب قوله.

اما الموظف محمد والذي يعمل في احد المراكز الامنية شمال غزة يقول " نعم هذا وضع صعب، علينا التزامات ومصاريف كثيرة، يجب علينا ان نصبر لان الحكومة ايضا لا يعجبها هذا الحال، هي تمر بأزمة مالية بسبب الحصار من عدة جهات، نأمل ان ينتهي بأسرع وقت، وهذا ما لا نراه، مع ذلك يجب ان نتحلى بصبر اكبر حيال ذلك، وربنا يصبر كل صاحب هم على همه".

وعن هذا الأمر تحدث المحلل والكاتب الفلسطيني هاني حبيب لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، قائلا" تشير تصريحات قادة حماس ان هناك ازمة مالية تبرر بالحصار ما اعاق الايرادات المالية التي  تحصل عليها من خلال انفاق التهريب، مما يجعلها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها، حسب ما تقول، لذلك من الصعب ان نرى حلا لمشكلة الرواتب لحكومة حماس، هذا امر مؤسف للغاية".
وحول سوء وضع الموظفين  في حكومة غزة الاخذ في التفاقم، قال حبيب "اعتقد ان هذا السؤال منطقي،  لكن ليس هناك من بدائل امام هؤلاء الموظفين بسبب الانقسام، ونتيجة غياب دور الفصائل وتأثيرها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية وهو ما يلقي بظلاله على الموظفين حيث لا يستطيعوا عمل أي شيء حيال هذا الامر، ما يستطيعون فعله هو محاولة الصمت والصبر المبطن".

"وكالة قدس نت للأنباء" حاولت اكثر من مرة الحديث عبر الهاتف عن هذا الامر مع عدد من المسؤولين بحكومة غزة من بينهم نائب رئيس الوزراء ووزير المالية زياد الظاظا ولكن لم يجب احد منهم على الهاتف.

وكانت نقابة موظفي القطاع العام في حكومة غزة طالبت في بيان صدر عنها  الاثنين الماضي "الحكومة بدفع رواتب الموظفين المتأخرة منذ عدة اشهر."

وقالت النقابة في بيان صحفي "اننا في نقابة الموظفين في القطاع العام نؤكد تفهمنا للضائقة المالية التي تمر بها الحكومة في ظل هذا الحصار الظالم ، اننا نطالب الحكومة بدعم برنامج يعــزز صمود الموظف وذلك بالاسراع ما امكن بصرف الرواتب المتأخرة".

وكان زياد الظاظا نائب رئيس وزراء حكومة غزة قال الاسبوع الماضي ان حكومته "تمر بضائقة مالية وليست ازمة" موضحا ان "الرواتب الشهرية لموظفي الحكومة تبلغ 136 مليون شيكل يتم دفع 97 مليون شيكل منها للموظفين والباقي يتم تحويلها الى مستحقات الموظف".

ودعت النقابة في بيانها الى "تشكيل لجنة لادارة الازمة تضم نقابة الموظفين ووزارة المالية وديوان الموظفين وباشراف من المجلس التشريعي، واعتماد نظام المقاصة من مستحقات الموظفين (المتراكمة) مثل تغطية فواتير الهاتف الجوال والهاتف وفواتير الكهرباء والمياه ومرابحات (قروض) البنوك واقساط الشقق الحكومية وتراخيص السيارات".

واضاف البيان "نثمن دور الحكومة في تحدي كل المؤامرات الداخلية والخارجية التي تهدف لاخضاعها والنيل من صمود شعب غزة وندرك جيدا ان الثمن المطلوب منا جميعا هو تقديم التنازل عن الحقوق والثوابت في مقابل فك الحصار،لكننا في ذات الوقت نتفهم وبشكل عميق ايضا معاناة موظفي القطاع العام الذين فقدوا مقومات الحياة الكريمة بتأخر صرف رواتبهم".

واكد موظفون في حكومة غزة انهم لم يتلقوا رواتب شهرية كاملة منذ اربعة اشهر. ويبلغ عدد موظفي حكومة غزة 46 الف موظف، وفق بيانات رسمية.

تقرير / يـوسـف حـمـاد

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء -